
يجوز اجماعا لحديث ابن عمر وعائشة قالا لم يرخص في ايام التشريق ان يصمن الا لمن لم يجد الهدى رواه البخاري- وروى البخاري عن ابن عمر رض قال الصيام لمن تمتع بالعمرة الى الحج الى يوم عرفة فان لم يجد هديا ولم يصم صام ايام منى- قالوا هذا في حكم المرفوع- قلنا لا نسلم انه في حكم المرفوع ولعل ابن عمر وعائشة افتيا يجوز الصوم في ايام التشريق استنباطا من قوله تعالى ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ زعما منهما ان تلك الأيام ايضا من ايام الحج حيث يوجد بعض المناسك اعنى الرمي فيها- فان قيل ورد حديث ابن عمر عند الدارقطني بلفظ رخص رسول الله ﷺ للمتمتع إذا لم يجد الهدى ان يصوم ايام التشريق- وروى الطحاوي عن عائشة- وابن عمر نحوه قلنا في حديث ابن عمر يحيى بن سلام ليس بالقوى ضعفه الدارقطني والطحاوي- وايضا فيه ابن ابى ليلى طعن الطحاوي فيه بفساد الحفظ وحديث عائشة ايضا ضعيف فكيف يصادم أحاديث النهى قال الطحاوي قد توارت الآثار عن النبي ﷺ انه ﷺ نهى عن الصيام وهو مقيم بمنى والحاج مقيمون بها وفيهم المتمتعون- قلت بل كانوا كلهم متمتعين او قارنين فانه امر ﷺ بفسخ الحج الى العمرة في تلك السنة ثم بالإحرام يوم التروية فائدة وتأويل الاية على قول مالك والشافعي واحمد صيام ثلثة ايام في اركان الحج او ايام الحج قلت وهذا التأويل لا يصح فان اركان الحج لا يتصور ظرفا للصيام وايام الحج قد انتهت بعرفة كما سيجيئ ان المراد به بقوله تعالى.
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ شهران وتسعة ايام او عشرة ليال الى طلوع الصبح يوم النحر وايضا قوله تعالى فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ يستلزم ان لا يكون ايام التشريق فى الحج فانها ايام كل وشرب ورفث يعنى جماع ويجوز فيه الصيد وغير ذلك والله اعلم ومن قدر على الهدى في خلال الصوم او بعده قبل الحلق يجب عليه الذبح خلافا لمالك والشافعي واحمد لنا انه قدر على الأصل قبل تادى الحكم بالخلف فصار كمن وجد الماء وهو يصلى بالتيمم وان وجد المهدى بعد الحلق وقد صام ثلثة ايام لا يجب الهدى عليه اتفاقا كمن وجد الماء بعد الصلاة بالتيمم- وان فاتت صوم الثلاثة في الحج تعين الدم- وقال مالك والشافعي يقضى تلك الثلاثة بعد الحج بناء على انه قضاء بمثل معقول- وقلنا ان الصوم بدل من الهدى والابدال لا ينصب الا شرعا

ولا يتصور الصوم ان يكون بدلا عن الهدى الا بخصوصيات منصوصة والله اعلم وَصيام سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ اى فرغتم من اعمال الحج عند ابى حنيفة رحمه الله واحمد رحمه الله- وقال مالك وهو قول للشافعى اى خرجتم من مكة قاصدين أوطانكم والمشهور من مذهب الشافعي وهو رواية عن احمد إذا رجعتم الى أهلكم اى وصلتم الى أوطانكم- قال الشافعي الرجوع هو الرجوع الى اهله فلا يجوز قبل ذلك وقال مالك إذا خرج من مكة الى اهله صدق انه رجع فجاز له الصيام قبل الوصول الى الأهل وقال ابو حنيفة الرجوع هو الفراغ من الحج الم تر انه من توطن بمكة بعد الحج او لم يكن له وطن جاز له الصيام بمكة اجماعا فكذا من كان له وطن غير مكة لئلا يلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز والله اعلم تِلْكَ عَشَرَةٌ ذكره على سبيل التأكيد لئلا يتوهم ان الواو بمعنى او وان يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا فان اكثر العرب لم يكونوا يحسنون الحساب كامِلَةٌ صفة مؤكدة- مفيد المبالغة في محافظة العدد ذلِكَ اى التمتع جائر لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فلا يجوز التمتع للمكى كذا قال ابو حنيفة رحمة الله وعند مالك والشافعي واحمد يجوز للمكى التمتع ايضا لكن لا يجب عليه الهدى قالوا المشار اليه بذلك الحكم بوجوب الهدى لنا ان اللام في قوله تعالى لِمَنْ لَمْ يَكُنْ
وليل على تأويلنا لان اللام يستعمل فيما يجوز لنا ان نفعله ولذا قلنا في تقديره جاز ولو كان المشار اليه وجوب الهدى كان تقديره يجب فكان المناسب حينئذ كلمة على وما ذكرنا من التأويل مروى عن عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس رضى الله عنهم روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر انه سئل عن متعة الحج فقال ان الله أنزله في كتابه وسنة نبيه واباحه للناس غير اهل مكة قال الله تعالى ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ- وقال ابن همام صح عن عمر انه قال ليس لاهل مكة تمتع ولا قران- والمراد ب حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ عند ابى حنيفة رحمه الله ان يكون دون الميقات وبه قال عكرمة وقال الشافعي كل من كان وطنه من مكة على اقل من مسافة السفر- وقال طاؤس وطائفة هم اهل الحرم لان المسجد غير مراد اجماعا فالمراد به الحرم كما في قوله تعالى هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ وقوله تعالى الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ- وقال مالك

المراد به اهل مكة بعينها- وبه قال نافع والأعرج واختاره الطحاوي من الحنفية والله اعلم فان تمتع المكي يجب عليه عند ابى حنيفة دم جبر لارتكابه المحظور وهذا لدم لا يقوم الصوم مقامه ولا يجوز المناسك الاكل منه وقال الشافعي وغيره لا يجب عليه شىء وَاتَّقُوا اللَّهَ فى أوامره ونواهيه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (١٩٦) اعلم ان الله سبحانه ذكر في هذه الاية من المناسك الحجّ والعمرة وذكر أداء كل منهما مفردا وأوجب إتمامهما ثم ذكر أداءهما مجتمعا وهو التمتع- ثم ثبت بالسنة ان الجمع على وجهين- أحدهما ان يحرم بهما جميعا ويحل منهما جميعا وهو القران- ثانيهما ان يحرم بالعمر ولا ثم يحل بعد أداء العمرة ويسكن بمكة حلالا وذلك إذا لم يسق الهدى ثم يحرم يوم التروية للحج من مكة
مفردا ويحل يوم النحر- ويسمى هذا عند الفقهاء تمتعا وكل ذلك جائز اجماعا لا خلاف فيه- انما الخلاف في انه ايها أفضل- وفي ان النبي ﷺ هل كان فارنا في حجة الوداع او متمتعا او مفردا- وفي ان القارن هل يكفيه طواف واحد وسعى واحد للحج والعمرة جميعا كما قال به الجمهور او لا بد له من طوافين «١» وسعيين كما قال به ابو حنيفة وهذه أبحاث طويلة ذكرناها في منار الاحكام والتحقيق انه ﷺ كان قارنا وان القران أفضل من التمتع ان ساق الهدى- والتمتع أفضل ان لم يسق الهدى وكل منهما أفضل من الافراد- وانه ﷺ لما قدم مكة طاف وسعى بين الصفا والمروة ثم لم يقرب الكعبة بطوافه بها حتى رجع من عرفة رواه البخاري قلت وذلك الطواف والسعى كان لعمرته وكفاه عن طواف القدوم لحجه- وكان ذلك الطواف والسعى ماشيا- كما هو مصرح في حديث حبيبة بنت ابى تجراه وابن عمر وجابر عند مسلم وغيره ثم انه ﷺ سعى بين الصفا والمروة ثانيا بعد طواف الزيارة كما يدل عليه حديث جابر قال طاف رسول الله ﷺ على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسئلوه رواه مسلم- وفي رواية طاف في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن بمحجنه الحديث- هذا ما حصل لى بعد جمع الروايات المختلفة والله اعلم الْحَجُّ اى وقت الحج بل وقت إحرام الحج فان وقت اركان الحج انما هو يوم عرفة ويوم النحر لا غير أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ اخرج الطبراني عن ابى امامة قال قال رسول الله ﷺ شوال وذو القعدة وذو الحجة- قلت المراد شوال وذو القعدة

وتسع من ذى الحجة الى طلوع الفجر من يوم النحر- ويروى عن ابن عمر شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة قال البغوي كل واحد من اللفظين صحيح والمال واحد غير مختلف فيه فمن قال عشر عبر عن الليالى ومن قال تسع عبر عن الأيام- وانما قال اشهد بلفظ الجمع لانها وقت والعرب تسمى الوقت تاما بقليله وكثيره- قال الله تعالى- سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا وانما اسرى في بعض الليل- وهذا هو محمل لما روى عن عمر انه قال شوال وذو القعدة وذو الحجة- وقال عروة بن الزبير وغيره أراد بالأشهر شوالا وذا القعدة وذا الحجة كملا لانه يبقى على الحاج امور بعد عرفة يجب عليه فعلها مثل الذبح والرمي والحلق وطواف الزيارة والمبيت بمنى ورمى الجمار في ايام التشريق فكانت في حكم الحج- قلت هذه الافعال كلها ينتهى الى ثالث عشر من ذى الحجة فكيف يعد ذو الحجة بهذا التوجيه كاملا- وقال البيضاوي وذو الحجة كله من أشهر الحج بناء على ان المراد بالوقت عنده ما لا يحسن فيه غيره من المناسك وقال فان مالكا يكره العمرة في بقية ذى الحجة- قلت وهذا غير مستقيم فان العمرة في أشهر الحج للافاقى غير مكروه اجماعا- وقد اعتمر رسول الله ﷺ اربع عمر كلها في ذى القعدة وكذا للمكى عند مالك والشافعي فان التمتع للمكى عندهما جائز كما ذكرنا- وهذه الاية حجة للشافعى حيث قال لا يجوز إحرام الحج قبل الأشهر وان احرم انعقد الإحرام للعمرة- وقال داود- من احرم للحج قبل الأشهر لغى ولا ينعقد أصلا- وقال ابو حنيفة ومالك واحمد ان احرم قبل الأشهر للحج انعقد لكنه يكره- وجه قول ابى حنيفة ومن معه ان الإحرام شرط للحج ليس بركن ومن ثم جاز الإحرام مبهما ثم صرفه الى ما شاء من حج او عمرة او قران يدل عليه حديث انس بن مالك قال قدم علىّ على النبي ﷺ من اليمن فقال بما أهللت فقال بما اهل به النبي صلى الله عليه وسلم- وحديث ابى موسى قال أهللت كاهلال النبي صلى الله عليه وسلم- والحديثان في الصحيحين- وإذا ثبت انه شرط جاز تقديمه على الوقت كالوضوء للصلوة لكن فيه شبه بالأركان فاذا أعتق العبد بعد ما احرم قبل يوم عرفة لا ينادى فرضه- ولذا قلنا بالكراهة وإذا سمعت ان وقت إحرام الحج أشهر معلومات لا وقت الأركان فان وقت أركانه يومان فحسب فحينئذ الظاهر قول الشافعي فان الإحرام وان كان شرطا
صفحة رقم 231
للحج لا ركنا له والشرط وان جاز تقديمه على وقت المشروط لكن لا يجوز تقديمه على وقت نفسه- كما ان العشاء شرط لاداء الوتر فمن ادى العشاء قبل غروب الشفق لا يجوز وتره لا لانه ادى العشاء قبل وقت الوتر بل لانه ادلها قبل وقت نفسها والله اعلم فَمَنْ فَرَضَ اى أوجب على نفسه فِيهِنَّ الْحَجَّ يعنى احرم بالحج اختلفوا في ان الإحرام ما هو- فقال مالك والشافعي واحمد انما هو النية بانقلب كما في الصوم ولا يشترط فيه التلبية- الا ان مالكا قال التلبية عند الإحرام واجب يلزم بتركه دم وهى رواية عن احمد والشافعي والمشهور عنهما ان التلبية سنة- وقال ابو حنيفة الإحرام هو التلبية مع النية كالتكبير في الصلاة وهى رواية عن الشافعي- لنا ان القياس بالصلوة أشبه منه بالصوم- وروى عن ابن عباس في تأويل هذه الاية انه قال فرض الحج الإهلال- وقال ابن عمر التلبية- وروى ابن ابى شيبة قول ابن مسعود كقول ابن عمر- ولنا قوله ﷺ يهل اهل المدينة من ذى الحليفة الحديث- متفق عليه من حديث ابن عمر وقوله ﷺ في حديث عائشة من كان معه هدى فليهل بالحج مع العمرة امر بالإهلال وهو رفع الصوت بالتلبية والأمر للوجوب فهو حجة على من لم يقل بوجوبه- ثم انه ﷺ عبّر الإحرام بالإهلال فظهران الإحرام هو التلبية- لكن يقول ابو حنيفة- من قلد بدنة وتوجه معها يريد الحج فقد احرم وان لم يلب- جعل الفعل مكان القول فان الذكر كما يحصل بالقول يحصل بالفعل الا ترى انه من سمع الاذان للصلوة فمشى الى الصلاة على
الفور كان هذا المشيء مكان جواب الاذان فان اجابة الداعي بالفعل أقوى منه بالقول- وليس معنى التلبية الا الألباب والقيام الى الطاعة والله اعلم- واستدل صاحب الهداية على ذلك بقوله ﷺ من قلد بدنة فقد احرم- وهذا الزبير قال ابن همام وقفه ابن ابى شيبة في مصنفه على ابن عباس وابن عمر قلت لا مساس لهذين الأثرين بالمدعى لانه كان مذهب ابن عباس وابن عمر انه من بعث الى مكة هديا وهو لا يريد الحج فهو إذا قلد هديا يحرم عليه ما يحرم على المحرم حتى ينحر هديه بمكة وهو المراد بقول ابن عباس وابن عمر من قلد هديا فقد احرم وكذا روى عن غيرهما من الصحابة ثم انعقد الإجماع على خلاف ذلك- روى البخاري في صحيحه ان زياد بن ابى سفيان كتب الى عائشة ان عبد الله بن عباس قال من اهدى هديا حرم عليه

ما يحرم على الحاج حتى ينحر هديه- فقالت عائشة ليس كما قال ابن عباس انا قتلت قلائد هدى النبي ﷺ بيدي ثم فلذها رسول الله ﷺ ثم بعث بها مع ابى فلم يحرم على رسول الله ﷺ شىء أحل الله له- قال الحافظ كان ذلك سنة تسع فلا يظن ظان انه كان أول الإسلام ثم نسخ فَلا رَفَثَ تقى بمعنى النهى يعنى فلا ترفثوا والرفث هو الجماع- وقال الزجاج هى كلمة جامعة لكل ما يريد الرجال من النساء- وقيل الرفث الفحش والقول القبيح قلت وذلك حرام ابدا لا وجه لتعليقه بالإحرام وَلا فُسُوقَ قال ابن عمر هو ما نهى عنه المحرم يعنى لا تركبوا محرمات الإحرام وهى ستة أشياء اجماعا- منها الرفث يعنى الوطي ودواعيه أفرده الله تعالى بالذكر لشدة امره فان الجماع يفسد الحج والعمرة اجماعا بخلاف غيره من المحظورات حيث يلزم بها الدم لكن إذا كان الجماع بعد الوقوف بعرفة ففى إفساده الحج خلاف ولا خلاف في حرمته- ومنها قتل صيد البر والاشارة اليه والدلالة عليه قال الله تعالى لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ... -
وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً- وسيجيئ البحث عنه في سورة المائدة ان شاء الله تعالى ومنها ازالة الشعر والظفر قال الله وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ- وقتل القمل المتولد من الوسخ ملحق بالشعر- ومنها استعمال الطيب في الثوب او البدن قال رسول الله ﷺ لا تلبسوا شيئا مسّه زعفران او ورس- متفق عليه عن ابن عمر- وهذه الأشياء عامة حرمتها للرجال «١» والنساء- ومنها ما اختص بالرجال وهو أمران لبس المخيط والخفين الا انه من لم يجد النعلين فيلبس الخفين ومن لم يجد الإزار فيلبس السراويل كذا في المتفق عليه من حديث ابن عباس وعن جابر نحوه وتغطية الرأس واما تغطية الوجه فيعم الرجال والنساء عند ابى حنيفة ومالك رحمهما الله وقال الشافعي واحمد بل يختص بالنساء لقول ابن عمر إحرام الرجل في راسه وإحرام المرأة في وجهها- رواه الدارقطني والبيهقي وقد روى مرفوعا ولا يصح ولحديث عثمان ابن عفان كان رسول الله ﷺ يخمر وجهه وهو محرم رواه الدارقطني وقال الدارقطني الصواب انه موقوف- فى المؤطا عن الفراقصة انه راى عثمان بالعرج يغطى وجهه وهو محرم- ولنا حديث ابن عباس في قصة رجل- وقصته راحلته وهو محرم قال عليه الصلاة والسلام لا تخمروا رأسه ولا وجهه فانه يبعث يوم القيمة ملبيا- رواه مسلم والنسائي وابن ماجة والسابع ما اختلفوا في حرمتها في الإحرام وهو عقد النكاح فقال مالك والشافعي

احمد لا يجوز للمحرم ان يعقد النكاح لنفسه او لغيره او يؤكل النكاح غيره- وان ارتكب لا ينعقد- لحديث عثمان بن عفان عن النبي ﷺ قال المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب- رواه مسلم وابو داود وغيرهما- وقال ابو حنيفة يجوز وينعقد لحديث ابن عباس قال تزوج النبي ﷺ ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف- متفق عليه وأجاب الجمهور بانه اختلف الرواية في نكاح ميمونة روى مسلم في صحيحه عن يزيد بن الأصم قال حدثتنى ميمونة بنت الحارث ان رسول الله ﷺ تزوجها وهو حلال قال وكانت خالتى وخالة ابن عباس- قالوا وحديث ميمونة نفسها أرجح فانها كانت اعرف بحالها عن ابن عباس ولو تعارضت الرواية في نكاح ميمونة بقي حديث عثمان سالما عن المعارضة- على ان حديث عثمان قولى وقصة ميمونة فعل منه عليه السلام يحتمل التخصيص به ﷺ وكان للنبى ﷺ في باب النكاح خصوصيات لم يكن لغيره- وقال ابن عباس الفسوق «١» هو المعاصي كلها والظاهر هو الاول فان ذلك لا يختص بالحج قرا ابن كثير وابو عمر وبالرفع والتنوين بابطال عمل لا بالتكرار في فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ والباقون بالنصب من غير تنوين ونظيره في جواز الامرين لا حول ولا قوة الا بالله وَلا جِدالَ قرا ابو جعفر بالرفع والتنوين والباقون بالنصب- كان اهل الجاهلية يقفون مواقف مختلفة كلهم يزعم ان موقفه موقف ابراهيم ويتجادلون فيه فبعضهم يقف بعرفة وبعضهم بالمزدلفة- وكان بعضهم يحج في ذى القعدة وبعضهم في ذى الحجة- وكل يقول ما فعلته هو الصواب فقال الله تعالى وَلا جِدالَ اى استقر امر الحج على ما فعله رسول الله ﷺ فلا اختلاف فيه يعنى لا تختلفوا فيه- وقال مجاهد معناه ولا شك في الحج انه في ذى الحجة فابطل النسيء قال رسول الله ﷺ الا ان الزمان استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض الحديث متفق عليه من حديث ابى بكرة فِي الْحَجِّ خبر لما قبله وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ فيجازيكم به حث على الخير بعد النهى عن الشر وَتَزَوَّدُوا روى البخاري وغيره عن ابن عباس قال كان اهل اليمن يحجون فلا يتزودون ويقولون نحن متوكلون فاذا قدموا مكة سالوا الناس- وقال البغوي انما يفضى حالهم الى النهب والغضب فانزل الله تعالى وتزوّدوا يعنى تزودوا ما تبلغون به وتكففون وجوهكم فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى