آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ

﴿الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون﴾ ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمّيَّ﴾ يعني محمداً ﷺ وفي تسميته بالأمي ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه لا يكتب. الثاني: لأنه من أم القرى وهي مكة. الثالث: لأن من العرب أمة أمية. ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبَاً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ﴾ لأن في التوراة في السفر الخامس: إني سأقيم لهم نبياً من إخوتهم مثلك، واجعل كلامي في فيه فيقول لهم كل ما أوصيته به. وفيها: وأما ابن الأمة فقد باركت عليه جداً جداً وسأدخره لأمة عظيمة. وفي الإنجيل بشارة بالفارقليط في مواضع: يعطيكم فارقليط آخر يكون معكم الدهر كله. وفيها قول المسيح للحواريين: أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه، إنه نذيركم يجمع بين الحق ويخبركم بالأمور المزمعة ويمدحني ويشهد لي. فهذا تفسير ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾. ثم قال: ﴿يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ﴾. وهو الحق. ﴿وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الُْنكَرِ﴾ وهو الباطل وإنما سمي الحق معروفاً لأنه معروف الصحة في العقول، وسمي الباطل منكراً لأنه منكر الصحة في العقول.

صفحة رقم 268

ثم قال: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّباتِ﴾ يعني ما كانت الجاهلية تحرمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام. ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ﴾ يعني ما كانوا يستحلونه من لحم الخنزير والدماء. ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أنه عهدهم الذي كان الله تعالى أخذه على بني إسرائيل. والثاني: أنه التشديد على بني إٍسرائيل الذي كان في دينهم من تحريم السبت وتحريم الشحوم والعروق وغير ذلك من الأمور الشاقة، قاله قتادة. ﴿والأَغْلاَلَ التَّي كَانَتْ عَلَيهِمْ﴾ فيها تأويلان: أحدهما: أنه الميثاق الذي أخذه عليهم فيما حرمه عليهم، قاله ابن أبي طلحة. والثاني: يعني ما بيَّنه الله تعالى في قوله: ﴿غُلَّتْ أَيْدِيِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٤]. ﴿فَالَّذِينَ أَمَنُوا بِهِ وعَزَّرُوهُ... ﴾ فيه وجهان: أحدهما: يعني عظموه، قاله علي بن عيسى. والثاني: منعوه من أعدائه، قاله أبو جعفر الطبري. ومنه تعزير الجاني لأنه يمنعه من العود إلى مثله. ﴿وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾ يعني القرآن، آمنوا به من بعده فروى قتادة أن نبي الله ﷺ قال لأصحابه: (أَيُّ الخَلْقِ أَعْجَبُ إِلَيكُم إِيماناً؟) قالوا: الملائكة فقال نبي اللَّه (ص): (المَلائِكةُ عِندَ رَبِّهم فَمَا لَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ.) فقالوا: النبيون، فقال: (يُوحَى إِلَيهِم فَمَا لَهُم لاَ يُؤْمِنُونَ) قالوا: نحن يا نبي الله. فقال (أَنَا فِيكُم فَمَا

صفحة رقم 269

لَكُم لاَ تُؤْمِنونَ، ) فقالوا: يا نبي الله فمن هم؟ قال: (هُم قَومٌ يَكُونُونَ بَعْدَكُم يَجِدُونَ كِتاباً فِي وَرَقٍ فَيُؤُمِنُونَ بِهِ) فهو معنى قوله: ﴿وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ﴾.

صفحة رقم 270
النكت والعيون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن محمد بن محمد البصري الماوردي الشافعي
تحقيق
السيد بن عبد الرحيم بن عبد المقصود
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت / لبنان
عدد الأجزاء
6
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية