آيات من القرآن الكريم

مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ

الى المؤخر والمؤخر الى المقدم وجعله موزونا وزيد فيه أبيات منها

ومالى لا أجود بسكب دمع وهابيل تضمنه الضريح
ارى طول الحياة علىّ غما فهل انا من حياتى مستريح
فلما مضى من عمر آدم مائة وثلثون سنة وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء شيثا واسمه هبة الله يعنى انه خلف من هابيل علمه الله ساعات الليل والنهار وعلمه عبادة الحق فى كل ساعة منها وانزل عليه خمسين صحيفة فصار وصى آدم وولى عهده فاما قابيل فقيل له اذهب طريدا شريدا فزعا مرعوبا لا تأمن من تراه فاخذ بيد أخته إقليما وهرب بها الى عدن من ارض اليمن فاتاه إبليس فقال له انما أكلت النّار قربان هابيل لانه كان يعبد النار فانصب أنت ايضا نارا تكون لك ولعقبك فبنى بيتا للنار فهو اوّل من عبد النار واتخذ أولاد قابيل آلات اللهو من اليراع والطبول والمزامير والعيدان والطنابير وانهمكوا فى اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنا والفواحش حتى غرقهم الله بالطوفان ايام نوح وبقي نسل شيث عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ لا يقتل نفس ظلما الا كان على ابن آدم الاوّل كفل من دمها لانه اوّل من سن القتل رواه البخاري وغيره وروى البيهقي فى شعب الايمان عن ابن عمر وابن آدم القاتل يقاسم اهل النار قسمة صحيحة العذاب عليه شطر عذابهم واخرج ابن عساكر عن ابى هريرة عن النبىّ ﷺ قال من هجر أخاه سنة لقى الله بخطية قابيل لا يفكه شىء دون ولوج النار.
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ قرأ ابو جعفر من أجل بكسر النون موصولا وإلقاء الهمزة والعامة بسكون النون وفتح الهمزة مقطوعا اى بسبب وقوع ذلك الجناية العظيمة من ابن آدم وسد باب القتل وأجل فى الأصل مصدر أجل شرا بأجل إذا اجناه اى جره اليه فى القاموس أجل للشر عليهم ياجله جناه إذا ثاره وهيجه ثم استعمل فى تعليل الجنايات ثم اتسع فيه فاستعمل فى كل تعليل ومن ابتدائية متعلقة بقوله كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ اى ابتداء الكتب وانشأه من أجل ذلك أَنَّهُ الضمير للشان مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ اى بغير قتل نفس يوجب القصاص أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ وهو يشتمل فساد اهل الحرب واهل البغي وقطاع الطريق وزنا يعنى بغير هذه الأشياء الموجبة للقتل فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ «١» جَمِيعاً قال البغوي اختلفوا فى تأويلها
(١) اخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد فى قوله تعالى فكانما قتل الناس جميعا قال هذه مثل التي فى سورة النساء ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعدله عذابا عظيما يقول لو قتل الناس لم يزد على مثل ذلك ١٢ منه

صفحة رقم 83

فقال ابن عباس فى رواية عن عكرمة من قتل نبيا او امام عدل فكانما قتل الناس جميعا ومن شد على عضد نبىّ او امام عدل فكانما أحيا الناس جميعا وقال مجاهد من قتل نفسا محرمة يصل النار بقتلها كما يصل لو قتل الناس جميعا ومن أحياها يعنى من سلم من قتلها فقد سلم من قتل الناس جميعا وقال قتادة عظم الله أجرها وعظم وزرها معناه من استحل قتل مسلم بغير حقه فكانما قتل الناس جميعا فى الإثم لانهم لا يسلمون منه وَمَنْ أَحْياها اى تورع عن قتلها او استنقذها من بعض اسباب الهلاك كالقتل بغير حق او غرق او حرق او هدم او نحو ذلك فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً فى الثواب لسلامتهم منه وقال الحسن فكانما قتل الناس جميعا يعنى انه يجب عليه القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل النّاس جميعا ومن أحياها اى عفا عمن وجب عليه القصاص له فلم يقتله فكانما احيى الناس جميعا والمقصود من هذه الاية تعظيم قتل النفس وإحياءها فى القلوب ترهيبا عن التعرض لها وترغيبا فى المحاماة عليها عن البراء بن عازب ان رسول الله ﷺ قال لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق رواه ابن ماجة بسند حسن والبيهقي وزاد ولو ان اهل سموته واهل ارضه اشتركوا فى دم مؤمن لادخلهم النار وفى رواية له من سفك دم بغير حق ولمسلم من حديث عبد الله بن عمر مثل الاول والنسائي من حديث بريدة قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ولابن ماجة من حديث عبد الله بن عمر ورايت رسول الله ﷺ يطوف بالكعبة ويقول ما اطيبك وما أطيب ريحك وما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفسى بيده لحرمة المؤمن أعظم من حرمتك وماله ودمه قال سليمان بن على قلت للحسن فى هذه الآية يا أبا سعيد أهي لنا كما كانت لبنى إسرائيل قال اى والذي لا اله غيره ما كان دماء بنى إسرائيل أكرم على الله من دمائنا وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ يعنى بنى إسرائيل رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ بالمعجزات الواضحات ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ اى بعد ما كتبنا عليهم هذا التشديد العظيم من أجل أمثال تلك الجناية وأرسلنا إليهم الرسل بالآيات الواضحات تأكيدا للامر وتجديدا للعهد كى يتحاموا عنها كثير منهم فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ

صفحة رقم 84
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية