
هُمْ بِآياتِنا
اى بجميع كتبنا يُؤْمِنُونَ لا يكفرون بشئ منها ولما كان شريعة موسى عليه السّلام فى علم الله تعالى منسوخة نبه الله تعالى على ذلك وحثهم على اتباع خاتم النبيين وقال.
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ مبتدأ خبره يأمرهم او خبر مبتدأ تقديره هم الذين او بدل من الذين يتقون بدل البعض او الكل سماه رسولا بالاضافة الى الله تعالى ونبيا بالاضافة الى العباد الْأُمِّيَّ يعنى محمدا صلى الله عليه واله وسلم منسوب الى الام يعنى هو على ما ولدته امه لم يكتب ولم يقرأ قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انا امة امية لا نكتب ولا نحسب الحديث متفق عليه عن ابن عمر وصفه الله به تنبيها على ان كمال علمه مع حاله أحد معجزاته وقيل منسوب الى الامة لكثرة أمته عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انا اكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة وانا أول من يقرع باب الجنة رواه مسلم أصله أمتي فسقطت التاء فى النسبة كما فى المكي والمدني وقيل هو منسوب الى أم القرى يعنى مكة وبهذا الكلام خرج من هذا الحكم من بنى إسرائيل الذين أدركوا النبي صلى الله عليه واله وسلم ولم يؤمنوا وبقي فى الحكم من لم يدرك زمن...... النبي صلى الله عليه واله وسلم لانه ما تفرق الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءتهم البينة اخرج ابن حبان عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان لكل نبى يوم القيمة منبرا من نور وانى على أطولها وانورها فيجئى مناد ينادى اين النبي الأمي فيقول الأنبياء كلنا نبى أمي فالى أينا أرسل فيرجع الثانية فيقول اين النبي الأمي العربي فينزل محمد صلى الله عليه واله وسلم حتى يأتي باب الجنة فيقرعه فيقال من فيقول محمد واحمد فيقول أوقد أرسل اليه فيقول نعم فيفتح له فيتجلى له الرب ولا يتجلى بشئ قبله فيخر لله ساجد او يحمده بمحامده لم يحمده بها أحد بعد فيقال ارفع راسك وتكلم واشفع تشفع هذا الحديث يدل على ان الأمي مشتق من الامة حتّى يصح قولهم كلنا نبى أمي اى ذى امة وخص النبي صلى الله عليه واله وسلم بهذا الاسم لكثرة أمته الَّذِي يَجِدُونَهُ اى بنو إسرائيل مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ اسما وصفة عن انس ان غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلى الله عليه واله وسلم فمرض فاتاه النبي صلى الله عليه واله وسلم فوجد أباه عند راسه يقرأ التورية فقال له رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يا يهودى أنشدك بالله الذي انزل التورية على موسى

هل تجد فى التورية نعتى وصفتى ومخرجى قال لا قال الفتى بلى والله يا رسول الله انا نجد لك فى التورية نعتك وصفتك ومخرجك وانى اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اقيموا هذا من عند راسه وولوا أخاكم وعن على رضى الله عنه ان يهوديا كان له على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم دنانير فتقاضى النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال له يا يهودى ما عندى ما أعطيك فقال انى لا أفارقك يا محمد حتى تعطينى فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا اجلس معك فجلس معه فصلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة والغداة وكان اصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يتهددونه ويتواعدونه ففطن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالذي يصنعون به فقالوا يا رسول الله يهودى يحبسك فقال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم منعنى ربى ان اظلم معاهدا وغيره فلما ترجل «١» النهار قال اليهودي اشهد ان لا اله الا الله واشهد انك رسول الله وشطر مالى فى سبيل الله اما والله ما فعلت بك الذي فعلت بك الا لا نظر الى نعتك فى التورية محمد بن عبد الله مولده بمكة ومهاجره بطيبة وملكه بالشام ليس بفظ «٢» ولا غليظ ولا سخاب «٣» فى الأسواق ولا متزى بالفحش ولاقوال للخنا اشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله وهذا مالى فاحكم فيه بما أراك وكان اليهودي كثير المال روى الحديثين البيهقي فى دلائل النبوة وعن عطاء بن يسار قال لقيت عبد الله بن عمرو بن
العاص قال قلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى التورية قال أجل والله انه لموصوف فى التورية ببعض صفته فى القران يا ايها النبي انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا الأميين أنت عبدى ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب فى الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن نقبضه حتى نقيم به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله ونفتح بها أعينا عمياء واذانا صماء وقلوبا غلفاء رواه البخاري وعن عطاء بن يسار عن ابن سلام نحوه رواه الدارمي وعن كعب الأحبار يحكى عن التورية قال نجد مكتوبا محمد رسول الله عبدى المختار لافظ ولا غليظ ولا سخاب فى الأسواق ولا يجزئ بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر مولده بمكة وهجرته بطيبة وملكه بالشام وأمته الحمادون يحمدون الله
(٢) فظ سيئى الخلق ١٢
(٣) السخب الصياح ١٢

فى السراء والضراء يحمدون الله فى كل منزله ويكبرونه على كل شرف رعاة للشمس يصلون الصلاة إذا جاء وقتها يتبارزون على اتصافهم ويتوضؤن على أطرافهم مناديهم ينادى فى جو السماء صفهم فى القتال وصفهم فى الصلاة سواء لهم بالليل دوى كدوى النحل رواه البغوي بسنده فى معالم التنزيل وذكره فى المصابيح ورواه الدارمي مع تغيير يسير وعن عبد الله ابن سلام رضى الله عنه قال مكتوب فى التورية صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه رواه الترمذي قال ابو مودود وقد بقي فى البيت موضع قبر يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يعنى ما يعرف حسنه شرعا وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ يعنى ما ينكره الشرع والعقل السليم والطبع المستقيم من الشرك وكفر المنعم وعصيانه وقطع الأرحام وَيُحِلُّ لَهُمُ اى لبنى إسرائيل الطَّيِّباتِ التي حرم الله عليهم فى التورية جزاء لبغيهم كالشحوم ولحوم الإبل والتي حرم اهل الجاهلية على أنفسهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ كالدم والخمر والخنزير والميتة والربوا والرشوة وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ قرأ ابن عامر اصارهم على الجمع والباقون على الافراد واصل الإصر الثقل الذي يأصر اى يحبس صاحبه عن الحركة لثقله قال ابن عباس والحسن والضحاك والسدى ومجاهد يعنى العهد الثقيل الذي أخذ على بنى إسرائيل للعمل بما فى التورية قال قتادة يعنى التشديد الذي كان عليهم فى الدين وَالْأَغْلالَ يعنى الأثقال الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فى شريعة موسى عليه السلام مثل قتل النفس فى التوبة وقطع الأعضاء الخاطية وقرض النجاسة عن الثوب بالمقراض وتعيين القصاص فى القتل العمد والخطأ وتحريم أخذ الدية وترك العمل فى السبت وعدم جواز الصلاة فى غير الكنائس وغير ذلك من الشدائد التي تشبه بالاغلال التي تجمع الأيدي الى الأعناق فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ اى بالنبي الأمي محمد صلى الله عليه واله وسلم وَعَزَّرُوهُ اى عظموه بالتقوية وَنَصَرُوهُ لى على الأعداء وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ اى مع نبوته يعنى القران سماه نورا لانه باعجازه ظاهر امره مظهر غيره او لانه كاشف الحقائق مظهر لها ويجوز ان يكون معه متعلقا باتبعوا النور المنزل مع اتباع النبي فيكون اشارة الى اتباع الكتاب والسنة أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالرحمة الابدية الى هاهنا جواب لدعاء موسى عليه السلام قال البغوي قال نوف البكائى الحميرى اختار موسى قومه سبعين رجلا قال الله تعالى لموسى اجعل لكم الأرض مسجدا وطهورا تصلون حيث ادركتكم الصلاة
صفحة رقم 418