
أصيب منهم يوم أحد، ودخلت ألف التوبيخ على واو العطف، والجملة معطوفة على ما تقدم من قصة أحد وعلى محذوف قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قتل يوم أحد من المسلمين سبعون، وكان قد قتل من المشركين يوم بدر سبعون، وأسر سبعون قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ قيل: معناه أنهم عوقبوا بالهزيمة لمخالفتهم رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم حين أراد أن يقيم بالمدينة ولا يخرج إلى المشركين. فأبوا إلّا الخروج، وقيل: بل ذلك إشارة إلى عصيان الرماة حسبما تقدم
يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أي جمع المسلمين والمشركين يوم أحد وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا الآية: كان رأي عبد الله بن أبي بن سلول أن لا يخرج المسلمون إلى المشركين، فلما طلب الخروج قوم من المسلمين، فخرج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: غضب عبد الله، وقال: أطاعهم وعصانا، فرجع ورجع معه ثلاثمائة رجل وخمسون فمشى في أثرهم عبد الله بن عمر بن حرام الأنصاري، وقال لهم: ارجعوا قاتلوا في سبيل الله، أو ادفعوا، فقال له عبد الله بن أبيّ: ما أرى أن يكون لو علمنا أنه يكون قتال لكنا معكم أَوِ ادْفَعُوا أي كثروا السواد، وإن لم تقاتلوا الَّذِينَ قالُوا بدل من الذين نافقوا، أو لإخوانهم في النسب، لأنهم كانوا من الأوس والخزرج قُلْ فَادْرَؤُا أي ادفعوا المعنى ردّ عليهم بَلْ أَحْياءٌ إعلام بأن حال الشهداء حال الأحياء من التمتع بأرزاق الجنة بخلاف سائر الأموات من المؤمنين، فإنهم لا يتمتعون بالأرزاق حتى يدخلوا الجنة يوم القيامة وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ المعنى: أنهم يفرحون بإخوانهم الذين بقوا في الدنيا من بعدهم لأنهم يرجون أن يستشهدوا مثلهم فينالوا مثل ما نالوا من الشهادة أَلَّا خَوْفٌ في موضع المفعول أو بدل من الذين يَسْتَبْشِرُونَ كرر ليذكر ما تعلق به من النعمة والفضل الَّذِينَ اسْتَجابُوا صفة للمؤمنين أو مبتدأ وخبره لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الآية، ونزلت في الذين خرجوا مع رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم في خلف المشركين بعد غزوة أحد، فبلغ بهم إلى «حمراء الأسد» وهي على ثمانية أميال من المدينة، وأقام بها ثلاثة أيام، وكانوا قد أصابتهم جراحات وشدائد، فتجلدوا وخرجوا فمدحهم الله بذلك
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ الآية: لما خرج رسول الله صلّى الله عليه

واله وسلّم إلى حمراء الأسد بعد أحد: بلغ ذلك أبا سفيان فمر عليه ركب من عبد القيس يريدون المدينة بالميرة فجعل لهم حمل بعير من زبيب على أن يثبطوا المسلمين عن إتباع المشركين، فخوفوهم بهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل فخرجوا، فالناس الأول ركب عبد القيس، والناس الثاني مشركو قريش وقيل: نادى أبو سفيان يوم أحد: موعدنا ببدر في القابل، فقال رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم: إن شاء الله فلما كان العام القابل خرج رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم إلى بدر للميعاد، فأرسل أبو سفيان نعيم بن مسعود الأشجعي ليثبط المسلمين، فعلى هذا الناس الأول نعيم، وإنما قيل له: الناس وهو واحد: لأنه من جنس الناس:
كقولك ركبت الخيل إذا ركبت فرسا فَزادَهُمْ الفاعل ضمير المفعول، وهو إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، والصحيح أن الإيمان يزيد وينقص، فمعناه هنا قوة يقينهم وثقتهم بالله حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ كلمة يدفع بها ما يخاف ويكره وهي التي قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، ومعنى حسبنا الله: كافينا وحده فلا نخاف غيره، ومعنى: ونعم الوكيل: ثناء على الله وأنه خير من يتوكل العبد عليه ويلجأ إليه فَانْقَلَبُوا أي رجعوا بنعمة السلامة وفضل الأجر وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ بخروجهم مع رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم ذلِكُمُ الشَّيْطانُ المراد هنا أبو سفيان، أو نعيم الذي أرسله أبو سفيان أبو إبليس، وذلكم مبتدأ، والشيطان خبره وما بعده مستأنف، أو الشيطان نعت وما بعده خبر يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ أي يخوفكم أيها المؤمنون أولياءه وهم الكفار، فالمفعول الأول محذوف ويدل عليه قوله: فلا تخافوهم وقرأ ابن مسعود وابن عباس يخوفكم أولياءه، وقيل المعنى يخوف المنافقين وهم أولياؤه من كفار قريش، فالمفعول الثاني على هذا محذوف وَلا يَحْزُنْكَ «١» تسلية للنبي صلّى الله عليه واله وسلّم، وقرأ [الباقون ما عدا نافع] بفتح الياء وضم الزاي حيث وقع مضارعا من حزن الثاني، وهو أشهر في اللغة من أحزن الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ أي يبادرون إلى أقواله وأفعاله وهم المنافقون والكفار إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الآية هم المذكورون قبل أو على العموم في جميع الكفار أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ أي نمهلهم أن مفعول يحسبن، وما اسم أن فحقها أن تكتب منفصلة وخير خبر: إنما نملي لهم، ما هنا كافة والمعنى ردّ عليهم أي أن الإملاء لهم ليس خيرا لهم إنما هو استدراج ليكتسبوا الإثم