آيات من القرآن الكريم

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (١١١) وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (١١٢) وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١١٣)
شرح الكلمات،:
هاجروا: أي إلى المدينة.
من بعدما فتنوا: أي فتنهم المشركون بمكة فعذبوهم حتى قالوا كلمة الكفر مكرهين.
إن ربك من بعدها: أي من بعد الهجرة والجهاد والصبر على الإيمان والجهاد.
لغفور رحيم: أي غفورٌ لهم رحيم بهم.
يوم تأتي: أي اذكر يا محمد يوم تأتي كل نفسٍ تجادل عن نفسها.
مثلاً قرية: هي مكة.
رزقها رغداً: أي واسعاً.
فكفرت بأنعم الله: أي بالرسول والقرآن والأمن ورغد العيش.
فأذاقها الله لباس الجوع: أي بسبب قحطٍ أصابهم حتى أكلوا العهن لمدة سبع سنين.
والخوف: حيث أصبحت سرايا الإسلام تغزوهم وتقطع عنهم سبل تجارتهم.
معنى الآيات:
بعدما ذكر الله تعالى رخصة كلمة الكفر عند الإكراه وبشرط عدم انشراح الصدر بالكفر ذكر مخبراً عن بعض المؤمنين، تخلفوا عن الهجرة بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أرادوا الهجرة منعتهم قريش وعذبتهم حتى قالوا كلمة الكفر، ثم تمكنوا من الهجرة فهاجروا وجاهدوا

صفحة رقم 161

وصبروا فأخبر الله تعالى عنهم بأنه لهم مغفرته ووحمته، فلا يخافون ولا يحزنون فقال تعالى ﴿ثم إن ١ربك﴾ أيها الرسول ﴿للذين هاجروا٢ من بعدما فتنوا﴾ أي عُذِّبوا ﴿ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من٣ بعدها لغفورٌ رحيم﴾ أي غفورٌ لهم رحيمٌ بهم.
وقوله تعالى: ﴿يوم٤ تأتي كل نفس تجادل عن نفسها﴾ أي اذكر ذلك واعظاً به المؤمنين أي تخاصم طالبةً النجاة لنفسها ﴿وتوفى كل نفسٍ ما عملت﴾ أي من خير أو شر ﴿وهم لا يظلمون﴾ لأن الله عدلٌ لا يجور في الحكم ولا يظلم. وقوله تعالى: ﴿وضرب الله مثلاً قرية٥﴾ أي مكة ﴿كانت آمنة﴾ من غارات الأعداء ﴿مطمئنة﴾ لا ينتابها فزعٌ ولا خوف، لما جعل الله تعالى في قلوب العرب من تعظيم الحرم وسكانه، ﴿يأتيها رزقها رغداً﴾ أي واسعاً ﴿من كل٦ مكان﴾ حيث يأتيها من الشام واليمن في رحلتيهما في الصيف والشتاء ﴿فكفرت بأنعم الله﴾ وهي تكذيبها برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنكارها للتوحيد، وإصرارها على الشرك وحرب الإسلام ﴿ (فأذاقها الله لباس الجوع﴾ فدعا عليهم الرسول اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف السبع الشداد، فأصابهم القحط سبع سنوات فجاعوا حتى أكلوا الجِيفْ والعهن، وأذاقها لباس الخوف إذ أصبحت سرايا الإسلام تعترض طريق تجارتها بل تغزوها في عقر دارها، وقوله تعالى ﴿بما كانوا يصنعون٧﴾ أي جزاهم لله بالجوع والخوف بسبب صنيعهم الفاسد وهو اضطهاد المؤمنين بعد كفرهم وشركهم وإصرارهم على ذلك. وقوله تعالى: ﴿ولقد جاءهم رسولٌ منهم﴾ هو محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿فكذبوه﴾ أي جحدوا رسالته وانكروا نبوته وحاربوا دعوته ﴿فأخذهم العذاب﴾ عذاب الجوع والخوف والحال أنهم ﴿ظالمون﴾ أي مشركون وظالمون لأنفسهم حيث عرضوها

١ لمّا كانت الهجرة لله ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرن الله تعالى اسمه مع اسم نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ﴿ (ثم إن ربك﴾ أي بمغفرته ورحمته للذين هاجروا.
٢ هاجروا أولا إلى الحبشة ثم إلى المدينة النبوية.
٣ أي: من بعد الحال التي كانت أيام تعذيبهم وفتنتهم على يد المشركين.
٤ جائز أن يكون الظرف متعلقاً بقوله: ﴿لغفور رحيم﴾ وجائز أن يكون معمولاً لفعل محذوف تقديره: اذكر ومعنى تجادل: تخاصم وتحاج عن نفسها وفي الحديث: "أن كل نفس يوم القيامة تقول: نفسي نفسي" لشدة الهول.
٥ هي مكة وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد دعا على أهلها فقال: "اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف" فابتلوا بالقحط حتى أكلوا العظام.
٦ من البرّ والبحر، هذا كقوله تعالى: ﴿يجبى إليه ثمرات كل شيء﴾.
٧ وقيل: إنّ القرية هذه هي المدينة قالت هذا حفصة وعائشة زوجتا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك لما قتل عثمان واشتد البلاء بأهل المدينة وعموم الآية ظاهر، وكونها مكة أظهر.

صفحة رقم 162

بكفرهم إلى عذاب الجوع والخوف.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- فضل الهجرة والجهاد والصبر، وما تكفر هذه العبادات من الذنوب وما تمحو من خطايا. ،
٢- وجوب التذكير باليوم الآخر وما يتم فيه من ثوابٍ وعقاب للتجافي عن الدنيا والإقبال على الآخرة.
٣- استحسان ضرب الأمثال من أهل العلم.
٤- كفر النعم بسبب زوالها والانتقام من أهلها.
٥- تكذيب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ما جاء به، ولو بالإعراض عنه وعدم العمل به يجر البلاء والعذاب.
فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (١١٥) وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١٧) وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٨)

صفحة رقم 163
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية