آيات من القرآن الكريم

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ۚ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ۗ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ ۙ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

- قَوْله تَعَالَى: حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع إِلَّا مَا ذكيتم وَمَا ذبح على النصب وَأَن تستقسموا بالأزلام ذَلِكُم فسق الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ فَلَا تخشوهم واخشون الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الإِسلام دينا فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم فَإِن الله غَفُور رَحِيم
- أخرج ابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي أُمَامَة قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى قومِي أدعوهم إِلَى الله وَرَسُوله وَأعْرض عَلَيْهِم شَعَائِر الْإِسْلَام فأتيتهم فَبَيْنَمَا نَحن كَذَلِك إِذْ جاؤوا بقصعة دم واجتمعوا عَلَيْهَا يأكلونها

صفحة رقم 13

قَالُوا: هَلُمَّ يَا صدي فَكل
قلت: وَيحكم
إِنَّمَا أتيتكم من عِنْد من يحرِّم هَذَا عَلَيْكُم وَأنزل الله عَلَيْهِ
قَالُوا: وماذاك قَالَ: فتلوت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة ﴿حرمت عَلَيْكُم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير﴾ الْآيَة
وَأخرج عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف عَن قَتَادَة قَالَ: إِذا أكل لحم الْخِنْزِير عرضت عَلَيْهِ التَّوْبَة فَإِن تَابَ وَإِلَّا قتل
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿وَمَا أهل لغير الله بِهِ﴾ قَالَ: ماأهل للطواغيت بِهِ ﴿والمنخنقة﴾ قَالَ: الَّتِي تخنق فتموت ﴿والموقوذة﴾ الَّتِي تضرب بالخشبة فتموت ﴿والمتردية﴾ قَالَ: الَّتِي تتردى من الْجَبَل فتموت ﴿والنطيحة﴾ قَالَ: الشَّاة الَّتِي تنطح الشَّاة ﴿وَمَا أكل السَّبع﴾ يَقُول: ماأخذ السَّبع ﴿إِلَّا مَا ذكيتم﴾ يَقُول: ماذبحتم من ذَلِك وَبِه روح فكلوه ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ قَالَ: النصب
إنصاب كَانُوا يذبحون ويهلون عَلَيْهَا ﴿وَأَن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: هِيَ القداح كَانُوا يستقسون بهَا فِي الْأُمُور ﴿ذَلِكُم فسق﴾ يَعْنِي من أكل من ذَلِك كُله فَهُوَ فسق
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله تَعَالَى ﴿والمنخنقة﴾ قَالَ: كَانَت الْعَرَب تخنق الشَّاة فَإِذا مَاتَت أكلُوا لَحمهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت امرىء الْقَيْس وَهُوَ يَقُول: يغط غطيط الْبكر شدّ خناقه ليقتلني والمرء لَيْسَ بِقِتَال قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿والموقوذة﴾ قَالَ: الَّتِي تضرب بالخشب حَتَّى تَمُوت
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الشَّاعِر يَقُول: يلوينني دين النَّهَار واقتضي ديني إِذا وقذ النعاس الرقدا قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿والأنصاب﴾ قَالَ: الأنصاب
الْحِجَارَة الَّتِي كَانَت الْعَرَب تعبدها من دون الله وتذبح لَهَا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت نَابِغَة بني ذبيان وَهُوَ يَقُول: فَلَا لعمر الَّذِي مسحت كعبته وَمَا هريق على الأنصاب من جَسَد قَالَ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: الأزلام
القداح كَانُوا يستقسمون الْأُمُور بهَا مَكْتُوب على أَحدهمَا أَمرنِي رَبِّي وعَلى الآخر نهاني ربّي

صفحة رقم 14

فَإِذا أَرَادوا أمرا أَتَوا بَيت أصنامهم ثمَّ غطوا على القداح بِثَوْب فَأَيّهمَا خرج عمِلُوا بِهِ
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت الحطيئة وَهُوَ يَقُول: لايزجر الطير إِن مرت بِهِ سنحاً ولايفاض على قدح بأزلام وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: قلت يَا رَسُول الله إِنِّي أرمي بالمعراض الصَّيْد فأصيب فَقَالَ: إِذا رميت بالمعراض فخزق فكله وَإِن أَصَابَهُ بعرضه فَإِنَّمَا هُوَ وقيذ فلاتأكله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرادة الَّتِي تتردى فِي الْبِئْر والمتردية الَّتِي تتردى من الْجَبَل
وَأخرج عَن أبي ميسرَة أَنه كَانَ يقْرَأ (والمنطوحة)
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ (وأكيل السَّبع)
وَأخرج ابْن جرير عَن عَليّ قَالَ: إِذا أدْركْت ذَكَاة الموقوذة والمتردية والنطيحة وَهِي تحرّك يدا أَو رجلا فَكلهَا
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاتأكل الشريطة فَإِنَّهَا ذَبِيحَة الشَّيْطَان قَالَ ابْن الْمُبَارك: هِيَ أَن تخرج الرّوح مِنْهُ بِشَرْط من غير قطع حلقوم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَمَا ذبح على النصب﴾ قَالَ: كَانَت حِجَارَة حول الْكَعْبَة يذبح عَلَيْهَا أهل الْجَاهِلِيَّة ويبدلونها بحجارة: إِذا شاؤوا أعجب اليهم مِنْهَا
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: سِهَام الْعَرَب وكعاب فَارس الَّتِي يتقامرون بهَا

صفحة رقم 15

وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد قَالَ ﴿والأزلام﴾ القداح يضْربُونَ بهَا لكل سفر وغزو وتجارة
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: القداح كَانُوا إِذا أَرَادوا أَن يخرجُوا فِي سفر جعلُوا قداحاً لِلْخُرُوجِ وللجلوس فَإِن وَقع الْخُرُوج خَرجُوا وَإِن وَقع الْجُلُوس جَلَسُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿وَإِن تستقسموا بالأزلام﴾ قَالَ: حَصى بيض كَانُوا يضْربُونَ بهَا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن الْحسن فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا إِذا أَرَادوا أمرا أَو سفرا يَعْمِدُونَ إِلَى قداح ثَلَاثَة على وَاحِد مِنْهَا مَكْتُوب أَمرنِي وعَلى الآخر إنهني ويتركون الآخر محللاً بَينهمَا عَلَيْهِ شَيْء ثمَّ يجيلونها فَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ مرني مضوا لأمرهم وَإِن خرج الَّذِي عَلَيْهِ إنهني كفوا وَإِن خرج الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء أعادوها
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لن يلج الدَّرَجَات العلى من تكهَّن أَو استقسم أَو رَجَعَ من سفر تطيراً
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ﴾ قَالَ: يئسوا أَن ترجعوا إِلَى دينهم أبدا
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ﴾ يَقُول: يئس أهل مَكَّة أَن ترجعوا إِلَى دينهم عبَادَة الاوثان أبدا ﴿فَلَا تخشوهم﴾ فِي اتِّبَاع مُحَمَّد ﴿واخشوني﴾ فِي عبَادَة الْأَوْثَان وَتَكْذيب مُحَمَّد فَلَمَّا كَانَ وَاقِفًا بِعَرَفَات نزل عَلَيْهِ جِبْرِيل وَهُوَ رَافع يَده والمسلمون يدعونَ الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ يَقُول: حلالكم وحرامكم فَلم ينزل بعد هَذَا حَلَال ولاحرام ﴿وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾ قَالَ: منتي فَلم يحجّ مَعكُمْ مُشْرك ﴿ورضيت﴾ يَقُول: واخترت ﴿لكم الْإِسْلَام دينا﴾ مكث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول هَذِه الْآيَة إِحْدَى وَثَمَانِينَ يَوْمًا ثمَّ قَبضه الله إِلَيْهِ
وَأخرج عبد بن حميد عَن مُجَاهِد فِي قَوْله ﴿الْيَوْم يئس الَّذين كفرُوا من دينكُمْ فَلَا تخشوهم واخشون الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: هَذَا حِين فعلت
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج فِي قَوْله ﴿فَلَا تخشوهم واخشون﴾ قَالَ: فَلَا تخشوهم ان يظهروا عَلَيْكُم
وَأخرج مُسلم عَن جَابر أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن يعبده المصلون فِي جَزِيرَة الْعَرَب وَلَكِن فِي التحريش بَينهم
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد أيس أَن يعبد بأرضكم هَذِه وَلكنه رَاض مِنْكُم بِمَا تحقرون
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الشَّيْطَان قد يئس أَن تعبد الْأَصْنَام بِأَرْض الْعَرَب وَلَكِن سيرضى مِنْكُم بِدُونِ ذَلِك بالمحقرات وَهِي

صفحة رقم 16

الموبقات يَوْم الْقِيَامَة فَاتَّقُوا الْمَظَالِم مااستطعتم
أخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخبر الله نبيه وَالْمُؤمنِينَ أَنه قد أكمل لَهُم الْإِيمَان فَلَا تحتاجون إِلَى زِيَادَة أبدا وَقد أتمه فَلَا ينقص أبدا وَقد رضيه فلايسخطه وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: أخْلص الله لَهُم دينهم وَنفى الْمُشْركين عَن الْبَيْت قَالَ: وبلغنا أَنَّهَا أنزلت يَوْم عَرَفَة ووافقت يَوْم جُمُعَة
وَأخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: ذكر لنا أَن هَذِه الْآيَة نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم عَرَفَة يَوْم جُمُعَة حِين نفى الله الْمُشْركين عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وأخلص للْمُسلمين حجهم
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ الْمُشْركُونَ والمسلمون يحجون جَمِيعًا فَلَمَّا نزلت بَرَاءَة فنفي الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت الْحَرَام وَحج الْمُسلمُونَ لايشاركهم فِي الْبَيْت الْحَرَام أحد من الْمُشْركين فَكَانَ ذَلِك من تَمام النِّعْمَة وَهُوَ قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير عَن سعيد بن جُبَير فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: تَمام الْحَج وَنفي الْمُشْركين عَن الْبَيْت
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف بِعَرَفَات وَقد أطاف بِهِ النَّاس وتهدمت منار الْجَاهِلِيَّة ومناسكهم واضمحل الشّرك وَلم يطف بِالْبَيْتِ عُرْيَان وَلم يحجّ مَعَه فِي ذَلِك الْعَام مُشْرك فَأنْزل الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج عبد بن حميد عَن الشّعبِيّ قَالَ: نزل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْآيَة وَهُوَ بِعَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَكَانَ إِذا أَعْجَبته آيَات جَعلهنَّ صدر السُّورَة قَالَ: وَكَانَ جِبْرِيل يعلم كَيفَ ينْسك
وَأخرج الْحميدِي وَأحمد وَعبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن حبَان وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن طَارق بن شهَاب قَالَ قَالَت الْيَهُود لعمر: إِنَّكُم تقرأون آيَة فِي كتابكُمْ لَو علينا معشر الْيَهُود نزلت لاتّخذنا ذَلِك الْيَوْم عيداً
قَالَ: وَأي آيَة قَالُوا ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي﴾

صفحة رقم 17

قَالَ عمر: وَالله إِنِّي لأعْلم الْيَوْم الَّذِي نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهِ والساعة الَّتِي نزلت فِيهَا نزلت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشِيَّة عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة
وَأخرج إِسْحَق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده وَعبد بن حميد عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ: كَانُوا عِنْد عمر فَذكرُوا هَذِه الْآيَة فَقَالَ رجل من أهل الْكتاب: لَو علمنَا أَي يَوْم نزلت هَذِه الْآيَة لاتخذناه عيداً
فَقَالَ عمر: الْحَمد لله الَّذِي جعله لنا عيداً وَالْيَوْم الثَّانِي نزلت يَوْم عَرَفَة وَالْيَوْم الثَّانِي يَوْم النَّحْر فأكمل لنا الْأَمر فَعلمنَا أَن الْأَمر بعد ذَلِك فِي انتقاص
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن جرير عَن عنترة قَالَ: لما نزلت ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَذَلِكَ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر بَكَى عمر فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مايبكيك قَالَ: أبكاني أَنا كُنَّا فِي زِيَادَة من ديننَا فَأَما إِذْ كمل فَإِنَّهُ يكمل شَيْء قطّ إِلَّا نقص
فَقَالَ: صدقت
وَأخرج ابْن جرير عَن قبيصَة بن أبي ذُؤَيْب قَالَ: قَالَ كَعْب: لَو أَن غير هَذِه الْأمة نزلت عَلَيْهِم هَذِه الْآيَة لنظروا الْيَوْم الَّذِي أنزلت فِيهِ عَلَيْهِم فاتخذوه عيداً يَجْتَمعُونَ فِيهِ فَقَالَ عمر: وَأي آيَة ياكعب فَقَالَ ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَقَالَ عمر: لقد علمت الْيَوْم الَّذِي أنزلت وَالْمَكَان الَّذِي نزلت فِيهِ نزلت فِي يَوْم جُمُعَة وَيَوْم عَرَفَة وَكِلَاهُمَا بِحَمْد الله لنا عيد
وَأخرج الطَّيَالِسِيّ وَعبد بن حميد وَالتِّرْمِذِيّ وَحسنه وَابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَقَالَ يَهُودِيّ: لَو نزلت هَذِه الْآيَة علينا لاتخذنا يَوْمهَا عيداً
فَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَإِنَّهَا نزلت فِي يَوْم عيدين اثْنَيْنِ: فِي يَوْم جُمُعَة يَوْم عَرَفَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عِيسَى بن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الدِّيوَان فَقَالَ لنا نَصْرَانِيّ: ياأهل الْإِسْلَام لقد أنزلت عَلَيْكُم آيَة لَو أنزلت علينا لاتخذنا ذَلِك الْيَوْم وَتلك السَّاعَة عيدا مابقى منا اثْنَان ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ فَلم يجبهُ أحد منا فَلَقِيت مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: ألارددتم عَلَيْهِ فَقَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب: أنزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ وَاقِف على الْجَبَل يَوْم عَرَفَة فلايزال ذَلِك الْيَوْم عيد للْمُسلمين مابقي مِنْهُم أحد
وَأخرج ابْن جرير عَن دَاوُد قَالَ: قلت لعامر الشّعبِيّ ان الْيَهُود تَقول كَيفَ لم

صفحة رقم 18

تحفظ الْعَرَب هَذَا الْيَوْم الَّذِي أكمل الله لَهَا دينهَا فِيهِ فَقَالَ عَامر: أَو مَا حفظته
قلت لَهُ: فَأَي يَوْم هُوَ قَالَ: يَوْم عَرَفَة أنزل الله فِي يَوْم عَرَفَة
وَأخرج ابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَليّ قَالَ: أنزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ قَائِم عَشِيَّة عَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن قيس السكونِي
أَنه سمع مُعَاوِيَة ابْن أبي سُفْيَان على الْمِنْبَر ينْزع بِهَذِهِ الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ حَتَّى خَتمهَا
فَقَالَ: نزلت فِي يَوْم عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة
وَأخرج الْبَزَّار وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه عَن سَمُرَة قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة وَاقِف يَوْم الْجُمُعَة
وَأخرج الْبَزَّار بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ بِعَرَفَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير بِسَنَد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ولد نَبِيكُم يَوْم الِاثْنَيْنِ ونبأ يَوْم الِاثْنَيْنِ وَخرج من مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَدخل الْمَدِينَة يَوْم الِاثْنَيْنِ وَفتح مَكَّة يَوْم الِاثْنَيْنِ وأنزلت سُورَة الْمَائِدَة يَوْم الِاثْنَيْنِ ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ وَتُوفِّي يَوْم الِاثْنَيْنِ
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ لما نصب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عليا يَوْم غَدِير خم فَنَادَى لَهُ بِالْولَايَةِ هَبَط جِبْرِيل عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَة ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه والخطيب وَابْن عَسَاكِر بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: لما كَانَ يَوْم غَدِير خم وَهُوَ يَوْم ثَمَانِي عشر من ذِي الْحجَّة قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: من كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ
فَأنْزل الله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾ قَالَ: هَذَا نزل يَوْم عَرَفَة فَلم ينزل بعْدهَا حرَام ولاحلال وَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَاتَ فَقَالَت أَسمَاء بنت عُمَيْس: حججْت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تِلْكَ الْحجَّة فَبَيْنَمَا نَحن نسير إِذْ تجلى لَهُ جِبْرِيل على الرَّاحِلَة فَلم تطق الرَّاحِلَة من ثقل ماعليها من الْقُرْآن فبركت فَأَتَيْته فسجيت عَلَيْهِ بردا كَانَ عليّ

صفحة رقم 19

وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن جريج قَالَ مكث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد مانزلت هَذِه الْآيَة احدى وَثَمَانِينَ لَيْلَة قَوْله ﴿الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ﴾
أما قَوْله تَعَالَى: ﴿ورضيت لكم الإِسلام دينا﴾ أخرج ابْن جرير عَن قَتَادَة قَالَ ذكر لنا أَنه يمثل لأهل كل دين دينهم يَوْم الْقِيَامَة فَأَما الْإِيمَان فيبشر أَصْحَابه وَأَهله ويعدهم إِلَى الْخَيْر حَتَّى يَجِيء الْإِسْلَام فَيَقُول: رب أَنْت السَّلَام وَأَنا الْإِسْلَام فَيَقُول: إياك الْيَوْم أقبل وَبِك الْيَوْم أجزي
وَأخرج أَحْمد عَن عَلْقَمَة بن عبد الله الْمُزنِيّ قَالَ: حَدثنِي رجل قَالَ: كنت فِي مجْلِس عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر لرجل من الْقَوْم: كَيفَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينعَت الْإِسْلَام قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول إِن الْإِسْلَام بَدَأَ جذعاً ثمَّ ثنياً ثمَّ رباعياً ثمَّ سدسياً ثمَّ بازلاً
قَالَ عمر: فَمَا بعد البزول إِلَّا النُّقْصَان
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿فَمن اضْطر﴾ يَعْنِي إِلَى ماحرم مِمَّا سمي فِي صدر هَذِه السُّورَة ﴿فِي مَخْمَصَة﴾ يَعْنِي مجاعَة ﴿غير متجانف لإثم﴾ يَقُول: غير معتدٍ لإثم
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق قَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَن قَوْله ﴿فِي مَخْمَصَة﴾ قَالَ: فِي مجاعَة وحهد
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم أما سَمِعت الْأَعْشَى وَهُوَ يَقُول: تبيتون فِي المشتى ملاء بطونكم وجاراتكم غرتي يبتن خمائصا وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم﴾ قَالَ: فِي مجاعَة غير متعرض لإثم
وَأخرج ابْن جرير عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة قَالَ: رخص للْمُضْطَر إِذا كَانَ غير متعمد لإثم أَن يَأْكُلهُ من جهد فَمن بغى أَو عدا أَو خرج فِي مَعْصِيّة الله فَإِنَّهُ محرم عَلَيْهِ أَن يَأْكُلهُ
وَأخرج أَحْمد وَالْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ أَنهم قَالُوا يارسول الله إِنَّا بِأَرْض تصيبنا بهَا المخمصة فَمَتَى تحل لنا الْميتَة قَالَ: إِذا لم تصطبحوا وَلم تغتبقوا وَلم تحتفئوا بقلاً فشأنكم بهَا

صفحة رقم 20

وَأخرج ابْن سعد وَأَبُو دَاوُد عَن الفجيع العامري
أَنه قَالَ يارسول الله مايحل لنا من الْميتَة فَقَالَ: ماطعامكم قُلْنَا: نغتبق ونصطبح
قَالَ عقبَة: قدح غدْوَة وقدح عَشِيَّة
قَالَ: ذَاك
وأبى الْجُوع وَأحل لَهُم الْميتَة على هَذِه الْحَال وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن سَمُرَة بن جُنْدُب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِذا رويت أهلك من اللَّبن غبوقا فاجتنب مانهى الله عَنهُ من ميتَة

صفحة رقم 21
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية