
الحب عند الفلاسفة: أما الفلاسفة فيقررون كما يتحدث عنهم سويد نبرغ السويدي أن الحب هو حياة الإنسان، وأن الله وحده هو عين الحب، لأنه هو عين الحياة، فالمحبة لغة- ميل المتصف بها إلى أمر ملذّ واللذات الباعثة على المحبة منقسمة إلى مدرك بالحس كلذة الذوق في الطّعوم ولذة النظر واللمس في الصور المستحسنة ولذة الشم في الروائح العطرية ولذة السمع في النغمات الحسنة وإلى لذة تدرك بالعقل كلذة الجاه والرياسة والعلوم وما يجري مجراها. وإذا تفاوتت البواعث، فليس معلوم أكمل ولا أجمل من المعبود الحق، وإذا حصلت هذه المحبة بعثت على الطاعات والموافقات.
الحب عند المتصوفة: أما المتصوفة فهم يقولون: إن الحب هو سكر المشاهدة وشجاعة الباذل وإيمان الولي والأصل الأصيل للتحقق الخلقي والإدراك الروحي. قال الثوري لرابعة العدوية: ما حقيقة إيمانك؟ قالت: ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء، بل عبدته حبا له وشوقا إليه. وأنشدت:
أحبك حبين: حب الهوى... وحبا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الهوى... فشغلي بذكرك عما سواكا
وأما الذي أنت أهل له... فكشفك لي الحجب حتى أراكا
والكلام يطول فحسبنا ما تقدم.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٣ الى ٣٤]
إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)

اللغة:
(نوح) علم أعجمي لا اشتقاق له، وقيل: إنه مشتق من النوح وهو منصرف على كل حال، لأنه علم أعجمي ثلاثي ساكن الوسط (عمران) علم أعجمي أيضا ممنوع من الصرف وإن قيل إنه عبري مشتق من العمر فهو ممنوع للعلمية وزيادة الألف والنون.
الإعراب:
(إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً) إن واسمها، وجملة اصطفى آدم ونوحا خبر (وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ) عطف على آدم (عَلَى الْعالَمِينَ) الجار والمجرور متعلقان باصطفى والجملة استئنافية (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) ذرية: بدل من آدم ومن عطف عليه، أو من الآلين أي أن الآلين ذرية واحدة، ويجوز نصبها على الحال والعامل فيه «اصطفى».
وبعضها مبتدأ ومن بعض جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة صفة لذرية (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الواو استئنافية والله مبتدأ وسميع عليم خبران له.
البلاغة:
١- في الآية فن التوشيح، وهو كما يقول قدامة في نقد الشعر:
أن يكون في أول الكلام معنى إذا علم علمت منه القافية، إن كان شعرا أو السجع إن كان نثرا. فإن معنى اصطفاء المذكورين في الآية يعلم منه الفاصلة، لأن المذكورين صنف مندرج في العالمين.
وفي هذه الآية أيضا فن براعة التخلص، فإنه سبحانه وتعالى وطّأ