
قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب)
ينظر آية (١٧٧) من هذه السورة في قوله تعالى (والصابرين في البأساء والضراء).
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أخبر الله سبحانه المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها، وأخبر أنه هكذا فعل بأنبيائه وصفوته لتطيب أنفسهم فقال: (مستهم البأساء والضراء).
أخرج البخاري بسنده عن ابن أبي مليكة قال: قال ابن عباس رضي الله عنهما: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذِبوا) خفيفة، ذهب بها هناك وتلا (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) فلقيت عروة بن الزبير فذكرت له ذلك فقال: قالت عائشة: معاذ الله، والله ما وعد الله رسوله من شيء قط إلا علم أنه كائن قبل أن يموت ولكن لم يزل البلاء بالرسل حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم. فكانت تقرؤها (وظنوا أنهم قد كذبوا) مثقلة.
(الصحيح- تفسير سورة البقرة ح ٢٥٢٤ و٢٥٢٥)
وفي تفسير سورة يوسف عند قوله تعالى (حتى إذا استيأس الرسل) قال عروة: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من، قومهم وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم جاءهم نصر الله عند ذلك.
(الصحيح- تفسير سورة يوسف ح٤٦٩٥).
أخرج البخاري بسنده عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال:

"قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد من دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".
(الصحيح- الإكراه، ب ١ ح ٦٩٤٣).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء) قال: نزلت في يوم الأحزاب، أصاب النبي وأصحابه يومئذ بلاء وحصر فكانوا كما قال الله عز وجل (وبلغت القلوب الحناجر).
قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل... )
أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ. بمن تعول".
(الصحيح- النفقات، ب ٢ ح ٥٣٥٦).
وأخرج أحمد (المسند ٢/٤٧١)، وأبو داود (السنن- الزكاة، ب في صلة الرحم ٢/٣٢٠)، والنسائي (الزكاة، ب الصدقة عن ظهر غنى ٢/٦٢)، وابن حبان (موارد الظمآن ح ٨٢٨)، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ١/٤١٥) عن أبي هريرة عن رسول الله - ﷺ - أنه قال يوماً لأصحابه: "تصدقوا". فقال رجل: يا رسول الله عندي دينار. قال: "أنفقه على نفسك" قال: إن عندي آخر. قال: "أنفقه على زوجتك". قال: إن عندي آخر. قال: "أنفقه على ولدك". قال: إن عندي آخر. قال: "أنفقه على خادمك". قال: إن عندي آخر قال: "أنت أبصر".
وينظر تفسير آية (٨٣ و١٧٧) من هذه السورة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (يسألونك ماذا ينفقون) قال: سألوه فأفتاهم في ذلك فللوالدين والأقربين وما ذكر معهما.