آيات من القرآن الكريم

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

[أي: أكبر] من ذلك لكه، رضوان الله تعالى، عن أهل الجنة.
قال أبو سعيد الخدري: قال النبي ﷺ: " إنَّ الله تعالى، يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبّيك ربَّنا وسَعْدَيكَ، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى، لقد أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من خلقك؟ فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك. فيقولون: يا ربّ، وأيُّ شيء أفضل من ذلك، فيقول: أُحِلُّ لكم رضواني فلا أسْخَطُ عليكم أبداً ".
ومن أجل تفضيل الرضوان على ما قبله مما وعدوا به، انقطع الكلام، وابتدأ بالرضوان، فرفع.
ثم قال تعالى: ﴿ذلك هُوَ الفوز العظيم﴾.
أي: هذه الأشياء التي/ وعدوا بها، وهي الظفر الجسيم.
﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾، وقف.
﴿أَكْبَرُ﴾، وقف.
قوله: ﴿يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار﴾، إلى قوله: ﴿مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾.

صفحة رقم 3070

المعنى: جاهدهم بالسيف.
قال ابن مسعود: الجهاد يكون باليد، واللسان، والقلب، فإن لم يستطع فليكفهِّر في وجهه.
وقال ابن عباس: أمر النبي ﷺ، بجهادهم، باللسان للمنافقين، وبالسيف للكفار.
وقال الضحاك: جاهد الكفار بالسيف، وأغلظ على المافقين بالكلام.
وقال الحسن المعنى: جاهد الكفار بالسيف، والمنافقين بإقامة الحدود عليهم.
وهو قول قتادة.

صفحة رقم 3071

وقيل: معنى جاهد المنافقين: إقامة الحجة عليهم.
ثم قال حكاية عنهم: ﴿يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ﴾، وذلك أن رجلاً من المنافقين، يسمّى: الجُلاَس بن سُوَيْد بن الصامت، قال: إن كان ما جاء به محمد حقاً، لَنَحْنُ شَرٌّ من الحَمِيرِ، فقال له ابن امرأته، واسمه عمير بن سعد،: والله، إنَّ محمداً ﷺ لَصَادِقٌ، ولأنت شر من الحمار، والله، لأخبرنّ رسول الله ﷺ، بما قلت وإلا أفعل أخاف أن تصيبني قارعة وأؤخذ بخطيئتك، فأعلم الله النبي عليه السلام بذلك، فدعا النبي ﷺ، الرجل، فحلف ما قال، فأنزل الله تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ﴾ الآية.
قال ابن إسحاق: بلغني أنه لما نزل فيه القرآن، تاب وحسنت توبته.
وقيل: إنه سمعه يقول ذلك، عاصم بن عدي الأنصاري، وهو الذي أخبر النبي عليه السلام، بذلك، فاحضر للنبي ﷺ الجُلاَس وعامراً، فحلف الجُلاَس بالله ما قال ذلك، فقال عامر: والله، لقد قاله، ورفع عامر يديه، وقال: اللهم أنزل على

صفحة رقم 3072

عبدك ونبيّك تصديق الصادق وتكذيب الكاذب، فقال النبي ﷺ: آمين، فأنزل الله تصديق عامر، فقال الجُلاَس: قد عرض الله علي التوبة، والله، لقد قلته وصدق عامر، وتاب الجُلاَس وحسنت توبته.
وَيُرْوَى أن عامراً، قال للنبي ﷺ: إنه ليريد قتلك، وفيه نزل: ﴿وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾، أي: هموا بقتلك ولا ينالونه.
وقال قتادة: نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلول، رأى رجلاً من غفار، تَقَاتَلَ مع رجل من جُهينة، وكانت جُهينة حُلفاء الأنصار، فَعلا الغفاريُّ الجُهَنيَّ، فقال عبد الله للأوس: انصروا أخاكم، فوالله ما مَثَلُنَا ومَثَلُ محمد إلا كما قال القائل: سَمَنْ كلبك يأكلك، ﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل﴾ [المنافقون: ٨]، فسعى بها رجل من المسلمين إلى النبي ﷺ فأرسل إليه النبي عليه السلام فسأله، فحلف ما قاله، فأنزل الله تعالى، ﴿ يَحْلِفُونَ بالله مَا قَالُواْ﴾.
وقوله: ﴿وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ﴾.
قيل: هو الجُلاَس بن سويد [هَمَّ] بقتل ابن امرأته خوفاً أن يفشي عليه ما سمع منه.

صفحة رقم 3073

وقال مجاهد: هَمَّ رجل من قريش يقال له الأسود، بقتل النبي، عليه السلام.
وقيل: هو عبد الله بن أبيّ بن سلول، هم بإخراج النبي عليه السلام، من المدينة/ وهو ما حكاه الله تعالى، عنه: ﴿لَئِن رَّجَعْنَآ إِلَى المدينة لَيُخْرِجَنَّ الأعز مِنْهَا الأذل﴾.
وقل: هو الجُلاَس، همّ بقتل النبي ﷺ.
وقوله: ﴿وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾.
والمعنى: أنهم ليس ينقمون شيئاً.
قال الطبري، وغيره: كان المنافق الذي قال كلمة الكفر، حلف أنَّه ما قال، قُتِل له مولىً، فأعطاه رسول الله ﷺ، ديته، فأغناهُ بها، فقال الله تعالى، ما أنكروا على رسول

صفحة رقم 3074

الله ﷺ، شيئاً: ﴿إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ﴾.
وهو الجُلاَس.
وقال قتادة: كانت لعبد الله بن أُبيّ دية، فأخرجها رسول الله ﷺ [ له].
قوله: ﴿فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ﴾.
أي: إن تاب هؤلاء القائلون لكمة الكفر يكُ ذلك خيراً لهم من النفاق.
﴿وَإِن يَتَوَلَّوْا﴾.
أي: يدبروا عن التوبة.
﴿يُعَذِّبْهُمُ الله عَذَاباً أَلِيماً فِي الدنيا﴾.
أي: بالقتل، وفي الآخرة بالنار.
﴿وَمَا لَهُمْ فِي الأرض مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ﴾.
يمنعهم من العقاب، ولا نصير ينصرهم من عذاب الله تعالى.

صفحة رقم 3075
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية