آيات من القرآن الكريم

فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

وَقِيلَ "مَا" بِمَعْنَى مِنْ، تَقْدِيرُهُ: لَمِنْ لَيُوَفِّيَنَّهُمْ، وَاللَّامُ فِي "لَمَّا" لَامُ التَّأْكِيدِ [الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى خَبَرِ إِنَّ] (١)، وَفِي لَيُوَفِّيَنَّهُمْ لَامُ الْقَسَمِ، [وَالْقَسَمُ مُضْمَرٌ] (٢) تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهِ، ﴿لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ﴾ أَيْ: جَزَاءَ أَعْمَالِهِمْ، ﴿إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣) ﴾.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾ أَيِ: اسْتَقِمْ عَلَى دِينِ رَبِّكَ، وَالْعَمَلِ بِهِ، وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ كَمَا أُمِرْتَ، ﴿وَمَنْ تَابَ مَعَكَ﴾ أَيْ: وَمَنْ آمَنَ مَعَكَ فَلْيَسْتَقِيمُوا، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الِاسْتِقَامَةُ أَنْ تَسْتَقِيمَ عَلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلَا تَرُوغَ رَوَغَانَ الثَّعْلَبِ (٣).
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا وَالِدِي إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلْتُ، يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ" (٤).
﴿وَلَا تَطْغَوْا﴾ لَا تُجَاوِزُوا أَمْرِي وَلَا تَعْصُونِي، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَلَا تَغْلُوا فَتَزِيدُوا عَلَى مَا أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ.
﴿إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْءٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَةٌ هِيَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَلِذَلِكَ قَالَ: "شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا" (٥).
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُطَهَّرٍ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدَّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ" (٦).
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: وَلَا تَمِيلُوا. وَالرُّكُونُ:

(١) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٣) عزاه في كنز العمال: ٢ / ٤٩٥ لسعيد بن منصور وابن المبارك وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والحاكم وابن المنذر ورسته في الإيمان والصابوني في المائتين.
(٤) أخرجه مسلم في الإيمان، باب جامع أوصاف الإسلام، برقم (٣٨) : ١ / ٦٥، والمصنف في شرح السنة: ١ / ٣١.
(٥) سيأتي تخريجه قريبا في ختام السورة.
(٦) أخرجه البخاري في الإيمان، باب الدين يسر: ١ / ٩٣، والمصنف في شرح السنة: ٤ / ٤٩-٥٠. والدلجة: هي السير آخر الليل، وقيل: الليل كله.

صفحة رقم 203
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية