آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ

ابْنِ عَبَّاسٍ: الْمَرَّةُ الْأُولَى دَارُ الدُّنْيَا، يَعْنِي لَوْ رُدُّوا مِنَ الْآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ مَمَاتِهِمْ، كَمَا قَالَ: "وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ" (الْأَنْعَامِ، ٢٨) ﴿وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قَالَ عَطَاءٌ: نَخْذُلُهُمْ وَنَدَعُهُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ يَتَمَادُونَ.
﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾ فَرَأَوْهُمْ عِيَانًا، ﴿وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى﴾ بِإِحْيَائِنَا إِيَّاهُمْ فَشَهِدُوا لَكَ بِالنُّبُوَّةِ كَمَا سَأَلُوا، ﴿وَحَشَرْنَا﴾ وَجَمَعْنَا، ﴿عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا﴾ قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَابْنُ عَامِرٍ " قِبَلَا " بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، أَيْ مُعَايَنَةً، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ، هُوَ جَمْعُ قَبِيلٍ، وَهُوَ الْكَفِيلُ، مِثْلُ رَغِيفٍ وَرُغُفٍ، وقضيب وقُضُب ١٢٣أأَيْ: ضُمَنَاءُ وَكُفَلَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ جَمْعُ قَبِيلٍ وَهُوَ الْقَبِيلَةُ، أَيْ: فَوْجًا فَوْجًا، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى الْمُقَابَلَةِ وَالْمُوَاجَهَةِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَتَيْتُكَ قُبَلًا لَا دُبُرًا إِذَا أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، ﴿مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ ذَلِكَ، ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (١١٢) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (١١٣) ﴾
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا﴾ أَيْ: أَعْدَاءً فِيهِ تَعْزِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي كَمَا ابْتَلَيْنَاكَ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ قَبْلَكَ أَعْدَاءً، ثُمَّ فَسَّرَهُمْ فَقَالَ: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ قَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: مَعْنَاهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ الَّتِي مَعَ الْإِنْسِ، وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ الَّتِي مَعَ الْجِنِّ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسِ شَيَاطِينٌ، وَذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ جَعَلَ جُنْدَهُ فَرِيقَيْنِ فَبَعَثَ فَرِيقًا مِنْهُمْ إِلَى الْإِنْسِ وَفَرِيقًا مِنْهُمْ إِلَى الْجِنِّ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ أَعْدَاءٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَوْلِيَائِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ حِينٍ، فَيَقُولُ [شَيْطَانُ] (١) الْإِنْسِ [لِشَيْطَانِ] الْجِنِّ: أَضْلَلْتُ صَاحِبِي بِكَذَا فَأَضِلَّ صَاحِبَكَ بِمِثْلِهِ، وَتَقُولُ شَيَاطِينُ الْجِنِّ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ كَذَلِكَ، فَذَلِكَ وَحْيُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ.
قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: إِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينٌ كَمَا أَنَّ مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينٌ، وَالشَّيْطَانُ: الْعَاتِي الْمُتَمَرِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالُوا: إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا أَعْيَاهُ الْمُؤْمِنُ وَعَجَزَ مِنْ إِغْوَائِهِ ذَهَبَ إِلَى مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْإِنْسِ وَهُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ فَأَغْرَاهُ بِالْمُؤْمِنِ لِيَفْتِنَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ تَعَوَّذْتَ بِاللَّهِ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ"؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ لِلْإِنْسِ مِنْ شَيَاطِينَ؟

(١) في الأصل "شياطين" في الموضعين.

صفحة رقم 179
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية