آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝ

قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي وذلك أن أهل مكة قالوا له: من أين لك هذه الفضيلة وأنت بشر مثلنا؟ فإن فعلت لطلب المال فاترك هذا القول حتى نعطيك من المال ما شئت. فنزلت قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ يعني: وفقني الله وهداني إلى دين الإسلام وهو دين لا عوج فيه دِيناً قِيَماً. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو دِيناً قِيَماً بنصب القاف وكسر الياء مشدودة. وقرأ الباقون قَيِّماً بكسر القاف ونصب الياء على معنى المصدر. ومن قرأ بالنصب على معنى النعت دِيناً قِيَماً يعني: ديناً عدلاً مستقيماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً يعني: مستقيماً مخلصاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ على دينهم قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وأصل النسك ما يتقرب به يعني: قل إن صلاتي المفروضة وقرباني وديني وَمَحْيايَ في الدنيا وَمَماتِي بعد الحياة. ويقال: وَنُسُكِي يعني: أضحيتي وحجتي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ في الكتاب وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ من أهل مكة. ويقال: أول المسلمين يوم الميثاق. ويقال: صَلاتِي يعني: صلاة العيد ونسكي يعني: الأضحية.
وروي عن رسول الله ﷺ أنه قال لعائشة رضي الله عنه: «قُومِي إلى أُضْحِيَتِكِ وَاذْبَحِي وَقُولِي: إنَّ صَلاَتِي وَنُسْكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لله رَبِّ العَالَمِينَ». ويقال: إن أول المخلصين بالثبات على الإسلام.
قوله تعالى:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٦٤ الى ١٦٥]
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا يعني: يقول أعبد وأطلب رباً غيره وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ من خلقه في السموات والأرض، لأنهم كانوا يقولون له: نحن كفلاء لك بما يصيبك ومن تابعك.
فنزلت وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها يعني: إلا لها أو عليها إن كان خيراً فلها وإن كان شراً فعليها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى يعني: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ أي مصيركم في الآخرة فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من الدين، ويبيّن لكم الحق من الباطل بالمعاينة.
ثم قال: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ يعني: سكان الأرض من بعد إهلاك

صفحة رقم 500

الأمم الخالية، لأن النبي عليه السلام خاتم النبيين، وأمته قد خلفوا جميع الأمم. ويقال:
خلائف يعني: يخلف بعضكم بعضاً وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ أي فضل بعضكم على بعض في المال والرزق لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ يعني: ليبتلي الموسر بالغِنَى ويطلب منه الشكر، ويبتلي المُعْسِر بالفاقة ويطلب منه الصبر. ويقال: لِيَبْلُوَكُمْ يعني: بعضكم ببعض كما قال الله تعالى: وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً [الفرقان: ٢٠].
ثم خوّفه فقال: إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ كأنه جاء لأن ما هو آتٍ فهو قريب، كما قال:
وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ [القمر: ٥٠] وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ يعني: لمن أطاعه في فاقة أو غِنى. ويقال: سَرِيعُ الْعِقابِ لمن لم يشكر نعمته وكان مصراً على ذلك.
إِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ لمن رجع وتاب رَحِيمٌ بعد التوبة. ويقال: سَرِيعُ الْعِقابِ لمن لم يحفظ نفسه فيما أعطاه من فضل الله وترك حق الله في ذلك وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ لمن تاب رَحِيمٌ بعد التوبة. قال الفقيه قال: حدثنا أبو الحسن بن حمدان بإسناده عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَشَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلَف مَلَكٍ لَهُمْ زَجَلٌ بالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ» قال. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأ سُورَةَ الأنْعَامِ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ أُولئكَ السَّبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِعَدَدِ كُلِّ آيَةٍ في سُورَةِ الأنْعَامِ يَوْماً وَلَيْلَةً».

صفحة رقم 501
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية