آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا
ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎ

٢- وجوب تدبر القرآن لتقوية الإيمان١.
٣- آية أن القرآن وحي الله وكلامه سلامته من التناقض والتضاد في الألفاظ والمعاني.
٤- تقرير مبدأ أن أخبار الحرب لا تذاع إلا من قبل القيادة العليا حتى لا يقع الاضطراب في صفوف المجاهدين والأمة كذلك.
٥- أكثر الناس يتأثرون بما يسمعون إلا القليل من ذوي الحصافة العقلية والوعي السياسي.
﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤) مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) ﴾
شرح الكلمات:
﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ : حثهم على الجهاد وحرضهم على القتال.
﴿بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ : قوتهم الحربية.
روَأَشَدُّ تَنْكِيلاً} : أقوى تنكيلاً، والتنكيل: ضرب الظالم بقوة حتى يكون عبرة لمثله فينكل عن الظلم.
الشفاعة٢: الوساطة في الخير أو في الشر فإن كانت في الخير فهي الحسنة وإن كانت في الشر فهي السيئة.

١ واستنباط الأحكام واستخراج أنواع الهدايات فيه، إذ هو كتاب هداية للمؤمنين به، يهتدون إلى ما يكملهم ويسعدهم في الدنيا والآخرة.
٢ الشفاعة من الشفع، وهو الزوج ضد الفرد، وسميت شفاعة؛ لأن الشفيع يصير مع المشفوع له شفعاً، أي: زوجاً، والشفعة: ضم ملك إلى ملك.

صفحة رقم 516

﴿كِفْلٌ مِنْهَا﴾ : نصيب منها.
﴿مُقِيتاً١﴾ : مقتدراً عليه وشاهداً عليه حافظاً له.
﴿بِتَحِيَّةٍ﴾ : تحية الإسلام، هي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾ : أي: يقول: وعليكم السلام.
﴿حَسِيباً﴾ : محاسباً على العمل مجازياً به خيراً كان أو شراً.
معنى الآيات:
ما زال السياق في السياسة الحربية، ففي هذه الآية: ﴿فَقَاتِلْ٢ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ يأمر تعالى رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقاتل المشركين لأجل إعلاء كلمة الله تعالى بأن يعبد وحده وينتهي اضطهاد المشركين للمؤمنين وهو المراد من قوله ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ وقوله: ﴿لا تُكَلَّفُ إِلا نَفْسَكَ٣﴾ أي: لا يكلفك ربك إلا نفسك وحدها، أما من عداك فليس عليك تكليفه، ولكن حرض المؤمنين على القتال معك فحثهم على ذلك ورغبهم فيه. وقوله: ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾، وهذا وعد من عند الله تعالى بأن يكف بأس الذين كفروا فيسلط عليهم رسوله والمؤمنين فيبددوا قوتهم ويهزموهم فلا يبقى لهم بأس ولا قوة وقد فعل٤، وله الحمد والمنة، وهو تعالى ﴿أَشَدُّ بَأْساً﴾ م كل ذي بأس ﴿وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً﴾ من غيره بالظالمين من أعدائه.
هذا ما دلت عليه الآية (٨٤)، أما الآية (٨٥) وهي قوله تعالى: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً﴾ فهو إخبار منه تعالى بأن من يشفع شفاعة حسنة بأن يضم صوته مع مطالب بحق أو يضم نفسه إلى سرية تقاتل في سبيل الله، أو يتوسط لأحد في قضاء حاجته فإن للشافع

١ شاهده قول الزبير بن عبد الملطب:
وذي صغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتاً
أي: مقتدراً
٢ هذه الفاء هي الفصيحة، والتقدير: إذا كان الأمر كما علمت من وجود المثبطين والخائفين والمرجوفين فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك.
٣ في الآية دليل على شجاعة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخارقة للعادة، إذ كلفه الله به على انفراد وأمره بتحريض المؤمنين على القتال، ومعنى هذا: أنه أمره بالجهاد ولو كان وحده، ولذا قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "والله لأقاتلهنم حتى تنفرد سالفتي"، أي: حتى أموت. وتحريض المؤمنين هو أمرهم بالقتال وحثهم عليه لا على سبيل الإلزام، كما ألزم به هو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٤ فلم يقبض رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دانت الجزيرة كلها بالإسلام، ولم يمض أكثر من ربع قرن حتى دخلت دولتا: الفرس والروم في الإسلام؛ لأن "عسى" من الله تعالى تفيد وجوب الوقوع.

صفحة رقم 517

قسطاً من الأجر والمثوبة، كما أن ﴿وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً﴾ بأن يؤيد باطلاً أو يتوسط في فعل شر أو ترك معروف يكون عليه نصيب من الوزر، لأن الله تعالى على كل شيء مقتدر وحفيظ عليم. هذا ما دلت عليه الآية المذكورة.
أما الآية الأخيرة (٨٦) فإن الله تعالى يأمر عباده المؤمنين بأن يردوا تحية من يحييهم بأحسن منها فإن لم يكن بأحسن فبالمثل، فمن قال: السلام عليكم، فليقل الراد: وعليكم السلام ورحمة الله، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله. فليرد عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً١﴾ فيه تطمين للمؤمنين على أن الله تعالى يثيبهم على إحسانهم ويجزيهم به.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان شجاعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدليل أنه كلف بالقتال وحده وفعل.
٢- ليس من حق الحاكم أن يجند المواطنين تجنيداً إجبارياً، وإنما عليه أن يحضهم على التجنيد ويرغبهم فيه بوسائل الترغيب.
٣- فضل الشفاعة في الخير، وقبح الشفاعة في الشر٢.
٤- تأكيد سنة التحية، ووجوب ردها بأحسن أو بمثل٣.
٥- تقرير ما جاء في السنة بأن السلام عليكم: يعطي عليها المسلم عشر حسنات ورحمة الله: عشر حسنات. وبركاته: عشر كذلك.
{اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً (٨٧) فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ

١ حسيب، هنا: بمعنى محاسب، وحفيظ فلا يضيع حسنات العبد.
٢ شاهده من السنة قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشفعوا تؤجروا"، وليقضي الله على لسان نبيه ما أحب.
٣ في الآية سنية إلقاء السلام ووجوب رده وقد بينت السنة أن القليل يسلم على الكثير، والقائم على القاعد، والراكب على الماشي، وأن الراد يكون بزيادة: ورحمة الله وبركاته. وأنه لا يسلم على المرأة الصغيرة خشية الفتنة. وأن المصلي إن سلم عليه رد السلام بالإشارة إن شاء الله.

صفحة رقم 518
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية