آيات من القرآن الكريم

أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ ۖ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ
ﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ

٢- الأصل في مهمة الرسل البشارة١ لمن آمن واتقى؟ والنذارة لمن كفر وفجر، وقد يشرع لهم قتال من يقاتلهم فيقاتلونه كما شرع ذلك لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣- من علامات خذلان الأمة وتعرضها للخسار والدمار أن تختلف في كتابها ودينها، فيحرفون كلام الله ويبدلون شرائعه طلباً للرئاسة وجرياً وراء الأهواء والعصبيات، وهذا الذي تعاني منه أمة الإسلام اليوم وقبل اليوم، وكان سبب دمار بني إسرائيل.
٤- أمة الإسلام التي تعيش على الكتاب والسنة عقيدة وعبادة وقضاء هي المعنية بقوله تعالى: ﴿فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ٢ بِإِذْنِهِ﴾.
٥- الهداية بيد الله فليطلب العبد دائماً الهداية من الله تعالى بسؤاله المتكرر أن يهديه دائماً إلى الحق٣.
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ٤ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ (٢١٤) ﴾
شرح الكلمات:
﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾ : أظننتم – أم هي المنقطعة فتفسر ببل والهمزة، والاستفهام إنكاري ينكر عليهم ظنهم هذا لأنه غير واقع موقعه.
﴿وَلَمَّا﴾ : بمعنى لم النافية.
﴿مَثَلُ﴾ : صفة وحال الذين من قبلكم.

١ البشارة: الإعلام بخير حصل أو سيحصل للمبشر به، والنذارة: إعلام بشر أو ضر حصل أو سيحصل لمن أنذر به، والبشارة: وعد، والنذارة: وعيد.
٢ في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان إذا قام من الليل يصلي يقول: "اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون إهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". والتوسل بهذا الدعاء نافع للخروج من ظلمة الاختلاف.
٣ ومن الدعاء المأثور في ذلك: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل وارزقنا اجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما.
٤ في الآية إشارة إلى مثل قول القائل: "على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ومن طلب العلا سهر الليالي، ومن يخطب الحسناء فلا يغله المهر".

صفحة رقم 193

﴿الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ﴾ : البأساء: الشدة، من الحاجة وغيرها والضراء: المرض والجراحات والقتل.
﴿مَتَى نَصْرُ اللهِ﴾ : الاستفهام للإستبطاء.
معنى الآية الكريمة:
ينكر تعالى على المؤمنين١، وهم في أيام شدة ولأواء ظنهم أنهم يدخلون الجنة بدون امتحان وابتلاء في النفس والمال بل وأن يصيبهم ما أصاب غيرهم من البأساء٢ والضراء والزلزال وهو الاضطراب والقلق من الأهوال حتى يقول الرسول والمؤمنون معه – استبطاءاً للنصر الذي وُعدوا به: متى نصر الله؟ فيجيبهم ربهم تعالى بقوله: ﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ٣ اللهِ قَرِيبٌ﴾.
هداية الآية الكريمة
من هداية الآية:
١- الابتلاء بالتكاليف الشرعية، ومنها الجهاد بالنفس والمال ضروري لدخول الجنة.
٢- الترغيب في الإتساء بالصالحين والاقتداء بهم في العمل والصبر.
٣- جواز الأعراض البشرية على الرسل كالقلق والاستبطاء للوعد الإلهي انتظاراً له.
٤- بيان ما أصاب الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه من شدة وبلاء أيام الجهاد وحصار المشركين لهم.
﴿يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥) ﴾

١ ما من شك في أن المؤمنين وعلى رأسهم وقائدهم وإمامهم ورسولهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مستهم البأساء والضراء في ظروف مختلفة منها: هجرتهم وحروبهم في بدر وأحد والخندق وغيرها، والآية تعنى كل ذلك وهو من مقتضيات النزول لهذه الآية.
٢ وعن السلف تفسير البأساء بالفقر، والضراء بالنقم، والزلازل بالخوف من الأعداء، إذ الخوف يحدث اضطراب النفس وحركة الأعضاء.
٣ وفي هذا المعنى حديث أبي رزين: "عجب ربك من قنوت عباده وقرب غيثه فينظر إليهم قانطين فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب" وحديث صحيح: "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون".

صفحة رقم 194
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية