آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

فالاستجابة لله وللرسول، وإن جمع بينهما في
الإِيجاب فالواجب بالقصد الأول استجابة الله، لكن لمّا لم تتم
استجابته إلا باستجابة رسوله صار ذلك واجباً، لأن ما لا يتم
الواجب إلا به فهو واجب، والاستجابتان مختلفتان، فإن استجابة
الله بتوجيده وعبادته، واستجابة رسوله بتلقي الرسالة عنه وقبول
النصح منه.
قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (١٧٣)

صفحة رقم 988

قيل: سبب نزول ذلك أن أبا سِفيان وأصحابه تقدموا إلى نُعيم
ابن مسعود ورضخوا له شيئاً، وقالوا: إذا مررت بمحمدٍ
وأصحابه، فقل: إنا قد أجمعنا على قصدهم بخيلٍ لا قبل لهم بها.
فلما أتاهم، وقال لهم ذلك، قالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل.
إن قيل: لِمَ: (قال لهم الناس) وإنما قال ذلك رجل واحد؟
قيل: لمّا كان القائل لنُعيم أبا سفيان وأصحابه المعبرّ عنهم بقوله: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) سُمي الُمنبّئ عنهم بذلك (النَّاسَ)، تنبيهاً
أن المخوِّفين في الحقيقة هم المخوَّف منهم، والآية وإن نزلت فيهم

صفحة رقم 989

فالمعنيُّ بها هم ومن جرى مجراهم، ونبّه بما حكى من جوابهم
وفعلهم على نهاية ما يُطلب من إيمان العبد وتوكله لما أظهروا
قولاً وفعلًا، وبيَّن أنهم عادوا بنعمة وفضل في دنياهم وأخراهم
في أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، لا أنهم لا يَعْرض لهم في
الدنيا ما يُحزن ويُخوّف من سوء، ولكن لا يؤثر فيهم، والمقصود
بهذه النعمة والفضل أعظم مما قال بعض المفسرين من أن المسلمين
لما حضروا بدراً الصغرى، ولم يحضروا للموعد صادفوا بها سوقاً،

صفحة رقم 990

فاشتروا ما ربحوا فيه، فكان ذلك هو الفضل والنعمة، فإن
أرباح التجارة الدنيوية أدون من أن يكون مقتصراً عليها في مقابلة
المتوكلين على الله، الراضين عن الله تعالى، المرضي عنهم.
وقوله (رِضْوَانَ اللَّهِ) يجوز من حيث تقدير الكلام: أن يكون على معنى،

صفحة رقم 991
تفسير الراغب الأصفهاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى
تحقيق
هند بنت محمد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين - جامعة أم القرى
سنة النشر
1422
عدد الأجزاء
2
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية