تفسير سورة الطارق

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم

تفسير سورة سورة الطارق من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لما ذكر تكذيبهم وقدرته تعالى عليهم أتبعه بتهديدهم وبيان حقارتهم فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * وَٱلسَّمَآءِ وَ ﴾: الكوكب ﴿ ٱلطَّارِقِ ﴾: أي: البادي بالليل ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾: أعلمك ﴿ مَا ٱلطَّارِقُ ﴾: هو ﴿ ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ ﴾: المضيء يثقب الظلام، فسّره عليٌّ وغيره بزحل، [فإن نوره يثقب سبع سماوات] وقيل: غيره ﴿ إِن ﴾: أي: ما ﴿ كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا ﴾: أي: إلا ﴿ عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾: لرزقها وأجلها وعملها، ويتخفيف لما، وإن مخففة ﴿ فَلْيَنظُرِ ﴾: ليتفكر ﴿ ٱلإِنسَانُ مِمَّ ﴾: من أي: شيء ﴿ خُلِقَ ﴾: ليعرف صحة البعث ﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾: ذي دفق وصب في الرحم ﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ ﴾: للرجل ﴿ وَٱلتَّرَآئِبِ ﴾: أي: عظام الصدر والنحر للمرأة أو للرجل أيضاً، وإنما خصهما مع أن المشهور وإن لم يعتد به شرعا أنه فضل الهضم الرابع، وينفصل عن جميع الأعضاء كما بين في موضعه لأن الدماغ أعظم الأعضاء معونة في توليده، ولذا يسرع إليه الضعف بإفراط الجماع وخليفته النخاع، وهو في الصلب، وله شعب كثيرة نازلة إلى الترائب، وهي أقرب إلى أوعية المني، وأيضا: المشهور أن معظم أجزائه من الدماغ، فينزل ويجتمع في الأنثيين، فلا بد من مروره بين الصلب والترائب ﴿ إِنَّهُ ﴾: تعالى ﴿ عَلَىٰ رَجْعِهِ ﴾: بعد موته ﴿ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَىٰ ﴾: تتميز ﴿ ٱلسَّرَآئِرُ ﴾: الضمائر خبيثها من طيبها ﴿ فَمَا لَهُ ﴾: أي: للإنسان ﴿ مِن قُوَّةٍ ﴾: على دفع العذاب ﴿ وَلاَ نَاصِرٍ ﴾: يدفعه ﴿ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ ﴾: في دورانها، أو الم طر الراجع أوقاته.
﴿ وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ ﴾: أي الشق بالنبات وغيره ﴿ إِنَّهُ ﴾: القرآن أو المذكور ﴿ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾: فاصِلأ بين الحقِّ والباطل ﴿ وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ ﴾: أي: اللعب ﴿ إِنَّهُمْ ﴾: أي الكفار ﴿ يَكِيدُونَ كَيْداً ﴾: في إبطاله ﴿ وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾: أقابلهم بما يشبه من الاستدراج ﴿ فَمَهِّلِ ﴾: أَنْظر ﴿ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ ﴾: تأكيدٌ، وغير البنْيَةَ لزيادة التّصبُّر لإشعاره بالتغارير إمْهَالاً ﴿ رُوَيْداً ﴾: يسيرا، فقتلوا ببدر، ونسخ بالقتال، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
سورة الطارق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّارق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البلد)، وقد افتُتحت بالدلالة على عظمةِ الله، وتدبيره لهذا الكون، ودللت على بعثِ اللهِ الخلائقَ بعد موتهم، وإحصائه أعمالَهم، ومحاسبتِهم عليها؛ فليراجع الإنسانُ نفسَه قبل فوات الأوان! و(الطَّارق): هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

ترتيبها المصحفي
86
نوعها
مكية
ألفاظها
61
ترتيب نزولها
36
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
17
العد البصري
17
العد الكوفي
17
العد الشامي
17

* سورة (الطَّارق):

سُمِّيت سورة (الطَّارق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ اللهِ بـ{اْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، والطارق: هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ في الظُّهر والعصر بسورة (الطارق):

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ والعصرِ بـ{وَاْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ}، ونحوِهما مِن السُّوَرِ». أخرجه أبو داود (٨٠٥).

1. مظاهر قدرة الله في خَلْق الإنسان (١-١٠).

2. حقيقة القرآن الكريم (١١-١٤).

3. أحوال الكافرين المكذِّبين (١٥-١٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /101).

يقول ابنُ عاشور عن مقصودها: «إثباتُ إحصاءِ الأعمال، والجزاءِ على الأعمال.

وإثبات إمكان البعث بنقضِ ما أحاله المشركون؛ ببيانِ إمكان إعادة الأجسام.
وأُدمِج في ذلك التذكيرُ بدقيق صُنْعِ الله، وحِكْمته في خَلْق الإنسان.
والتنويه بشأن القرآن.
وصدق ما ذُكِر فيه من البعث؛ لأن إخبارَ القرآن به لمَّا استبعَدوه وموَّهوا على الناس بأن ما فيه غيرُ صدقٍ.

وتهديد المشركين الذين ناوَوُا المسلمين.
وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدُه بأن الله منتصرٌ له غيرَ بعيد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /258).