تفسير سورة الطارق

تفسير ابن أبي زمنين

تفسير سورة سورة الطارق من كتاب تفسير القرآن العزيز المعروف بـتفسير ابن أبي زمنين.
لمؤلفه ابن أبي زَمَنِين . المتوفي سنة 399 هـ
تفسير سورة والسماء والطارق وهي مكية كلها.

قَوْلُهُ: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطارق﴾
﴿النَّجْم الثاقب﴾ وَالنَّجْمُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ جَمَاعَةُ النُّجُومِ، وَالثَّاقِبُ: الْمُضِيءُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: يُقَالُ: ثَقَبَ يَثْقُبُ ثُقُوبًا إِذَا أَضَاءَ، وَيُقَالُ لِلْمُوقِدِ: أَثْقِبْ نَارَكَ، أَي: أضئها. وَهَذَا قسم.
﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافظ﴾ وَهِيَ تُقْرَأُ عَلَى وَجْهَيْنِ (لَمَا) خَفِيفَة، و (لما) مُثَقَّلَةٌ، فَمَنْ قَرَأَهَا بِالتَّخْفِيفِ يَقُولُ: لَعَلَيْهَا حَافِظٌ وَ (مَا) صِلَةٌ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالتَّثْقِيلِ يَقُولُ: إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ، يَعْنِي: حَافِظًا مِنَ الْمَلائِكَةِ يَحْفَظُ عَلَيْهَا عَمَلَهَا.
117
قَالَ مُحَمَّدٌ: إِنَّمَا قِيلَ لِلنَّجْمِ: الطَّارِقُ، لِأَنَّ طُلُوعَهُ بِاللَّيْلِ، وَكُلُّ مَا أَتَى لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ.
118
﴿فَلْينْظر الْإِنْسَان مِم خلق﴾
﴿خلق من مَاء دافق﴾ يَعْنِي: النظفة.
قَالَ مُحَمَّد: (دافق) قَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ: مَدْفُوقٌ، وَقَالَ قَوْمٌ الْمَعْنَى: مِنْ مَاءٍ ذِي اندفاق.
﴿يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ يَعْنِي: صُلْبَ الرَّجُلِ، وَتَرَائِبَ الْمَرْأَةِ وَهُوَ نَحْرِهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: التَّرَائِبُ مَوْضِعُ الْقِلادَةِ مِنَ الصَّدْرِ، وَاحِدُهَا: تريبة.
﴿إِنَّه﴾ إِن الله ﴿على رجعه لقادر﴾ عَلَى أَنْ يَبْعَثَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ
﴿يَوْم تبلى السرائر﴾ أَيْ: تُخْتَبَرُ وَتُظْهَرُ، يَعْنِي: سَرَائِرَ الْقُلُوب
﴿فَمَا لَهُ من قُوَّة﴾ يَمْتَنِعُ بِهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ﴿وَلَا نَاصِر﴾ ينصره وَهَذَا الْمُشرك،
ثُمَّ أَقْسَمَ فَقَالَ: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرجع﴾ بالمطر عَاما فعاماً
﴿وَالْأَرْض ذَات الصدع﴾ بالنبات
﴿إِنَّه﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن ﴿لقَوْل فصل﴾ حق
﴿وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ﴾ بِالْكَذِبِ.
قَالَ مُحَمَّد: (الرجع) فِي اللُّغَةِ: الْمَطَرُ سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَجِيء وَيرجع ويتكرر.
﴿إِنَّهُم يكيدون كيداً﴾ يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ يَكِيدُونَ بِالنَّبِيِّ [صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم]
﴿وأكيد كيداً﴾
118
أَيْ: أُعَذِّبُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿وأكيد كيدا﴾ يَعْنِي: أُجَازِيهِمْ جَزَاءَ كَيْدِهِمْ، وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ يَحْيَى.
119
﴿فمهل الْكَافرين أمهلهم رويدا﴾ أَيْ: قَلِيلًا، وَهَذَا وَعِيدٌ، تَفْسِيرُ الْكَلْبِيِّ: يَعْنِي: يَوْمَ بَدْرٍ.
قَالَ مُحَمَّد: ﴿رويدا﴾ صِفَةٌ لِلْمَصْدَرِ، الْمَعْنَى: أَمْهِلْهِمْ إِمْهَالًا رُوَيْدًا.
119
تَفْسِيرُ سُورَةِ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهِيَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا

بِسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

تَفْسِير سُورَة الْأَعْلَى من آيَة ١ - ١٩
(ل ٣٩١)
120
سورة الطارق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّارق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البلد)، وقد افتُتحت بالدلالة على عظمةِ الله، وتدبيره لهذا الكون، ودللت على بعثِ اللهِ الخلائقَ بعد موتهم، وإحصائه أعمالَهم، ومحاسبتِهم عليها؛ فليراجع الإنسانُ نفسَه قبل فوات الأوان! و(الطَّارق): هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

ترتيبها المصحفي
86
نوعها
مكية
ألفاظها
61
ترتيب نزولها
36
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
17
العد البصري
17
العد الكوفي
17
العد الشامي
17

* سورة (الطَّارق):

سُمِّيت سورة (الطَّارق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ اللهِ بـ{اْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، والطارق: هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ في الظُّهر والعصر بسورة (الطارق):

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ والعصرِ بـ{وَاْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ}، ونحوِهما مِن السُّوَرِ». أخرجه أبو داود (٨٠٥).

1. مظاهر قدرة الله في خَلْق الإنسان (١-١٠).

2. حقيقة القرآن الكريم (١١-١٤).

3. أحوال الكافرين المكذِّبين (١٥-١٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /101).

يقول ابنُ عاشور عن مقصودها: «إثباتُ إحصاءِ الأعمال، والجزاءِ على الأعمال.

وإثبات إمكان البعث بنقضِ ما أحاله المشركون؛ ببيانِ إمكان إعادة الأجسام.
وأُدمِج في ذلك التذكيرُ بدقيق صُنْعِ الله، وحِكْمته في خَلْق الإنسان.
والتنويه بشأن القرآن.
وصدق ما ذُكِر فيه من البعث؛ لأن إخبارَ القرآن به لمَّا استبعَدوه وموَّهوا على الناس بأن ما فيه غيرُ صدقٍ.

وتهديد المشركين الذين ناوَوُا المسلمين.
وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدُه بأن الله منتصرٌ له غيرَ بعيد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /258).