آيات من القرآن الكريم

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ
ﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

هذا مثل أريد به أهل مكة؟ فإنها كانت آمنة مطمئنة مستقرة يتخطف الناس من حولها، ومن دخلها كان آمناً لا يخاف، كما قال تعالى :﴿ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا ﴾ [ القصص : ٥٧ ]، وهكذا قال هاهنا ﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً ﴾، أي هنيئاً سهلاً، ﴿ مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله ﴾ أي جحدت آلاء الله عليها وأعظمها بعثة محمد ﷺ إليهم، كما قال تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ البوار * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القرار ﴾ [ إبراهيم : ٢٨-٢٩ ] ولهذا بدلهم الله بحاليهم الأولين خلافهما فقال :﴿ فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف ﴾ أي ألبسها وأذاقها الجوع بعد أن كان يجبى إليها ثمرات كل شيء ويأتيها رزقها رغداً من كل مكان، وذلك أنهم استعصوا على رسول الله ﷺ وأبو إلا خلافه، فدعا عليهم بسبع كسبع يوسف، فأصابتهم سنة أذهبت كل شيء لهم، فأكلوا العلهز، وهو وبر يخلط بدمه إذا نحروه. وقوله :﴿ والخوف ﴾ وذلك أنهم بدلوا بأمنهم خوفاً من رسول الله ﷺ وأصحابه، حين هاجروا إلى المدينة من سطوته وسراياه وجيوشه، وجعل كل ما لهم في دمار وسفال، حتى فتحها الله على رسوله، ﷺ وذلك بسبب صنيعهم وبغيهم وتكذيبهم الرسول ﷺ الذي بعثه الله فيهم منهم وامتن به عليهم في قوله :﴿ لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المؤمنين إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [ آل عمران : ١٦٤ ] الآية. وهذا الذي قلناه من أن هذا المثل ضرب لأهل مكة قاله ابن عباس، وإليه ذهب مجاهد وقتادة والزهري رحمهم الله.

صفحة رقم 1400
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية