آيات من القرآن الكريم

يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

السائل هو أبو مالك الأشعري، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ألا هل من مُشَمِّرٌ إِلَى الْجَنَّةِ؟ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا، هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وَقَصْرٌ مَشِيدٌ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ. وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ، وَمَقَامٌ فِي أَبَدٍ فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ، وَفَاكِهَةٍ وَخُضْرَةٍ وَحَبْرَةٍ وَنَعْمَةٍ فِي مَحَلَّةٍ عَالِيَةٍ بَهِيَّةٍ» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا، قَالَ: «قُولُوا إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ «١».
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ أَيْ رِضَا اللَّهِ عَنْهُمْ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ والخير في يديك. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟
فَيَقُولُونَ يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا»
«٢» أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحسين بن إسماعيل المحاملي: حدثنا الفضل الرجائي، حدثنا الْفِرْيَابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا فَأَزِيدُكُمْ؟ قَالُوا يَا رَبَّنَا مَا خَيْرٌ مِمَّا أَعْطَيْتَنَا؟
قَالَ: رِضْوَانِي أَكْبَرُ»
وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي كِتَابِهِ صِفَةِ الْجَنَّةِ: هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، واللَّهُ أعلم.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٧٣ الى ٧٤]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)
أَمَرَ تَعَالَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجِهَادِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْغِلْظَةِ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَمَرَهُ بِأَنْ يَخْفِضَ جَنَاحَهُ لِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ مَصِيرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ إِلَى النَّارِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْبَعَةِ أَسْيَافٍ: سَيْفٍ لِلْمُشْرِكِينَ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ [التَّوْبَةِ: ٥] وَسَيْفٍ لكفار أَهْلِ الْكِتَابِ قاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ

(١) كتاب الزهد باب ٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٥١، ومسلم في الإيمان حديث ٣٠٢، والجنة حديث ٩. [.....]

صفحة رقم 156

الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ [التَّوْبَةِ: ٢٩] وَسَيْفٍ للمنافقين جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَسَيْفٍ لِلْبُغَاةِ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الْحُجُرَاتِ: ٩] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يُجَاهَدُونَ بِالسُّيُوفِ إِذَا أَظْهَرُوا النِّفَاقَ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ «١».
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ قَالَ: بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَلْيَكْفَهِرَّ فِي وَجْهِهِ «٢». وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِجِهَادِ الْكُفَّارِ بِالسَّيْفِ وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ وَأَذْهَبَ الرِّفْقَ عَنْهُمْ «٣»، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: جَاهِدِ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ وَاغْلُظْ عَلَى الْمُنَافِقِينَ بِالْكَلَامِ وَهُوَ مُجَاهَدَتُهُمْ «٤»، وَعَنْ مُقَاتِلٍ وَالرَّبِيعِ مِثْلُهُ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ مُجَاهَدَتُهُمْ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ إِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لِأَنَّهُ تَارَةً يُؤَاخِذُهُمْ بِهَذَا وَتَارَةً بِهَذَا بِحَسَبِ الْأَحْوَالِ، واللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ قَالَ قَتَادَةُ:
نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَذَلِكَ أَنَّهُ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ جُهَنِيٌّ وَأَنْصَارِيٌّ فَعَلَا الْجُهَنِيُّ عَلَى الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِلْأَنْصَارِ أَلَا تَنْصُرُوا أَخَاكُمْ؟ وَاللَّهِ مَا مَثَلُنَا وَمَثَلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا كَمَا قَالَ الْقَائِلُ: سَمِّنْ كَلْبَكَ يَأْكُلْكَ، وَقَالَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ منها الأذل، فَسَعَى بِهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَجَعَلَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ مَا قَالَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةَ «٥».
وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قال: فحدثني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ مِنْ قَوْمِي فَكَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي يذكر أنه سمع رسول الله يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَلِأَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ» وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ فِي أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ قَالَ ابن الفضل: فسأل أنس بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفَى اللَّهُ له بإذنه» قال:
وذلك حِينَ سَمِعَ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ: لَئِنْ كان صَادِقًا فَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَهُوَ وَاللَّهِ صَادِقٌ وَلَأَنْتَ شَرٌّ مِنَ الْحِمَارِ. ثُمَّ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَجَحَدَهُ الْقَائِلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ تَصْدِيقًا لِزَيْدٍ، يَعْنِي قَوْلَهُ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا

(١) تفسير الطبري ٦/ ٤١٩.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤١٩.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٠.
(٤) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٠.
(٥) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٢.

صفحة رقم 157

الْآيَةَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «١» فِي صَحِيحِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ- إِلَى قَوْلِهِ- هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ، وَلَعَلَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بِإِسْنَادِهِ: ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَذَكَرَ مَا بَعْدَهُ عَنْ مُوسَى عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
وَالْمَشْهُورُ في هذه القصة أنه كَانَتْ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَلَعَلَّ الرَّاوِيَ وَهِمَ فِي ذِكْرِ الْآيَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَذْكُرَ غيرها فذكرها، والله أعلم. قَالَ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أبيه عَنْ جَدِّهِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَنِي قَوْمِي فَقَالُوا: إِنَّكَ امْرُؤٌ شَاعِرٌ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَعْتَذِرَ إلى رسول الله ﷺ بِبَعْضِ الْعِلَّةِ ثُمَّ يَكُونُ ذَنْبًا تَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكَانَ مِمَّنْ تَخَلَّفَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَنَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ مِنْهُمْ مِمَّنْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ، وَكَانَ عَلَى أُمِّ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَانَ عُمَيْرٌ فِي حِجْرِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ بِمَا ذَكَرَ مِمَّا أَنْزَلَ فِي الْمُنَافِقِينَ قَالَ الْجُلَاسُ: وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ صَادِقًا فِيمَا يَقُولُ لَنَحْنُ شَرٌّ مِنَ الحمير؟ فَسَمِعَهَا عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا جلاس إنك لأحب الناس إليّ وأحسنهم بلاء عندي وَأَعَزُّهُمْ عَلَيَّ أَنْ يَصِلَهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَلَقَدْ قُلْتَ مَقَالَةً لَئِنْ ذَكَرْتُهَا لَتَفْضَحَنَّكَ وَلَئِنْ كَتَمْتُهَا لَتُهْلِكَنِّي، وَلَإِحْدَاهُمَا أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنَ الْأُخْرَى، فَمَشَى إلى رسول الله ﷺ فَذَكَرَ لَهُ مَا قَالَ الْجُلَاسُ، فَلَمَّا بَلَغَ ذلك الجلاس خرج حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا قَالَ مَا قَالَ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدٍ وَلَقَدْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَوَقَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا فَزَعَمُوا أَنَّ الْجُلَاسَ تَابَ فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَنَزَعَ فَأَحْسَنَ النُّزُوعَ.
هَكَذَا جَاءَ هَذَا مُدْرَجًا «٢» فِي الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا بِهِ وَكَأَنَّهُ واللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَفْسِهِ لَا مِنْ كَلَامِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْجُلَاسِ بْنِ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ، أَقْبَلَ هُوَ وَابْنُ امْرَأَتِهِ مُصْعَبُ مِنْ قُبَاءَ، فَقَالَ الْجُلَاسُ: إِنْ كَانَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ حَقًّا فَنَحْنُ أَشَرُّ مِنْ حُمُرِنَا هَذِهِ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا، فَقَالَ مُصْعَبٌ: أَمَا وَاللَّهِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قُلْتَ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِفْتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ الْقُرْآنُ أَوْ تُصِيبَنِي قَارِعَةٌ أَوْ أَنْ أُخْلَطَ بِخَطِيئَتِهِ، فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْبَلْتُ أَنَا وَالْجُلَاسُ مِنْ قُبَاءَ فَقَالَ كَذَا وَكَذَا وَلَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ أُخْلَطَ بِخَطِيئَةٍ أَوْ تُصِيبَنِي قَارِعَةٌ مَا أَخْبَرْتُكَ، قَالَ: فَدَعَا الْجُلَاسَ فَقَالَ «يَا جلاس أقلت الذي قاله مصعب؟»

(١) كتاب التفسير، تفسير سورة ٦٣، باب ٦.
(٢) المدرج: هو أن يذكر الراوي عقيبه حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلاما لنفسه أو لغيره. فيرويه من بعده متصلا بالحديث من غير فصل. فيتوهم أنه من الحديث.

صفحة رقم 158

فَحَلَفَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قالُوا الْآيَةَ «١».
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَانَ الَّذِي قَالَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ فِيمَا بَلَغَنِي الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ فَرَفَعَهَا عَلَيْهِ رَجُلٌ كَانَ في حجره يقال له عمير بن سعد فَأَنْكَرَهَا فَحَلَفَ بِاللَّهِ مَا قَالَهَا، فَلَمَّا نَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ تَابَ وَنَزَعَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ فِيمَا بَلَغَنِي «٢»، وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ «٣» :
حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَالَ: «إنه سيأتيكم إنسان فينظر إِلَيْكُمْ- بِعَيْنَيِ الشَّيْطَانِ- فَإِذَا جَاءَ فَلَا تُكَلِّمُوهُ» فَلَمْ يَلْبَثُوا أَنْ طَلَعَ رَجُلٌ أَزْرَقُ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: «علام تشتمني أنت وأصحابك؟» فانطلق الرجل فجاءه بِأَصْحَابِهِ فَحَلَفُوا بِاللَّهِ مَا قَالُوا حَتَّى تَجَاوُزَ عَنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا الآية.
وقوله وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا قيل أنزلت في الجلاس بن سويد وذلك أنه هم بقتل ابن امرأته حين قال لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل في عبد الله بن أبي، هم بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال السدي: نزلت في أناس أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي وإن لم يرض رسول الله ﷺ وقد ورد أن نفرا من المنافقين هموا بالفتك بالنبي ﷺ وهو في غزوة تبوك، في بعض تلك الليالي في حال السير، وكانوا بضعة عشر رجلا، قال الضحاك: ففيهم نزلت هذه الْآيَةَ.
وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِخِطَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقُودُ بِهِ وَعَمَّارٌ يَسُوقُ النَّاقَةَ أَوْ أَنَا أَسُوقُهُ وَعَمَّارٌ يَقُودُهُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْعَقَبَةِ فَإِذَا أَنَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رَاكِبًا قَدِ اعْتَرَضُوهُ فِيهَا، قَالَ فَأَنْبَهْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ، فَصَرَخَ بِهِمْ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ عَرَفْتُمُ الْقَوْمَ؟» قُلْنَا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانُوا مُتَلَثِّمِينَ وَلَكُنَّا قَدْ عَرَفْنَا الرِّكَّابَ قَالَ: «هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهَلْ تَدْرُونَ مَا أرادوا؟» قلنا: لا، قال: «أرادوا أن يزاحموا رسول الله ﷺ في الْعَقَبَةِ فَيُلْقُوهُ مِنْهَا» قُلْنَا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ أفلا تَبْعَثُ إِلَى عَشَائِرِهِمْ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْكَ كُلُّ قَوْمٍ بِرَأْسِ صَاحِبِهِمْ؟ قَالَ: «لَا، أَكْرَهُ أَنْ تَتَحَدَّثَ الْعَرَبُ بَيْنَهَا أَنَّ مُحَمَّدًا قَاتَلَ بِقَوْمٍ حَتَّى إِذَا أَظْهَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَقْتُلُهُمْ- ثُمَّ قَالَ- اللَّهُمَّ ارْمِهِمْ بِالدُّبَيْلَةِ» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الدُّبَيْلَةُ؟ قَالَ: «شِهَابٌ مِنْ نَارٍ يَقَعُ عَلَى نِيَاطِ قَلْبِ أَحَدِهِمْ فَيَهْلِكُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٤»
رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جميع عن أبي

(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ٤٢١.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ٤٢١.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ٤٢٢.
(٤) المسند ٥/ ٤٥٣، ٤٥٤.

صفحة رقم 159

الطُّفَيْلِ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْعَقَبَةَ فَلَا يَأْخُذْهَا أَحَدٌ فَبَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُودُهُ حُذَيْفَةُ وَيَسُوقُهُ عَمَّارٌ إِذْ أَقْبَلَ رَهْطٌ مُتَلَثِّمُونَ عَلَى الرَّوَاحِلِ فَغَشَوْا عَمَّارًا وَهُوَ يَسُوقُ برسول الله ﷺ فأقبل عَمَّارٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَضْرِبُ وُجُوهَ الرَّوَاحِلِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُذَيْفَةَ «قَدْ قَدْ» حَتَّى هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا هَبَطَ نَزَلَ وَرَجَعَ عَمَّارٌ فَقَالَ يَا عَمَّارُ: «هَلْ عَرَفْتَ القوم؟» قال: لقد عَرَفْتُ عَامَّةَ الرَّوَاحِلِ وَالْقَوْمُ مُتَلَثِّمُونَ قَالَ «هَلْ تَدْرِي مَا أَرَادُوا؟» قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «أَرَادُوا أَنْ يُنْفِرُوا بِرَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى الله عليه وسلم- راحلته فيطرحوه» قال: فسأل عمار رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ نَشَدْتُكَ بِاللَّهِ كَمْ تَعْلَمُ كَانَ أصحاب العقبة؟ قال: أربعة عشر رجلا فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانُوا خَمْسَةَ عشر قال فعد رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةً قَالُوا: وَاللَّهِ مَا سَمِعْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَلِمْنَا مَا أَرَادَ الْقَوْمُ فَقَالَ عَمَّارٌ أَشْهَدُ: أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ الْبَاقِينَ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ.
وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوَ هَذَا، وَأَنَّ رسول الله ﷺ أمر أَنْ يَمْشِيَ النَّاسُ فِي بَطْنِ الْوَادِي وَصَعَدَ هُوَ وَحُذَيْفَةُ وَعَمَّارٌ الْعَقَبَةَ، فَتَبِعَهُمْ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْأَرْذَلُونَ وَهُمْ مُتَلَثِّمُونَ فَأَرَادُوا سُلُوكَ الْعَقَبَةِ، فَأَطْلَعَ اللَّهُ عَلَى مُرَادِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ حُذَيْفَةَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبَ وُجُوهَ رَوَاحِلِهِمْ فَفَزِعُوا وَرَجَعُوا مَقْبُوحِينَ، وَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارًا بِأَسْمَائِهِمْ وَمَا كَانُوا هَمُّوا بِهِ مِنَ الْفَتْكِ بِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يكتما عليهم، وكذا رَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، إِلَّا أَنَّهُ سَمَّى جَمَاعَةً مِنْهُمْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَا قَدْ حُكِيَ فِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَيَشْهَدُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ بِالصِّحَّةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «١» : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ:
أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ كَمْ كَانَ أَصْحَابُ الْعَقَبَةِ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ: أَخْبِرْهُ إذ سألك؟ فقال: كُنَّا نُخْبِرُ أَنَّهُمْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَإِنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَشْهَدُ بِاللَّهِ أَنَّ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْبٌ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وَعَذَرَ ثَلَاثَةً قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَلِمْنَا بِمَا أَرَادَ الْقَوْمُ؟ وَقَدْ كَانَ فِي حَرَّةٍ يمشي فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ قَلِيلٌ فَلَا يَسْبِقْنِي إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «٢» أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «فِي أَصْحَابِي اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدُونَ رِيحَهَا حَتَّى يَلِجَ الجمل في سم الخياط: ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من نار

(١) كتاب صفات المنافقين حديث ١١.
(٢) كتاب صفات المنافقين حديث ٩، ١٠.

صفحة رقم 160
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
محمد حسين شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية، منشورات محمد علي بيضون - بيروت
الطبعة
الأولى - 1419 ه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية