
قَوْله تَعَالَى: أم حسبتم أَن تدْخلُوا الْجنَّة وَلما يأتيكم مثل الَّذين خلوا من قبلكُمْ مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزاوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب
أخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن قَتَادَة فِي قَوْله ﴿أم حسبتم﴾ الْآيَة
قَالَ: نزلت فِي يَوْم الْأَحْزَاب أصَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمئِذٍ وَأَصْحَابه بلَاء وَحصر
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أخبر الله الْمُؤمن أَن الدُّنْيَا دَار بلَاء وَأَنه مبتليهم فِيهَا وَأخْبرهمْ أَنه هَكَذَا فعل بأنبيائه وصفوته اتطيب أنفسهم فَقَالَ ﴿مستهم البأساء وَالضَّرَّاء﴾ فالبأساء الْفِتَن وَالضَّرَّاء السقم ﴿وزلزلوا﴾ بالفتن وأذى النَّاس إيَّاهُم
وَأخرج أَحْمد وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَن خباب بن الْأَرَت قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله أَلا تَسْتَنْصِر لنا أَلا تَدْعُو الله لنا فَقَالَ: إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانَ أحدهم يوضع الْمِنْشَار على مفرق رَأسه فيخلص إِلَى قَدَمَيْهِ لَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه وَيُمشط بِأَمْشَاط الْحَدِيد مَا بَين لَحْمه وعظمه لَا يصرفهُ ذَلِك عَن دينه ثمَّ قَالَ: وَالله لَيتِمَّن هَذَا الْأَمر حَتَّى يسير الرَّاكِب من صنعاء إِلَى حَضرمَوْت لَا يخَاف إِلَّا الله وَالذِّئْب على غنمه وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُون
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿وَلما يأتكم مثل الَّذين خلوا﴾ قَالَ: أَصَابَهُم هَذَا يَوْم الْأَحْزَاب حَتَّى قَالَ قَائِلهمْ (مَا وعدنا الله وَرَسُوله إِلَّا غرُورًا) (الْأَحْزَاب الْآيَة ١٢)

وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة ﴿مثل الَّذين خلوا﴾ يَقُول: سنَن الَّذين خلوا من قبلكُمْ ﴿مستهم البأساء وَالضَّرَّاء وزلزلوا حَتَّى يَقُول الرَّسُول﴾ خَيرهمْ وأصبرهم وأعلمهم بِاللَّه ﴿مَتى نصر الله أَلا إِن نصر الله قريب﴾ فَهَذَا هُوَ الْبلَاء والنغص الشَّديد ابتلى الله بِهِ الْأَنْبِيَاء وَالْمُؤمنِينَ قبلكُمْ ليعلم أهل طَاعَته من أهل مَعْصِيَته
وَأخرج الْحَاكِم وَصَححهُ عَن أبي مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الله ليجرب أحدكُم بالبلاء وَهُوَ أعلم بِهِ كَمَا يجرب أحدكُم ذهبه بالنَّار فَمنهمْ من يخرج كالذهب الإِبريز فَذَلِك الَّذِي نجاه الله من السَّيِّئَات وَمِنْهُم من يخرج كالذهب الْأسود فَذَلِك الَّذِي افْتتن