آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ

يضعف وأنه خرج في طلبهم، وأن الذي أصاب أصحابه لم يُوهِنُهُم فالذين خرجوا هم الذين عُنوا في هذه الآية.
قال السدي: قال أبو سفيان لأصحابه حين انصرفوا [من أحد]: بئس ما صنعتم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إلا الشديد تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب، فهزموا، فأخبر الله عز ذكره رسوله ﷺ بذلك، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد رأس ثمانية أميال عن المدينة، فالذين خرجوا معه هم الذين استجابوا لله والرسول من بعدما أصابهم الجراح بأحد.
ثم قال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ واتقوا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ معناه: للذين أحسنوا، فداموا على الطاعة، وأداء الفرائض، واتقوا المحارم حتى لحقوا بالله تعالى ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾.
قوله: ﴿الذين قَالَ لَهُمُ الناس﴾ الآية.
المعنى: للذين أحسنوا أجر عظيم القائلين لهم الناس.
وقيل المعنى: وإن الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين قال لهم الناس.
فالناس الأول قوم سألهم أبو سفيان أن يثبطوا النبي ﷺ وأصحابه، إذ خرجوا في طلبه لما دخله من فزع، [والناس] الثاني أبو سفيان وأصحابه.

صفحة رقم 1178

﴿قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ﴾ أي: قد أعدوا للقائكم فاحضروهم ﴿فَزَادَهُمْ إِيمَاناً﴾ أي: زاد التخويف تطريقاً لله تعالى، ولوعده سبحانه، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي خرجوا فيه مع رسول الله ﷺ حتى صاروا إلى موضع ردهم منه رسول الله ﷺ، وقالوا عند التخويف لصحة صدقهم: ﴿حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل﴾ أي: كافينا الله، ونعم القيم الحافظ والناصر الله. يقال حسبه إذا كفاه.
وقيل: إن الناس الأول: نعيم بن مسعود، بعثه أبو سفيان، وأصحابه [أن يثبط النبي عليه السلام وأصحابه، ويخوفهم من المشركين ووعده بعشرة من الإبل إن هو ثبط النبي ﷺ وخوفهم. والناس الثاني أبو سفيان وأصحابه].
﴿فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ﴾ أي: فرجعوا سالمين مما خوفوا به، وهرب منهم عدوهم وأمِنُوا.
وقيل: إنهم اشتروا أدَماً وزبيباً، فربحوا فيه، وأقاموا ثلاثاً بحمراء الأسد " وهي

صفحة رقم 1179

على ثمانية أميال من المدينة ".
وقال السدي: لما انصرف أبو سفيان وأصحابه عن أحد ندموا إذ لم يستأصلوا أصحاب النبي ﷺ ويقتلوهم، وأداروا الرأي في الرجوع، فقذف الله تعالى في قلوبهم الرعب، فهزموا فلقوا أعرابياً، وجعلوا له جعلاً، وقالوا له: إذا لقيت محمداً وأًحابه، فأخبرهم أنا قد جمهنا لهم، فأخبر الله تعالى نبيه ﷺ بذلك، فخرج في طبلهم حتى بلغ حمراء الأسد، فلقوا أعرابياً هنالك فأخبرهم ما قال له أبو سفيان من الكذب والتخويف، فقالوا: ﴿حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل﴾، أي: كافينا الله ونعم الكافي.
قال ابن عباس رضي الله عنهـ: كان آخر قول إبراهيم ﷺ حين ألقي في النار: [حسبي الله ونعم الوكيل] " فالناس الأول هو الأعرابي، والثاني أبو سفيان وأصحابه.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: وافى [أبو سـ]ـفيان عيراً واردة المدينة

صفحة رقم 1180

ببضاعة لهم، فسألهم أبو سفيان ووعدهم، وقال لهم: إن لقيتم محمداً وأصحابه، فأخبروهم أني جمعت لهم جموعاً كثيرة خوفاً منه أن يتبعه النبي ﷺ، ففعلت العير ذلك، فأنزل الله تعالى الآية.
فالناس الأول [أهل] العير، والثاني أبو سفيان وأصحابه.
وقال مجاهد: كان النبي ﷺ قد واعد أبا سفيان، وأصحابه من عام قابل من عام أحد: اللقاء بدر الصغرى، قال أبو سفيان: موعدكم ببدر حيث قتلتم أصحابنا.
فانطلق رسول الله ﷺ بموعده حتى أتوا بدراً الصغرى فوافقوا السوق فيها، ولم يأت المشركون فابتاعوا مما كان في السوق فذلك قوله: ﴿فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله﴾ يعني الأجر ﴿وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ [سواء]﴾ وهي غزوة بدر الصغرى.

صفحة رقم 1181
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية