
ذنبا عظيما كذا قال ابن عباس عن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ اجتنبوا السبع الموبقات فذكر منها أكل مال اليتيم متفق عليه.
وَإِنْ خِفْتُمْ ايها الأولياء أَلَّا تُقْسِطُوا اى ان لا تعدلوا وتجوروا من قسط بمعنى جار ومنه القاسطون والهمزة للسلب يعنى خفتم ان تجوروا فِي الْيَتامى اللاتي فى حجوركم إذا نكحتموهن فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ الاجنبيات غير تلك اليتامى ويطلق اليتامى على الذكور والإناث، روى البخاري فى الصحيح عن الزهري قال كان عروة بن الزبير يحدث انه سال عائشة عن هذه الاية قال هى اليتيمة فى حجر وليها فيرغب يعنى الولي غير المحرم مثل ابن العم فى جمالها ومالها ويريد ان يتزوجها بأدنى من سنة نسائها يعنى ادنى من مهر مثلها فنهوا عن نكاحهن الا ان يقسطوا لهنّ فى إكمال الصداق وأمروا بنكاح من سواهن من النساء قالت عائشة ثم استفتى الناس رسول الله ﷺ فانزل الله تعالى يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ الى قوله وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ فبين الله فى هذه الاية ان اليتيمة إذا كانت ذات جمال او مال رغبوا ولم يلحقوا بسنتها بإكمال الصداق وإذا كانت مرغوبا عنها فى قلة الجمال والمال تركوها والتمسوا غيرها من النساء قال فكما تتركونها حين ترغبون عنها ليس لكم ان تنكحوها إذا ترغبوا فيها الا ان تقسطوا لها فى الاوفى من الصداق وتعطوها حقها وقال البغوي قال الحسن كان الرجل من اهل المدينة تكون عنده الأيتام فيهن من يحل له نكاحها فيتزوجها لاجل مالها وهى لا تعجبه كراهية ان يدخله غريب وقال عكرمة فى تفسير الاية وهى رواية عطاء عن ابن عباس انه كان الرجل من قريش يتزوج العشر من النساء والأكثر فاذا صار معدما من مؤن نسائه مال الى مال يتيم فى حجره فانفقه فقيل لهم لا تزيدوا على اربع حتى يحوجكم الى أخذ اموال اليتامى وقيل لمّا نزل الوعيد فى أكل اموال اليتامى كانوا يتحرجون فى أموالهم ويترخصون فى النساء ويتزوجون ما شاءوا وربما لا يعدلون فنزلت فقال الله تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فى حقوق اليتامى فخافوا ايضا ان لا تعدلوا بين النساء فانكحوا مقدار ما يمكنكم القيام بحقوقهن أخرجه ابن جرير وهو قول سعيد بن جبير والضحاك والسدى وقيل كانوا يتحرجون عن ولاية اليتامى ولا يتحرجون من الزنى فقيل لهم ان خفتم ان لا تعدلوا فى امر اليتامى فخافوا الزنى فانكحوا......

ما طاب لكم وهذا قول مجاهد وانما عبر عنهن بما ذهابا الى الصفة لان ما يجىء فى صفات من يعقل فكانّه قيل الطيبات من النساء او اجراهن مجرى غير العقلاء لنقصان عقلهن كما فى ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ قيل معنى ما طاب لكم ما أدركت البلوغ يقال طابت التمرة اى أدركت وهذا اولى بتأويل رواه البخاري عن عائشة يعنى لا تنكحوا اليتامى وانكحوا البالغات لكن كلمة لكم يابى عنه إذ كان المناسب حينئذ فانكحوا ما طاب من النساء وقيل معناه ما حلّ لكم من النساء لان منهن المحرمات كاللاتى فى اية التحريم وهذا انسب بقول مجاهد يعنى خافوا الزنى وانكحوا ما حل لكم لكن على هذا التأويل يلزم ان يكون الاية مجملة والإجمال خلاف الأصل فالاولى ان يقال معناه ما استطاب منهن أنفسكم ومالت أنفسكم إليهن وهذا انسب بجميع التأويلات فالمعنى على قول عائشة ان خفتم ان لا تقسطوا فى اليتامى لضعفهن وعدم من يذب عنهن فوت حقوقهنّ فانكحوا ما طاب لكم من النساء فان الحامى حينئذ بحقوقهن ميلان أنفسكم إليهن سواء كانت يتيمة او بالغة وايضا كون المنكوحة مرغوبة للنفس امنع من وقوعه فى الزنى وايضا يناسب ان يقال لا تزيدوا على اربع بل اقتصروا على المرغوبات فان المرغوبات قل وجودهن والله اعلم (مسئلة) ولهذا سنّ للخاطب ان ينظر الى وجه المخطوبة وكفيها قبل النكاح اجماعا، وقال داود بجواز النظر الى سائر جسدها سوى السوئتين عن جابر قال قال رسول الله ﷺ إذا خطب أحدكم المرأة فان استطاع ان ينظر الى ما يدعوه الى نكاحها فليفعل رواه ابو داود وعن المغيرة بن شعبة قال خطبت امراة فقال لى رسول الله ﷺ هل نظرت إليها قلت لا قال فانظر إليها فانه أحرى ان يؤدم بينكما رواه احمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ معدولة عن اعداد مكررة وهى ثنتين ثنتين وثلاث ثلاث واربع اربع وهى غير منصرفة للعدل والصفة فانها بنيت صفات
بخلاف أصولها فانها لم تبن لها، وقيل لتكرير العدل فانها معدولة عن لفظ ثنتين وعن معناه اعنى ثنتين مرة بعد اخرى منصوبة على الحال من ما طاب مفعول فانكحوا منكرة عند البصريين وقال الكوفيون هى معرفة لامتناع دخول حرف التعريف عليها فهى منصوبة على البدلية من ما طاب،......

(مسئلة) أجاز الروافض بهذه الاية تسعا من المنكوحات وكذا نقل عن النخعي وابن ابى ليلى لاجل العطف بالواو التي هى للجمع قالوا معنى الاية فانكحوا ثنتين وثلاثا وأربعا ومجموع ذلك تسع وأجاز الخوارج ثمانى عشرة نظرا الى تكرار المعنى وكلا القولين باطلان، اما قول الخوارج فلان مثنى وأخواتها معدول عن عدد مكرر لا تقف الى حد بإزاء ما يقابله لا لمكرر مرتين فمن قال لجماعة خذوا من هذه الدراهم مثنى معناه لياخذ كل رجل منكم منها درهمين درهمين وليس المعنى خذوا منها اربعة دراهم ولو كان كذلك فلا يستقيم معنى فانكحوا مثنى وثلث وربع إذ لا يتصور لجميع الناس نكاح امرأتين او ثلاث او اربع او تسع او ثمان عشرة ولذا قال صاحب الكشاف لو أفردت لم يكن معنى يعنى لو قيل فانكحوا ثنتين وثلاثا وأربعا لم يستقم المعنى واماما قالت الروافض ان المراد بها اباحة تسع لكل رجل فلانه فى عرف البليغ لا يؤدى معنى التسع بلفظ ثنتين وثلاث واربع كما لا يخفى بل المعنى انه يجوز لكل أحد نكاح ثنتين وكذا يجوز لكل نكاح ثلاث وكذا يجوز لكل نكاح اربع قال البيضاوي لو ذكرت باو لذهب تجويز الاختلاف فى العدد وفيه انه لو كان كذلك لذهب بالواو تجويز الاتفاق «١» والحق انه لا تفاوت فى فهم المقصود بين مثنى او ثلث وبين مثنى وثلاث إذ لا يلتفت فى أحد الصورتين الى اشتراط ان يكون جميع الامة على نحو واحد من هذه الاقسام المجوزة البتة او على أنحاء مختلفة البتة وانما جىء بالواو لانه اقرب لافادة التوزيع عند مقابلة المجموع بالمجموع- (مسئلة) لا يجوز ان يتزوج ما فوق الاربعة من النساء عند الائمة الاربعة وجمهور المسلمين وحكى عن بعض الناس اباحة اىّ عدد شاء بلا حصر لان قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ يفيد العموم ولفظ مثنى تعداد عرفى لا قيد كما يقال خذ من هذا البحر ما شئت قربة وقربتين وثلاثا ولو سلمنا كونه قيدا فالمعنى اباحة نكاح ما طاب عن النساء حال كونهن مثنى وثلاث وربع وذا لا يدل على ففى الحكم عما زاد على الأربع الا بمفهوم العدد ولا عبرة بالمفهوم الا ترى ان قوله تعالى جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ لا يدل على انه تعالى لم يجعل من الملائكة رسولا ذا «٢» اجنحة زائدة على اربعة جناح كيف وقد صح انه صلى الله عليه وسلم
(٢) فى الأصل ذى

راى جبرئيل وله ستمائة جناح والأصل فى النكاح الحل على العموم لقوله تعالى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ وقوله وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وقد صح انه ﷺ تزوج تسعا والأصل عدم الخصوصية الا بدليل ولنا ان الاية نزلت فى قيس بن الحارث قال البغوي روى ان قيس بن الحارث كانت تحته ثمانى نسوة فلما نزلت هذه الاية قال له رسول الله ﷺ طلق أربعا وامسك أربعا قال فجعلت أقول للمرءة التي لم تلد منى يا فلانة أدبري والتي قد ولدت أقبلي فكان من النبي ﷺ بيانا للاية وهو اعلم بمراد الله تعالى فظهران الأصل فى النكاح الحرمة والتضييق كما ذكرنا فى تفسير سورة البقرة فى مسئلة حرمة إتيان النساء فى أدبارهن فى تفسير قوله تعالى فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ وما قيل ان الأصل فيه الحل ممنوع وقوله تعالى وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ المراد به ماوراء المحرمات من الأمهات وغيرهن المذكورات وذا لا يدل على العدد عموما ولا خصوصا بل على حل كل واحدة منهن وكذا قوله وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ الاية فان مقابلة الجمع بالجمع يقتضى انقسام الآحاد على الآحاد فظهران الاية ما سيقت الّا لبيان العدد المحلل لا لبيان نفس الحل لانه عرف من غيرها قبل نزولها كتابا وسنة فكان ذكره هنا مقيّدا بالعدد ليس الا لبيان قصر الحل عليه او هى لبيان الحل المقيد بالعدد لا مطلقا كيف وهو حال ممّا طاب فيكون قيدا فى العامل وهو الاحلال المفهوم من فانكحوا وايضا عدم جواز ما فوق الأربع من النساء ثبت بحديث ابن عمران غيلان بن سلمة الثقفي اسلم وله عشر نسوة فى الجاهلية فاسلمن معه فقال النبي ﷺ امسك أربعا وفارق سائرهن رواه الشافعي واحمد والترمذي وابن ماجة وحديث نوفل بن معاوية قال أسلمت وتحتى خمس نسوة فسالت النبي ﷺ فقال فارق واحدة وامسك أربعا فعمدت الى اقدمهن صحبة عندى عاقر منذ ستين سنة ففارقتها رواه الشافعي والبغوي فى شرح السنة وعلى حصر الحل فى اربع انعقد الإجماع وقول بعض الناس فى مقابلة الإجماع باطل ولم يذهب الى التعميم أحد من اهل البدع ايضا فانه حصر الخوارج فى ثمان عشرة والروافض فى تسع، مسئلة إذا اسلم الرجل وتحته اكثر من اربع او اختان او أم وبنتها واسلمن معه او هنّ......
صفحة رقم 8
كتابيات فعند مالك والشافعي واحمد ومحمد بن الحسن انه يختار من الأكثر أربعا ومن الأختين ونحوهما واحدة وقال ابو حنيفة ان كان تزوجهن بعقدة واحدة فرق بينه وبينهن وان كان على التعاقب فنكاح من يحل سبقة جائز ونكاح من تأخر فوقع به الجمع او الزيادة على الأربع باطل الّا فى أم وبنتها إذا دخل بهما لحرمة المصاهرة وما ذكرنا من الأحاديث وحديث الضحاك بن فيروز الديلمي عن أبيه قال قلت يا رسول الله انى أسلمت وتحتى اختان قال اختر أيتهما شئت رواه الترمذي وابو داود وابن ماجة حجة للجمهور على ابى حنيفة- (مسئلة:) لا يجوز للعبد ان يتزوج اكثر من امرأتين عند الثلاثة وقال مالك وداود وربيعة يتزوج أربعا لشمول هذه الاية الأحرار والعبيد، قلنا المخاطبون بهذه الاية الأحرار دون العبيد بدليل اخر الاية فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إذ لا ملك للعبيد وروى ابن الجوزي فى التحقيق عن عمر رضى الله عنه ينكح العبد امرأتين ويطلق طلقتين وتعتد الامة حيضتين وكذا روى البغوي فى المعالم وزاد فان لم تكن تحيض فشهرين او شهرا ونصفا، قال ابن الجوزي قال الحاكم اجمع اصحاب رسول الله ﷺ ان العبد لا ينكح اكثر من امرأتين، رواه ابن ابى شيبة والبيهقي- فَإِنْ خِفْتُمْ اى خشيتم ايها الذين تريدون النكاح أَلَّا تَعْدِلُوا بين الأزواج المتعددة فَواحِدَةً اى فانكحوا واحدة وذروا الجمع وقرا ابو جعفر فواحدة بالرفع على انه فاعل فعل محذوف او خبر مبتدا محذوف فتكفيكم واحدة او فالمقنع واحدة أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ يعنى السراري لانه لا يلزم فيهن من الحقوق ما يلزم فى المنكوحات ولا قسم لهن ولا حصر فى عددهن (مسئلة:) تعليق الاختصار على
الواحدة او التسرى بخوف الجور يدل على انه عند القدرة على أداء حقوق الزوجات والعدل بينهن الأفضل الإكثار فى النكاح والنكاح على التائق فرض عين اجماعا ان كان قادرا على النفقة وعلى غير التائق مسنون مستحبّ ما لم يخف الفتنة والتقصير فى أداء الحقوق، عن ابن مسعود قال قال رسول الله ﷺ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباه فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فان الصوم له «١» وجاء متفق عليه،