آيات من القرآن الكريم

۞ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ

فيا ربَّ ليلى أنت في كلِّ موطنٍ وأنت الذي في رحمة الله أطمع (١)
أراد في رحمته (٢) فأظهر الهاء) (٣)، وهذان الوجهان ذكرهما أبو بكر؛ معنى قول الزجاج (٤) في هذه الآية، والأول منهما (٥) اختياره (٦).
﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأعراف: ١٧١].
١٧١ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ﴾، اختلفت (٧) عبارات أهل اللغة (٨) والتفسير (٩) في معنى ﴿نَتَقْنَا﴾؛ فقال الليث: (النَّتق الجذب، تقول: نتقت الغرب من البئر نتقًا إذا جذبته بمرَّة جذبة، وبعث الله الملائكة فنتقوا جبل طور فاقتلعوه من أصله حتى أطلعوه على عسكر بني إسرائيل) (١٠).
(١) الشاهد بلا نسبة في "زاد المسير" ٣/ ٢٨٣، و"مغني اللبيب" ١/ ٢١٠ - ٢/ ٥٠٤ - و٥٤٦، وقال السيوطي في "شرح شواهد المغني" ٢/ ٥٥٩: (قيل: إنه لمجنون بني عامر) اهـ. وهو ليس في "ديوانه".
(٢) في (ب): (في رحمته أطمع فأظهر).
(٣) ذكره ابن الجوزي ٣/ ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩.
(٥) في (ب): (منها).
(٦) قال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤١٨: (والظاهر أن قوله: ﴿وَالَّذِينَ﴾ استئناف مرفوع بالابتداء وخبره الجملة بعده، ولا ضرورة إلى ادعاء الحذف) اهـ.
(٧) في (ب): (اختلف)، وهو تحريف.
(٨) انظر: "الجمهرة" ١/ ٤٠٨، و"مقاييس اللغة" ٥/ ٣٨٧، و"المجمل" ٣/ ٨٥٤، و"المفردات" ص ٧٩٠، و"اللسان" ٧/ ٤٣٧٧ (نتق).
(٩) أخرج الطبري ٨٢/ ١١٠ من طرق جيدة عن ابن عباس وقتادة قالا: (أي: رفعنا)، وأخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٦١٠ من طرق جيدة عن ابن عباس وعطاء.
(١٠) "العين" ٥/ ١٢٩ - ١٣٠، وفي "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٠٥، قال الليث: (النتق =

صفحة رقم 438

وقال (١) الفراء في كتاب "المصادر": (يقول: علّقنا (٢) الجبل فوقهم فرفعناه، نتقهُ ينتقهُ نتقًا) (٣).
وقال في المعاني: ﴿نَتَقْنَا﴾ رفعنا (٤). وقال بعض أهل اللغة (٥): (أصل النتق: الزعزعة والنفض، ومن هذا يقال: نتقت السقاء إذا نفضته لتقلع منه زبدته) (٦)، وإلى هذا القول ذهب مجاهد وابن قتيبة، قال مجاهد: ﴿نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾ كما تنتق الزبدة) (٧).
وقال ابن قتيبة: ﴿نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾ أي: زعزعناه، ومنه يقال: نتقت السقاء، أي: نفضته لتقلع الزبدة منه).
وقال أبو عبيدة: (أصل النتق: قلع الشيء من موضعه والرمي به، يقال: نتق ما في الجراب إذا رمى به وصبّه، وامرأة ناتق منتاق إذا كثر ولدها، لأنها ترمي بأولادها رميًا) (٨).

= الجذب ونتقت الغَرْب من البئر إذا جذبته بمرة) اهـ. والغَرْب بفتح الغين وسكون الراء: الدلو العظيمة، انظر: "اللسان" ٦/ ٣٢٢٧ (غريب).
(١) في (ب): (فقال).
(٢) في (ب): (علقت).
(٣) ذكره الثعلبي ٦/ ١٧/ ب، وذكره الطبري ٩/ ١١٠ عن بعض الكوفيين.
(٤) "معاني الفراء" ١/ ٣٩٩، وزاد: (رفع الجبل على عسكرهم فرسخًا فرسخًا) اهـ.
(٥) ذكره في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٠٥ بلا نسبة، وهو في أكثر المراجع المذكورة.
(٦) أخرجه الطبري ٩/ ١٠٩، وابن أبي حاتم ٥/ ١٦١٠ بسند ضعيف.
(٧) "تفسير غريب القرآن" ص ١٨٢، وانظر: "غريب القرآن" لليزيدي ص ١٥٢، و"معاني النحاس" ٣/ ١٠١.
(٨) ذكره الرازي ١٥/ ٤٥، والسمين في "الدر" ٥/ ٥٠٩، وذكره الطبري ٩/ ١١٠، عن بعض البصريين، وقال الشيخ أحمد شاكر في "الحاشية" (يعني: أبا عبيدة) وفي "مجاز القرآن" ١/ ٢٣٢ قال: (أي: رفعنا فوقهم) اهـ. وفي "الصحاح" ٤/ ١٥٥٨ (قال أبو عبيدة: أي: زعزعناه) اهـ.

صفحة رقم 439

وأحسن العبارات وأجمعها (١) أن يقال: معنى ﴿نَتَقْنَا الْجَبَلَ﴾: رفعناه باقتلاع له من أصله.
وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ﴾ قال عطاء عن ابن عباس: (كأنه سقيفة) (٢)، والظلة (٣): كل ما أظلك من سقف بيت، أو سحابة، أو جناح حائط، والجمع ظلل وظلال (٤). أما (٥) تفسير الآية وقصتها فقد ذكرنا في سورة البقرة عند قوله: ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ الآية [البقرة: ٦٣].
وقوله تعالى: ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ﴾. قال المفسرون (٦): (علموا

(١) هذا هو الظاهر واختيار أكثرهم، انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ١٥٩، و"نزهة القلوب" ص ٤٤٥ - ٤٤٦، و"تفسير السمرقندي" ١/ ٥٧٩، و"تفسير المشكل" ص ٨٨، و"تفسير ابن الجوزي" ٣/ ٢٨٣، والرازي ١٥/ ٤٥، والقرطبي ٧/ ٣١٣، وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٤١٨: (النتق الجذب بشدة وفسره بعضهم بغايته وهو القلع) اهـ. وقال السمين في "الدر" ٥/ ٥٠٩ - ٥١٠: (اختلفت فيه عبارات أهل اللغة وكلها معان متقاربة) اهـ. بتصرف.
وقال ابن عطية ٦/ ١٣٠: (أي: اقتلعنا ورفعنا. وقد جاء في القرآن بدل هذه اللفظة في هذه القصة بعينها ﴿وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ [البقرة: ٦٣]) اهـ.
(٢) ذكره الرازي ١٥/ ٤٥، وذكره الثعبي ٦/ ١٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٩٧ عن عطاء فقط.
(٣) انظر: "العين" ٨/ ١٤٨، و"الجمهرة" ١/ ١٥٣، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٢٤٦، و"الصحاح" ٥/ ١٧٥٥، و"المجمل" ٢/ ٥٩٩، و"مقاييس اللغة" ٣/ ٤٦١، و"المفردات" ص ٥٣٥ (ظلل).
(٤) في (ب): (ظلل وأظلال)، وفي "اللسان" ٥/ ٢٧٥٥ (ظلل): (كل شيء أظلك فهو ظلَّة ويقال: ظلُّ وظلال وظلة وظلل، والظلُّ بالكسر جمعه أظلال وظلال وظلول) اهـ.
(٥) في (ب): (فأما).
(٦) انظر: السمرقندي ١/ ٥٧٩، والثعلبي ٦/ ١٨ أ، والماوردي ٢/ ٢٧٦، والبغوي ٣/ ٢٩٧، وابن الجوزي ٣/ ٢٨٣، والخازن ٢/ ٣٠٦، وذكره عن المفسرين الرازي ١٥/ ٤٥.

صفحة رقم 440
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية