آيات من القرآن الكريم

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

قَوْله تَعَالَى: ﴿يحلفُونَ بِاللَّه مَا قَالُوا وَلَقَد قَالُوا كلمة الْكفْر﴾ الْآيَة نزلت فِي الْمُنَافِقين أَيْضا. وَاخْتلف القَوْل فِي كلمة الْكفْر.
قَالَ بَعضهم: كلمة الْكفْر: هِيَ سبّ مُحَمَّد. وَقَالَ بَعضهم: كلمة الْكفْر: هِيَ قَول الْجلاس بن سُوَيْد؛ فَإِنَّهُ قَالَ: لَئِن كَانَ مَا يَقُول مُحَمَّد حق فَنحْن شَرّ من الْحمير.

صفحة رقم 328

﴿وَكَفرُوا بعد إسْلَامهمْ وهموا بِمَا لم ينالوا وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله فَإِن يتوبوا يَك خيرا لَهُم وَإِن يتولوا يعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا﴾ وَفِيه قَول ثَالِث: أَن كلمة الْكفْر هِيَ قَوْلهم: لَئِن رَجعْنَا إِلَى الْمَدِينَة ليخرجن الْأَعَز مِنْهَا الْأَذَل، وعنوا بالأعز: عبد الله بن أبي بن سلول، وَقَالُوا: نتوجه بالتاج خلافًا على مُحَمَّد.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَكَفرُوا بعد إسْلَامهمْ﴾ مَعْنَاهُ: وأظهروا الْكفْر بعد إظهارهم الْإِسْلَام.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وهموا بِمَا لم ينالوا﴾ يَعْنِي: قصدُوا مَا لم يدركوه؛ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَن اثْنَي عشر نَفرا من الْمُنَافِقين اجْتَمعُوا فِي غَزْوَة تَبُوك ليغتالوا النَّبِي. وَرُوِيَ أَنهم قصدُوا أَن يوقعوه من الْعقبَة فِي الْوَادي، فَدفع الله شرهم عَن النَّبِي؛ فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وهموا بِمَا لم ينالوا﴾. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله﴾ نقموا أَي: كَرهُوا، قَالَ الشَّاعِر فِي مدح بني أُميَّة شعرًا:

(مَا نقموا من بني أُميَّة إِلَّا أَنهم (يحلمون) إِن غضبوا)
(وَأَنَّهُمْ سادة الْمُلُوك وَلَا يصلح إِلَّا عَلَيْهِم الْعَرَب)
وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله﴾ يَعْنِي: بالغنائم. وَرُوِيَ: " أَن الْجلاس بن سُوَيْد كَانَ تحمل بحمالة فأداها عَنهُ رَسُول الله ". وَرُوِيَ أَن عبد الله بن أبي بن سلول كَانَت لَهُ دِيَة على قوم فَأمر النَّبِي أَن يوفر عَلَيْهِ. فَهَذَا كُله معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن يتوبوا يَك خيرا لَهُم﴾ رُوِيَ أَنه لما نزلت هَذِه الْآيَة قَالَ الْجلاس بن سُوَيْد: إِنِّي أرى الله يعرض عَليّ التَّوْبَة، وَإِنِّي قد تبت إِلَى الله مِمَّا كنت فِيهِ؛ فَروِيَ

صفحة رقم 329

﴿وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير (٧٤) وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُم من فَضله بخلوا﴾ أَنه صَحَّ إيمَانه وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يتولوا يعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير﴾ إِلَى آخر الْآيَة، مَعْنَاهُ ظَاهر.
وَيُقَال فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله﴾ يَعْنِي: لَيست لَهُم كَرَاهَة وَلَا نقمة، وَهَذَا مثل قَول الشَّاعِر:

(وَلَا عيب فِينَا غير أَن سُيُوفنَا بِهن فلول من قراع الْكَتَائِب)
يَعْنِي: لَا عيب فِينَا أصلا.

صفحة رقم 330
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية