آيات من القرآن الكريم

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركين من اهل المشرق يريدون العمرة فقال اصحاب رسول الله ﷺ نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا فانزل الله تعالى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ قال البغوي قال ابن عباس وقتادة لا يحملنكم وقال الفراء لا يكسبنكم شنأن قوم اى قومكم من اهل مكة والشنآن مصدر بمعنى شدة البغض والعداوة أضيف الى المفعول او الفاعل قرأ ابن عامر وابو بكر بسكون النون الاولى والآخرون بفتحها وهما لغتان فى المصدر وجاز ان يكون نعتا على تقدير سكون النون بمعنى بغيض قوم فان المصادر أكثرها فعلان بفتح العين مثل الضربان والسيلان والنسلان وبالسكون فى النعت اكثر مثل السكران والندمان والرحمن أَنْ صَدُّوكُمْ قرأ ابن كثير وابو عمرو بكسر الهمزة على انه شرط معترض اغنى عن جوابه لا يجر منكم والباقون بفتح الهمزة بتقدير اللام اى لان صدوكم عن البيت عام الحديبية متعلق بشنأن قال البغوي قال محمد بن جرير هذه السورة نزلت بعد قصة الحديبية وكان الصدقة قد تقدم عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا عليهم بالقتال وأخذ الأموال وهذا ثانى مفعولى يجر منكم فانه يتعدى الى واحد والى اثنين ككسب وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ اى على امتثال امر الله تعالى وَالتَّقْوى اى الانتهاء عما نهى عنه كى يتقى نفسه عن عذاب الله وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ يعنى لا تعاونوا على ارتكاب المنهيات ولا على الظلم لتشفى صدوركم بالانتقام عن النواس بن سمعان الأنصاري قال سئل رسول الله ﷺ عن البر والإثم قال البر حسن الخلق والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس رواه مسلم فى صحيحه والبخاري فى الأدب والترمذي وعن ابى ثعلب قال قال رسول الله ﷺ البر ما سكنت اليه النفس واطمأن اليه القلب وان أفتاك المفتون رواه احمد قلت هذا الحديث خطاب لارباب النفوس المطمئنة والقلوب الزاكية وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فانتقامه أشد وخوف.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ هذا بيان لما يتلى عليكم والميتة ما فارقه الروح على حتف انفه اخرج ابن مندة فى كتاب الصحابة من طريق عبد الله بن جبلة بن حيان بن ابجر عن أبيه عن جده حيان بن الجر قال كنا مع رسول الله ﷺ وانا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة فانزل الله تحريم الميتة فاكفأت القدر قلت انما ذكرت هذا الحديث فى هذا المقام تبعا

صفحة رقم 19

الباب «١» النقول فى اسباب النزول والصحيح ان كون هذه القصة عند نزول هذه الاية اية المائدة محال لان هذه الاية اخر اية الاحكام نزولا كما سنذكر وحرمة الميتة كانت قبل الهجرة نزلت بمكة فى سورة الانعام فلا يمكن من الصحابي طبخ لحم الميتة بعد ذلك فالظاهر ان القصّة عند نزول اية التحريم فى الانعام قل لا أجد فيما اوحى الى والله اعلم وَالدَّمُ اى المسفوح منه بالإجماع وهو السائل وكان اهل الجاهلية يصيونها فى الأمعاء ويشربونها وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ انما خص اللّحم بالذكر مع كونه نجسا بجميع اجزائه بالنص والإجماع لانه معظم المقصود من الحيوان وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ والإهلال رفع الصوت وهو قولهم عند الذبح باسم اللّات والعزّى عن ابى الطفيل قال سئل على رضى الله عنه هل خصكم رسول الله ﷺ بشئ قال ما خصنا بشئ لم يعم به الناس الا ما فى قراب «٢» سيفى هذا فاخرج صحيفة فيها لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من سرق «٣» منار الأرض وفى رواية بلفظ من غيّر منار الأرض ولعن الله من لعن والده ولعن الله من آوى محدثا رواه مسلم (مسئلة:) يكره ان يذكر مع اسم الله عند الذبح شيئا غيره موصولا لا معطوفا مثل ان يقول عند الذبح بسم الله اللهم تقبل من فلان لكن لا يحرم ونظيره بسم الله محمد رسول الله بالرفع وان ذكر موصولا على وجه العطف والشركة نحو ان يقول بسم الله واسم فلان او بسم الله ومحمد رسول الله بالجرّ يحرم الذبيحة لانه اهل بها لغير الله ولا بأس بان يقول قبل التسمية قبل ان يضجع الذبيحة او بعد الذبح كما روى انه ﷺ قال بعد الذبح اللهم تقبل هذا عن امة محمّد عليه السلام ممن شهد لك بالوحدانية ولى بالبلاغ قد ذكر حرمة هذا الاربعة وما يتصل بها من المسائل فى سورة البقرة وَالْمُنْخَنِقَةُ التي ماتت بالخنق وَالْمَوْقُوذَةُ الوقذ الضرب الشديد وكانوا فى الجاهلية يقتلون البهيمة ضربا بعصا او حجر وَالْمُتَرَدِّيَةُ التي تردت اى سقطت من علو او فى بير فماتت بلا ذبح وَالنَّطِيحَةُ وهى التي نطحتها اخرى اى أصابتها بقرنها فماتت والتاء فيها للنقل من الوصفية الى الاسمية وَما أَكَلَ السَّبُعُ يعنى ما بقي «٤» من أكل السبع وماتت باكله بعضها وهذا يدل

(١) اسم كتاب فى اسباب النزول ١٢
(٢) القراب شبه الجواب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره ١٢ نهايه
(٣) المنار جمع منارة وهى العلامة ١٢ نهايه [.....]
(٤) ويمكن ان يقال ان ما أكله السبع المعلم الذي ذكر اسم الله عند إرساله فهو داخل فى المستثنى لانه ذكوة ضرورى ١٢

صفحة رقم 20

على ان جوارح الصيد كالكلب والفهد والباز والصقر إذا أكلت مما اصطادته لا يحل أكله إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ يعنى ما أدركتم ذكوته من هذه الأشياء واصل التذكية الإتمام يقال ذكت النار إذا تمت اشتعالها والمراد هاهنا الذبح فانه إتمام للحيوة قال فى الصحاح ذكيت الشاة اى ذبحتها وحقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خصّ فى الشرع بابطال الحيوة على وجه دون وجه انتهى كلامه قلت يعنى ابطال الحيوة بالذبح او النحر فى الخلق واللبة فى حالة الاختيار مع ذكر اسم الله تعالى وحده عليه عن ابى هريرة قال بعث رسول الله ﷺ نوفل بن ورقا الخزاعي على جمل أورق يصيح فى فجاج منى الا ان الذكوة فى الحلق واللبة رواه ابن الجوزي من طريق الدارقطني- (مسئلة:) فاذا جرح السبع او أكل شيئا منه وأدركته حيا فذبحته يحل أكله وهو المراد بقوله تعالى الا ما ذكيتم واماما صار بجرح السبع الى حالة المذبوح فهو فى حكم الميتة فلا يكون حلالا وان ذبحته وكذلك المتردية والنطيحة والموقوذة إذا أدركتها حية قبل ان يصير الى حالة المذبوح فذبحتها يكون حلالا والاستثناء إذا وقع بعد امور متعاطفة يرجع الى الاخيرة فقط عند ابى حنيفة رح وانما عرف حكم ما أدركته حيا بعد الخنق والوقذ والنطح والتردي وذبحته بالمقايسة ولا يمكن إرجاع الاستثناء الى الجميع لان المنخنقة اسم لما مات بالخنق وكذا أخواتها فلا يشتمل ذلك ما أدركته حيا وذبحته فلا يجوز الاستثناء- (مسئلة:) عروق الذبح الحلقوم اعنى مجرى النفس والمري اعنى مجرى العلف والماء والودجان وهما مجرى الدم فقال مالك رح يجب قطع هذه الاربعة وهو أحد قولى احمد رح وقال الشافعي رح واحمد رح يجزى فى الذكوة قطع الحلقوم والمري وقال ابو حنيفة رح ان قطع ثلثا منها اى ثلث كان يحل الاكل وبه كان يقول ابو يوسف رح اولا ثم رجع فقال لا بد من قطع الحلقوم والمري واحد الودجين وبه قال محمد رح فى رواية وعنه انه يعتبر اكثر كل من الأربع وهو رواية عن ابى حنيفة رح لان كل فرد منها اصل بنفسه وللاكثر حكم الكل ولابى يوسف رح ان المقصود من قطع الودجين انهار الدم فينوب أحدهما عن الاخر واما الحلقوم فيخالف المري فلابد من قطعهما وقال ابو حنيفة رح الأكثر يقوم مقام الكل فى كثير من الاحكام واى ثلث قطع فقد قطع الأكثر منها وحصل ما هو المقصود وهو انهار الدم المسفوح- (مسئلة:) يجوز الذبح بكل ما ينهر الدم ويحصل القطع من زجاج او حجر او قصب او

صفحة رقم 21

غير ذلك إذا كان له حدة وكذا يجوز بالسن والظفر والقرن إذا كان منزوعا ذى حدة عند ابى حنيفة رح الا انه يكره كذا فى الهداية وقالت الأئمة الثلاثة لا يجوز بالسنّ والظفر والقرن ويكون ميتة عن رافع بن خديج قال قلت يا رسول الله ﷺ انا لاقوا العدو غدا وليست معنا مدى افنذبح بالقصب قال ما انهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر وساحدثك عنه اما السن فعظم واما الظفر فمدى الحبشة متفق عليه وعن كعب بن مالك انه كانت لنا غنم يرعى بسلع فابصرت جارية لنا بشاة من غنمنا موتا فكسرت حجرا فذبحتها فسال النبي ﷺ فامره بأكلها رواه البخاري وعن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول الله ﷺ ارايت أحدنا أصاب صيدا وليس معه سكين أيذبح بالمروة «١» وشقة العصى قال امرر الدم بما شئت واذكر اسم الله رواه ابو داود والنسائي وعن عطاء بن يسار عن رجل من بنى حارثة انه كان يرعى لقحه بشعب من شعاب أحد فراى بها الموت فلم يجد ما ينحرها به فاخذ وتدا فوجأ به من لبتها حتى اهراق دمها ثم اخبر رسول الله ﷺ فامره بأكلها رواه ابو داود ومالك وفى رواية فذكاها بشظاظ «٢» احتج ابو حنيفة رح فى الخلافية بعموم قوله ﷺ ما انهر فكل وقوله ﷺ امرر الدم بما شئت واحتج الائمة الثلاثة بقوله ﷺ ليس السن والظفر حيث استثنى مما انهر الدم
وأجاب ابو حنيفة رح بانه محمول على غير المنزوع فان الحبشة كانوا يذبحون بظفر غير منزوع والظاهر ان المراد بالسن فى الاستثناء ما ليس فيه حدة يدل عليه قوله ﷺ اما السن فعظم ولا يجوز بسن وظفر غير منزوعين اجماعا لانه يقتل بالثقل فيكون فى معنى المنخنقة- (مسئلة:) يستحب للذابح ان يحد شفرته لقوله ﷺ ان الله كتب الإحسان على كل شىء فاذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته رواه مسلم عن شداد بن أوس- (مسئلة:) لو رمى الى صيد فى الهواء فاصابه فسقط على الأرض ومات كان حلالا لان الوقوع على الأرض من ضرورته وان سقط فى الماء او على جبل او شجر ثم تردى منه فمات لا يحل أكله وهو من المتردية والذي مات بالغرق الا ان يكون السهم أصاب مذبحه

(١) الشظاظ خشبة محددة الطرف تدخل فى عروقى الجو القين لتجمع بينهما عند حملها على البعير ١٢
(٢) بالمروة الحجر الأبيض والمراد هاهنا كل حجر له حد ١٢

صفحة رقم 22

فى الهواء فيحل كيف ما وقع لان الذبح قد حصل بأصابة السهم المذبح وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ قيل النصب جمع واحدها نصاب ككتب وكتاب وقيل هو واحد وجمعها أنصاب كعنق وأعناق وهو الشيء المنصوب قال مجاهد وقتادة كانت حول البيت ثلاثمائة وستون حجرا منصوبة كان اهل الجاهلية يعبدونها ويعظمونها ويذبحون بها وليست هى بأصنام انما الأصنام هى الصورة المنقوشة وقال الآخرون هى الأصنام المنصوبة وقال قطرب على بمعنى اللام ومعناه ما ذبح لاجل النصب وقال ابن زيد ما ذبح على النصب وما اهل لغير الله به واحد قلت العطف يقتضى التغاير فالظاهر ما قيل انها كانت حجارة منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة وحرم عليكم وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ اى الاستسقام اى طلب معرفة ما قسم لهم مما لم يقسم لهم بالأزلام وهى القداح التي لا ريش لها ولا نصل واحدها زلم بفتح الزاء وضمها وكانت ازلامهم سبعة قداح مستوية من شوحط تكون عند «١» سادن الكعبة مكتوب على واحد منها نعم وعلى واحد لا وعلى واحد منكم وعلى واحد من غيركم وعلى واحد ملصق وعلى واحد العقل وواحد غفل ليس عليه شىء فكانوا إذا أرادوا امرا من سفر او نكاح او ختان او غيره او اختلفوا فى نسب او اختلفوا فى تحمل عقل جاؤا الى هبل وكانت أعظم أصنام قريش بمكة وجاؤا بمائة درهم أعطوها صاحب القداح حتى يحيل القداح وو يقولون يا الهنا انا أردنا كذا كذا فان خرج نعم فعلوا وان خرج لا لم يفعلوا ذلك حولا ثم عادوا الى القداح ثانية وإذا جالوا على نسب فان خرج منكم كان وسيطا منهم وان خرج من غيركم كان حليفا وان خرج ملصق كان على منزلة لا نسب له ولا حلف وإذا اختلفوا فى عقل فمن خرج قدح العقل حمله وان خرج الغفل أجالوا ثانيا حتى يخرج مكتوب فنهى الله عن ذلك وحرمه وقال ذلِكُمْ فِسْقٌ قال سعيد بن جبير الأزلام حصى بيض كانوا يضربون بها وقال مجاهد كعاب فارس والروم التي يتقامرون بها وقال الشعبي وغيره الأزلام للعرب والكعاب للعجم وقال سفيان بن وكيع هى الشطرنج قلت وكل شىء يطلب به علم الغيب على نحو هذا الطريق كعلم الرمل بضرب الكعاب واستخراج إشكال النقاط وما يقال بالفارسية فال نامه وكل ما يقامر بها فهو داخل فى الاستقسام بالأزلام عبارة او دلالة جلية او خفية والله اعلم وعن ابى الدرداء قال قال رسول الله ﷺ من تكهن او

(١) اى خادم الكعبة ومتولى أمرها من فتح الباب والاغلاق ١٢

صفحة رقم 23

استقسم او تطير طيرة ترده عن سفره لم ينظر الى الدرجات العلى من الجنة يوم القيمة رواه البغوي وعن قبيصة قال قال رسول الله ﷺ «١» العيافة والطيرة «٢» والطرق من الجبت رواه ابو داود بسند صحيح والطرق الضرب بالحصى الْيَوْمَ لم يرد يوما بعينه وانما أراد الحاضر وما يتصل به من الازمنة الآتية وقيل أراد يوم نزولها يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ ان يبطلوه او ان يغلبوا على اهله او ان يرجع عنه اهله بتحليل الخبائث وغيرها فَلا تَخْشَوْهُمْ ان يظهروا عليكم ويبطلوا دينكم وَاخْشَوْنِ اثبت الياء فى الوصل خاصة ابو عمرو وحذفها الباقون فى الحالين يعنى أخلصوا الخشية لى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ بالتنصيص على قواعد العقائد والتوقيف على اصول الشرائع من الفرائض والواجبات والسنن والآداب والحلال والحرام والمكروه وموجبات الفساد لما له وجود شرعى كالصلوة والصوم والبيع ونحوها وقوانين الاجتهاد فيما لا نص فيه وجاز ان يكون المراد بإكمال الدّين بلوغه ﷺ فى معارج القرب الى مرتبة يغبطه الأولون والآخرون حتى غفر لكمال محبوبيته جميع ذنوب أمته حتى الدماء والمظالم عن عباس بن مرداس ان رسول الله ﷺ دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة فاجيب انى قد غفرت لهم ما خلا المظالم فانى أخذ للمظلوم منه قال اى رب ان شئت أعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم فلم يجب عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فاجيب الى ما سأل قال فضحك رسول الله ﷺ او قال تبسم فقال ابو بكر وعمران هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي اضحكك اضحك الله سنّك قال ان عدو الله إبليس لما علم ان الله قد استجاب دعائى وغفر لامتى أخذ التراب فجعل يحثوه على راسه ويدعو بالويل والثبور فاضحكنى ما رأيت من جزعه رواه ابن ماجة والبيهقي فى كتاب البعث قال ابن عباس لم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ولا شىء من الفرائض والسنن والحدود والاحكام فان قيل يروى عن ابن عباس ان آية الربوا نزلت بعدها قلنا ان صح هذا فالمراد ان قوله تعالى فى اخر البقرة الذين يأكلون الربوا لا يقومون الى قوله تعالى يايها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا الآية نزلت بعد ذلك ولا شك ان حرمة الربوا كانت قبل نزول تلك الآية

(١) العيافة زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها ومهرها ١٢ نهاية
(٢) الطيرة التشاؤم بالشيء ١٢ نهايه

صفحة رقم 24

وانما نزلت تلك الاية للتوبيخ وقد ورد فى حديث جابر عند مسلم فى قصة حجة الوداع قوله ﷺ وربوا الجاهلية موضوع وأول ربوا أضع من ربانا ربوا عباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله وقال سعيد بن جبير وقتادة أكملت لكم دينكم فلم يحج معكم مشرك وقيل أظهرت دينكم على الأديان كلها وامنتكم من الأعداء- (فائدة) نزلت هذه الاية يوم الجمعة عرفة بعد العصر فى حجة الوداع والنبي ﷺ واقف بعرفة على ناقته العضباء فكادت عضد الناقة تندقّ من ثقلها فنزلت روى الشيخان فى الصحيحين عن عمر بن الخطاب ان رجلا من اليهود قال له يا امير المؤمنين اية فى كتابكم تقرءونها لو نزلت علينا معشر اليهود ما نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال ايّة اية قال اليوم أكملت لكم دينكم الاية قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي ﷺ وهو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار عمر الى ان ذلك اليوم كان عيد النابل عيدين الجمعة وعرفة قال البغوي روى هارون بن عنترة عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية بكى عمر فقال له النبي ﷺ ما يبكيك يا عمر قال أبكاني انا كنا فى زيادة من ديننا فاما إذ أكمل فانه لم يكمل شىء الا نقص قال صدقت وكان هذه الاية نعى رسول الله ﷺ وعاش رسول الله ﷺ بعدها أحد وثمانين يوما ومات يوم الاثنين بعد ما زاغت الشمس لليتين خلتا من شهر ربيع الاول سنة أحد عشر وكانت هجرته فى الثاني عشر منه وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي يعنى أنجزت وعدي بقولي ولاتم نعمتى عليكم وإتمام النعمة بالهداية والتوفيق وإكمال الدين وفتح مكة وهدم منار الجاهلية حتى حجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين وَرَضِيتُ اى اخترت لَكُمُ الْإِسْلامَ من بين الأديان دِيناً وهو الدين الصحيح عند الله لا غير روى البغوي بسنده عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله ﷺ يقول قال جبرئيل قال الله تعالى هذا دين ارتضيه لنفسى ولن يصلحه الا السخاء وحسن الخلق فاكرموه بهما ما صحبتموه والله اعلم فَمَنِ اضْطُرَّ متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض بما يوجب التجنب عنها من تعظيم الدين وذكر المنة على المؤمنين باكماله وكون ارتكابها فسقا يعنى من اضطر الى أكل شىء مما ذكر فِي مَخْمَصَةٍ وهى خلو البطن من الغذاء يقال رجل خميص البطن اى جائع غَيْرَ مُتَجانِفٍ اى مائل لِإِثْمٍ اى الى اثم بان يأكلها تلذذا او عجاوزا عن

صفحة رقم 25
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية