آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ

أخرج عبد بن حميد وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن عُرْوَة بن الزبير أَنه سَأَلَ عَائِشَة عَن قَول الله ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى﴾ قَالَت: يَا ابْن أُخْتِي هَذِه الْيَتِيمَة تكون فِي حجر وَليهَا تشركه فِي مَالهَا وَيُعْجِبهُ مَالهَا وجمالها فيريد وَليهَا أَن يتزوّجها بِغَيْر أَن يقسط فِي صَدَاقهَا فيعطيها مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره
فنهوا عَن أَن ينكحوهن إِلَّا أَن يقسطوا لَهُنَّ ويبلغوا بِهن أَعلَى سنتهن فِي الصَدَاق وَأمرُوا أَن ينكحوا مَا طَابَ لَهُم من النِّسَاء سواهن وَإِن النَّاس استفتوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد هَذِه الْآيَة
فَأنْزل الله (ويستفتونك فِي النِّسَاء) (الْبَقَرَة الْآيَة ٢٢٠) قَالَت عَائِشَة: وَقَول الله فِي الْآيَة الْأُخْرَى (وترغبون أَن تنكحوهن) (النِّسَاء الْآيَة ١٢٧) رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته حِين تكون قَليلَة المَال وَالْجمال
فنهوا أَن ينكحوا من رَغِبُوا فِي مَاله وجماله من بَاقِي النِّسَاء إِلَّا بِالْقِسْطِ من أجل رغبتهم عَنْهُن إِذا كن قليلات المَال وَالْجمال
وَأخرج البُخَارِيّ عَن عَائِشَة أَن رجلا كَانَت لَهُ يتيمة فنكحها وَكَانَ لَهَا عذق فَكَانَ يمْسِكهَا عَلَيْهِ وَلم يكن لَهَا من نَفسه شَيْء
فَنزلت فِيهِ ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى﴾ أَحْسبهُ قَالَ كَانَت شريكته فِي ذَلِك العذق وَفِي مَاله
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عَائِشَة قَالَت: نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْيَتِيمَة تكون عِنْد الرجل وَهِي ذَات مَال فَلَعَلَّهُ ينْكِحهَا لمالها وَهِي لَا تعجبه ثمَّ يضْربهَا ويسيء صحبتهَا
فوعظ فِي ذَلِك
وَأخرج ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن عِكْرِمَة قَالَ: كَانَ الرجل من قُرَيْش يكون عِنْد النسْوَة وَيكون عِنْد الْأَيْتَام فَيذْهب مَاله فيميل على مَال الْأَيْتَام
فَنزلت هَذِه الْآيَة ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى﴾ الْآيَة
وَأخرج ابْن جرير عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتزوّج الْأَرْبَع وَالْخمس والست وَالْعشر فَيَقُول الرجل: مَا يَمْنعنِي أَن أتزوّج كَمَا تزوّج فلَان فَيَأْخُذ مَال يتيمة فيتزوّج بِهِ فنهوا أَن يتزوّجوا فَوق الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق الْعَوْفِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ الرجل يتَزَوَّج بِمَال الْيَتِيم مَا شَاءَ الله تَعَالَى فَنهى الله عَن ذَلِك

صفحة رقم 427

وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قصر الرِّجَال على أَربع نسْوَة من أجل أَمْوَال الْيَتَامَى
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: بعث الله مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالنَّاس على أَمر جاهليتهم إِلَّا أَن يؤمروا بِشَيْء وينهوا عَنهُ فَكَانُوا يسْأَلُون عَن الْيَتَامَى وَلم يكن للنِّسَاء عدد وَلَا ذكر فَأنْزل الله ﴿وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى فانكحوا مَا طَابَ لكم﴾ الْآيَة
وَكَانَ الرجل يتَزَوَّج مَا شَاءَ فَقَالَ: كَمَا تخافون أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا فِي النِّسَاء أَن لَا تعدلوا فِيهِنَّ
فقصرهم على الْأَرْبَع
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء الْأَيَامَى وَكَانُوا يعظمون شَأْن الْيَتِيم فتفقدوا من دينهم شَأْن الْيَتَامَى وَتركُوا مَا كَانُوا ينْكحُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة قَالَ: كَمَا خِفْتُمْ أَن لَا تعدلوا فِي الْيَتَامَى فخافوا أَن لَا تعدلوا فِي النِّسَاء إِذا جمعتموهن عنْدكُمْ
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة لَا يرزؤن من مَال الْيَتِيم شَيْئا وهم ينْكحُونَ عشرا من النِّسَاء وَيَنْكِحُونَ نسَاء آبَائِهِم فتفقدوا من دينهم شَأْن النِّسَاء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُحَمَّد بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي الْآيَة يَقُول: فَإِن خِفْتُمْ الزِّنَا فانكحوهن يَقُول: كَمَا خِفْتُمْ فِي أَمْوَال الْيَتَامَى أَن لَا تقسطوا فِيهَا كَذَلِك فخافوا على أَنفسكُم مَا لم تنْكِحُوا
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد فِي الْآيَة يَقُول: إِن تحرجتم فِي ولَايَة الْيَتَامَى وَأكل أَمْوَالهم إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا فَكَذَلِك فتحرجوا من الزِّنَا وَانْكِحُوا النِّسَاء نِكَاحا طيبا مثنى وَثَلَاث وَربَاع
وَأخرج عبد بن حميد عَن ابْن إِدْرِيس قَالَ أَعْطَانِي الْأسود بن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود مصحف عَلْقَمَة فَقَرَأت ﴿فانكحوا مَا طَابَ لكم من النِّسَاء﴾ بِالْألف فَحدثت بِهِ الْأَعْمَش فأعجبه وَكَانَ الْأَعْمَش لَا يكسرها
لَا يقْرَأ طيب بِمَال وَهِي فِي بعض الْمَصَاحِف بِالْيَاءِ / طيب لكم /

صفحة رقم 428

وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن أبي مَالك ﴿مَا طَابَ لكم﴾ قَالَ: مَا أحل لكم
وَأخرج ابْن جرير عَن الْحسن وَسَعِيد بن جُبَير ﴿مَا طَابَ لكم﴾ قَالَ: مَا حل لكم
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن الْمُنْذر عَن عَائِشَة ﴿مَا طَابَ لكم﴾ يَقُول: مَا أحللت لكم
قَوْله تَعَالَى: ﴿مثنى وَثَلَاث وَربَاع﴾
أخرج الشَّافِعِي وَابْن أبي شيبَة وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة والنحاس فِي ناسخه وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن ابْن عمر أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم وَتَحْته عشر نسْوَة فال لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اختر مِنْهُنَّ - وَفِي لفظ - أمسك أَرْبعا وَفَارق سائرهن
وَأخرج ابْن أبي شيبَة والنحاس فِي ناسخه عَن قيس بن الْحَارِث قَالَ: أسلمت وَكَانَ تحتي ثَمَان نسْوَة فَأتيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: اختر مِنْهُنَّ أَرْبعا وخل سائرهن فَفعلت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: قَالَ عمر: من يعلم مَا يحل للمملوك من النِّسَاء قَالَ رجل: أَنا
امْرَأتَيْنِ فَسكت
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن الحكم قَالَ: أجمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَليّ أَن الْمَمْلُوك لَا يجمع من النِّسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي ﴿فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا﴾ الْآيَة يَقُول إِن خفت أَن لَا تعدل فِي أَربع فَثَلَاث وَإِلَّا فاثنتين وَإِلَّا فَوَاحِدَة فَإِن خفت أَن لَا تعدل فِي وَاحِدَة فَمَا ملكت يَمِينك
وَأخرج ابْن جرير عَن الرّبيع
مثله
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك ﴿فَإِن خِفْتُمْ أَلا تعدلوا﴾ قَالَ: فِي المجامعة وَالْحب
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ قَالَ: السراري
وَأخرج ابْن الْمُنْذر عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَو مَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ فَكَانُوا فِي حَلَال مِمَّا

صفحة رقم 429

ملكت أَيْمَانكُم من الْإِمَاء كُلهنَّ
ثمَّ أنزل الله بعد هَذَا تَحْرِيم نِكَاح الْمَرْأَة وَأمّهَا وَنِكَاح مَا نكح الْآبَاء وَالْأَبْنَاء وَأَن يجمع بَين الْأُخْت وَالْأُخْت من الرضَاعَة وَالأُم من الرضَاعَة وَالْمَرْأَة لَهَا زوج حرم الله ذَلِك حر من حرةٍ أَو أمة
وَأخرج ابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَابْن حبَان فِي صَحِيحه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تَجُورُوا قَالَ ابْن أبي حَاتِم: قَالَ أبي: هَذَا حَدِيث خطأ وَالصَّحِيح عَن عَائِشَة مَوْقُوف
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
وَأخرج الطستي فِي مسَائِله عَن ابْن عَبَّاس إِن نَافِع بن الْأَزْرَق سَأَلَهُ عَن قَوْله ﴿ذَلِك أدنى أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَجْدَر أَن لَا تميلوا
قَالَ: وَهل تعرف الْعَرَب ذَلِك قَالَ: نعم
أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: إِنَّا تبعنا رَسُول الله واطرحوا قَول النَّبِي وعالوا فِي الموازين وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَالْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي قَوْله ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
ثمَّ قَالَ: أما سَمِعت قَول أبي طَالب: بميزان قسط لَا تخيس سعيرة ووازن صدق وَزنه غير عائل وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن أبي إِسْحَق الْكُوفِي قَالَ: كتب عُثْمَان بن عَفَّان إِلَى أهل الْكُوفَة فِي شَيْء عاتبوه فِيهِ: إِنِّي لست بميزان لَا أعول
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَعبد الرَّحْمَن وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تميلوا
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي رزين وَأبي مَالك وَالضَّحَّاك
مثله
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن زيد بن أسلم فِي الْآيَة قَالَ: ﴿ذَلِك أدنى﴾ أَن لَا يكثر من تعولُوا
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن زيد فِي الْآيَة قَالَ: ذَلِك أقل لنفقتك
الْوَاحِدَة أقل من عدد وجاريتك أَهْون نَفَقَة من حرَّة أَهْون عَلَيْك فِي الْعِيَال
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة ﴿أَلا تعولُوا﴾ قَالَ: أَن لَا تفتقروا
وَالله تَعَالَى أعلم

صفحة رقم 430

الْآيَة ٤

صفحة رقم 431
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
الناشر
دار الفكر - بيروت
سنة النشر
1432 - 2011
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية