تفسير سورة الطارق

مختصر تفسير ابن كثير

تفسير سورة سورة الطارق من كتاب تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير المعروف بـمختصر تفسير ابن كثير.
لمؤلفه محمد نسيب الرفاعي . المتوفي سنة 1412 هـ

يقسم تبارك وتعالى بالسماء، وما جعل فيها من الكواكب النيرة، ولهذا قال تعالى :﴿ والسمآء والطارق ﴾، ثم قال :﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطارق ﴾، ثم قسَّره بقوله :﴿ النجم الثاقب ﴾، قال قتادة وغيره : إما سمي النجم طارقاً لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار، ويؤيده ما جاء في الحديث :« إلاّ طارقاً بخير يا رحمن » وقوله تعالى :﴿ الثاقب ﴾ قال ابن عباس : المضيء، وقال السدي : يثقب الشياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة : هو مضيء ومحرق للشيطان، وقوله تعالى :﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ أي كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى :﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله ﴾ [ الرعد : ١١ ]، وقوله تعالى :﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ ﴾ تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد، لأن من قدر على البداءة، فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال تعالى :﴿ وَهُوَ الذي يَبْدَؤُاْ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ [ الروم : ٢٧ ]، وقوله تعالى :﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾ يعني المني يخرج دفقاً من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله عزَّ وجلَّ، ولهذا قال :﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ﴾ يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو ( صدرها )، وقال ابن عباس : صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلاّ منهما، وعنه قال : هذه الترائب ووضع يده على صدره، وعن مجاهد : الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر، وعنه أيضاً، الترائب أسفل من التراقي، وقال الثوري : فوق الثديين، وقال قتادة :﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ﴾ من بين صلبه ونحره، وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ على رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴾ فيه قولان :( أحدهما ) : على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك، قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما، ( الثاني ) : إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر، قال الضحّاك واختاره ابن جرير، ولهذا قال تعالى :﴿ يَوْمَ تبلى السرآئر ﴾ أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهوراً، وقوله تعالى :﴿ فَمَا لَهُ ﴾ أي الإنسان يوم القيامة ﴿ مِن قُوَّةٍ ﴾ أي في نفسه، ﴿ وَلاَ نَاصِرٍ ﴾ أي من خارج منه، أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب الله، ولا يستطيع له أحد ذلك.
قال ابن عباس : الرجع المطر، وعنه : هو السحاب فيه المطر، وقال قتادة : ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم، ﴿ والأرض ذَاتِ الصدع ﴾ قال ابن عباس : هو انصداعها عن النبات، وقوله تعالى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ﴾ قال ابن عباس : حق، وقال غيره : حكم عدل، ﴿ وَمَا هوَ بالهزل ﴾ أي بل هو جد حق، ثم أخبر عن الكافرين بأنهم يكذبون به، ويصدون عن سبيله فقال :﴿ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ﴾ أي يمكرون بالناس، في دعوتهم إلى خلاف القرآن، ثم قال تعالى ﴿ فَمَهِّلِ الكافرين ﴾ أي أنظرهم ولا تستعجل لهم، ﴿ وَأَكِيدُ كَيْداً ﴾ أي قليلاً وسترى ماذا أحل بهم، من العذاب والنكال، والعقوبة والهلاك كما قال تعالى :﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [ لقمان : ٢٤ ].
سورة الطارق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّارق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البلد)، وقد افتُتحت بالدلالة على عظمةِ الله، وتدبيره لهذا الكون، ودللت على بعثِ اللهِ الخلائقَ بعد موتهم، وإحصائه أعمالَهم، ومحاسبتِهم عليها؛ فليراجع الإنسانُ نفسَه قبل فوات الأوان! و(الطَّارق): هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

ترتيبها المصحفي
86
نوعها
مكية
ألفاظها
61
ترتيب نزولها
36
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
17
العد البصري
17
العد الكوفي
17
العد الشامي
17

* سورة (الطَّارق):

سُمِّيت سورة (الطَّارق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ اللهِ بـ{اْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، والطارق: هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ في الظُّهر والعصر بسورة (الطارق):

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ والعصرِ بـ{وَاْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ}، ونحوِهما مِن السُّوَرِ». أخرجه أبو داود (٨٠٥).

1. مظاهر قدرة الله في خَلْق الإنسان (١-١٠).

2. حقيقة القرآن الكريم (١١-١٤).

3. أحوال الكافرين المكذِّبين (١٥-١٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /101).

يقول ابنُ عاشور عن مقصودها: «إثباتُ إحصاءِ الأعمال، والجزاءِ على الأعمال.

وإثبات إمكان البعث بنقضِ ما أحاله المشركون؛ ببيانِ إمكان إعادة الأجسام.
وأُدمِج في ذلك التذكيرُ بدقيق صُنْعِ الله، وحِكْمته في خَلْق الإنسان.
والتنويه بشأن القرآن.
وصدق ما ذُكِر فيه من البعث؛ لأن إخبارَ القرآن به لمَّا استبعَدوه وموَّهوا على الناس بأن ما فيه غيرُ صدقٍ.

وتهديد المشركين الذين ناوَوُا المسلمين.
وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدُه بأن الله منتصرٌ له غيرَ بعيد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /258).