
﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاس قد جمعُوا لكم﴾ إِلَى قَوْله: (ل ٥٦) ﴿وَالله ذُو فضل عَظِيم﴾ تَفْسِير الْكَلْبِيّ: بلغنَا: ((أَن أَبَا سُفْيَان يَوْم [أحد] حِين أَرَادَ أَن ينْصَرف قَالَ: يَا مُحَمَّد، موعد مَا بَيْننَا وَبَيْنكُم موسم بدر الصُّغْرَى أَن نُقَاتِل بهَا إِن شِئْت؛ فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَلِك بَيْننَا وَبَيْنك. فَانْصَرف أَبُو سُفْيَان فَقدم مَكَّة، فلقي رجلا من أَشْجَع يُقَال لَهُ: نعيم بن مَسْعُود؛ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي قد وَاعَدت مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه وَلَا أخرج إِلَيْهِم، وأكره أَن يخرج مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَلَا أخرج؛ فيزيدهم ذَلِك عَليّ جرْأَة، وَيكون الْخلف مِنْهُم أحب إِلَيّ، فلك عشرَة من الْإِبِل إِن أَنْت حَبسته عني فَلم يخرج؛ فَقدم الْأَشْجَعِيّ الْمَدِينَة، وَأَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَهَّزُونَ لميعاد أبي سُفْيَان؛ فَقَالَ: أَيْن تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: واعدنا أَبَا سُفْيَان أَن نَلْتَقِي بِمَوْسِم بدر فنقتتل بهَا، فَقَالَ: بئس الرَّأْي رَأَيْتُمْ، أَتَوْكُم فِي دِيَاركُمْ وقراركم؛ فَلم يُفْلت مِنْكُم إِلَّا شريد؛ وَأَنْتُم تُرِيدُونَ أَن تخْرجُوا إِلَيْهِم وَقد جمعُوا لكم عِنْد الْمَوْسِم، وَالله إِذن لَا يفلت مِنْكُم أحد؛ فكره أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن
صفحة رقم 335
يخرجُوا، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأخْرجَن، وَإِن لم يخرج معي مِنْكُم أحد! فَخرج مَعَه سَبْعُونَ رجلا؛ حَتَّى وافوا مَعَه بَدْرًا، وَلم يخرج أَبُو سُفْيَان وَلم يكن قتال، فتسوقوا فِي السُّوق، ثمَّ انصرفوا)).
فَهُوَ قَوْله: ﴿الَّذين قَالَ لَهُم النَّاس﴾ يَعْنِي: نعيما الْأَشْجَعِيّ ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل﴾