آيات من القرآن الكريم

۞ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

تعالى ذلك العذاب الشديد الذي أذاقهم بكفرهم فقال: ﴿بما كانوا يكفرون﴾ ١ أي يجحدون كمال الله وغناه فنسبوا إليه الولد والشريك.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- كفر من ينسب إلى الله تعالى أي نقص كالولد والشريك أو العجز مطلقاً.
٢- كل دعوى لا يقيم لها صاحبها برهاناً قاطعاً وحجة واضحة فلا قيمة لها ولا يحفل بها.
٣- أهل الكذب على الله كالدجالين والسحرة وأهل البدع والخرافات لا يفلحون ونهايتهم الخسران.
٤- لا ينبغي للمؤمن أن يغتر بما يرى عليه أهل الباطل والشر من المتع وسعة الرزق وصحة البدن فإن ذلك متاع الحياة الدنيا، ثم يؤول أمرهم إلى خسران دائم.
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ (٧١) فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (٧٣)
شرح الكلمات:
واتل عليهم نبأ نوح: أي اقرأ على المشركين نبأ نوح أي خبره العظيم الخطير.

١ الباء في ﴿بما كانوا يكفرون﴾ للتعليل الذي هو السببيّة أي: بسبب كفرهم، إذ الكفر خبث نفوسهم فاستوجبوا النار وعذابها.

صفحة رقم 492

كبر عليكم مقامي: أي عظم عليكم مقامي بينكم أدعو إلى ربي.
فأجمعوا أمركم: أي اعزموا عزماً أكيداً.
غمّة: أي خفاء ولبساً لا تهتدون منه إلى ما تريدون.
ثم اقضوا إلي: أي انفذوا أمركم.
ولا تنظرون: أي ولا تمهلون رحمة بي أو شفقة علي.
فإن توليتم: أي أعرضتم عما أدعوكم إليه من التوحيد.
في الفلك: أي في السفينة.
خلائف: أي يخلف الآخر الأول جيلاً بعد جيل.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في طلب هداية المشركين بالرد على دعاواهم وبيان الحق لهم وفي هذه الآيات يأمر الله تعالى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقرأ عليهم طرفاً من قصة نوح مع قومه المشركين الذين كانت حالهم كحال مشركي العرب سواء بسواء وفي قراءة هذا القصص فائدتان الأولى تسلية الرسول وحمله على الصبر، والثانية تنبيه المشركين إلى خطإهم، وتحذيرهم من الاستمرار على الشرك والعصيان فيحل بهم من العذاب ما حل بغيرهم قال تعالى: ﴿واتل عليهم نبأ نوح﴾ ١ أي خبره العظيم الشأن وهو قوله لهم ﴿يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي﴾ ٢ أي عظم وشق عليكم وجودي بينكم أدعوكم إلى الله، وتذكيري إياكم بآيات الله، فإني٣ توكلت على الله فأجمعوا أمركم أي اعزمرا عزماً أكيداً وادعوا أيضاً شركاءكم للاستعانة بهم، ثم أحذركم أن يكون أمركم عليكم غمة أي٤ خفياً ملتبساً عليكم فيجعلكم تترددون في إنفاذ ما عزمتم عليه، ثم اقضوا٥ إليَّ ما تريدون من قتلي أو نفعي ولا

١ ﴿اتل﴾ فعل أمر حذفت منه الواو لبنائه على حذفها إذ ماضيه تلا ومضارعه يتلو، والأمر: اتل بمعنى اقرأ، والتلاوة: موالاة الكلمات والقراءة جمعها.
٢ المقام: بفتح القاف، موضع القيام، والمُقام بالضمّ الإقامة، ومعنى كبُر: ثقل وعظم.
٣ هذه الجملة ﴿فعلى الله توكلت﴾ هي جواب الشرط الذي هو: فان كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله التي هي دلائل فضله ودلائل وحدانيته تعالى.
٤ الغمّة والغمَ بمعنى واحد، ومعناه التغطية والستر ومنه: غم الهلال إذا استتر، قال الشاعر:
لعمرك ما أمري عَليّ بغمّة نهاري ولا ليلي عليَّ بسرمد
وأصل الغمّ: مشتق من الغمامة، وكل أمر مبهم ملتبس فهو غمّة.
٥ أي: أنفذوا ما حكتم به عليَّ من قتلي إن أردتم ذلك.

صفحة رقم 493

تنظرون أي لا تؤخروني أي تأخير. وقوله تعالى: ﴿فإن توليتم﴾ أي أعرضتم عن دعوتي وتذكيري ولم تقبلوا ما أدعوكم إليه من عبادة الله تعالى وحده، فما سألتكم عليه من أجر أي ثواب، حتى تتولوا. إن أجري إلا على ربي الذي أرسلني وكلفني. وقد أمرني أن أكون من المسلمين له قلوبهم ووجوههم وكل أعمالهم فأنا كذلك كل عملي له فلا أطلب أجراً من غيره قال تعالى: ﴿فكذبوه﴾ أي دعاهم واستمر في دعائهم إلى الله زمناً غير قصير وكانت النهاية: أن كذبوه، ودعانا لنصرته فنجيناه ومن معه من المؤمنين في السفينة وجعلناهم خلائف١ لبعضهم بعضاً أي يخلف الآخر الأول، وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا التي أرسلنا بها عبدنا نوحاً فانظر يا رسولنا كيف كان عاقبة المنذرين الذين لم يقبلوا النصح ولم يستجيبوا للحق إنها عاقبة وخيمة إذ كانت إغراقاً في طوفان وناراً في جهنم وخسراناً قال تعالى في سورة نوح: ﴿مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً فلم يجدوا لهم من دون الله أنصاراً﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تسلية الدعاة بمثل موقف نوح العظيم إذ قال لقومه: أجمعوا أمركم ونفذوا ما تريدون إني توكلت على الله.
٢- ثمرة التوكل شجاعة واطمئنان نفس وصبر وتحمل مع مضاء عزيمة.
٣- دعوة الله لا ينبغي أن يأخذ الداعي عليها أجراً إلا للضرورة.
٤- بيان سوء عاقبة المكذبين بعد إنذارهم وتحذيرهم.
ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَآؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلوبِ الْمُعْتَدِينَ (٧٤) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (٧٥)

١ جمع خليفة وهو اسم لمن يخلف غيره.

صفحة رقم 494
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية