تفسير سورة الطارق

معاني القرآن للفراء

تفسير سورة سورة الطارق من كتاب معاني القرآن للفراء المعروف بـمعاني القرآن للفراء.
لمؤلفه الفراء . المتوفي سنة 207 هـ

وقوله عز وجل: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥).
خفضه يَحيى وأصحابه.
وبعضهم رفعه جعله من صفة اللَّه تبارك وتعالى. وخفْضُه من صفة العرش،
كما قال: «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ» (٢١) فوصف القرآن بالمَجَادة.
وكذلك قوله: فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢).
من خفض جعله من صفة اللوح «١»، ومن رفع جعله للقرآن، وَقَدْ رفع المحفوظ شَيْبَة، وأبو جعفر المدنيان «٢».
ومن سورة الطارق
قوله عز وجل: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١).
الطارق: النجم لأنَّه يطلع بالليل، وما أتاك ليلًا فهو طارق،
ثم فسره فَقَالَ:
«النَّجْمُ الثَّاقِبُ» (٣) والثاقب: المضيء، والعرب تَقُولُ: أثقب نارك- للموقِد، وَيُقَال: إن الثاقب: هُوَ «٣» النجم الَّذِي يُقال لَهُ: زحل. والثاقب: الَّذِي قَدِ ارتفع عَلَى النجوم. والعرب تَقُولُ للطائر إِذَا لحق ببطن السماء ارتفاعًا: قَدْ ثقب. كل ذَلِكَ جاء «٤» فِي التفسير.
وقوله عزَّ وجلَّ: لَمَّا عَلَيْها (٤).
قرأها العوام «لَمَّا»، وخففها بعضهم. الكِسَائِيّ كَانَ يخففها، ولا نعرف جهة التثقيل، ونرى أنها لغة فِي هذيل، يجعلون إلّا مَعَ إنِ المخففة (لمّا). ولا يجاوزون «٥» ذَلِكَ. كأنه قَالَ: ما كل نفس إلا عليها [١٣٤/ ب] حافظ.
(١) وهى قراءة الجمهور.
(٢) وقرأ أيضا «مَحْفُوظٍ» بالرفع الأعرج، وزيد بن على وابن محيصن ونافع بخلاف عنه (البحر المحيط ٨/ ٤٥٣)
(٣) فى ش: هذا.
(٤) فى ش: قد جاء.
(٥) فى ش: ولا يجوزون، وهو تحريف.
ومن خفف قَالَ: إنَّما هِيَ لام جواب لإن، (وما) التي بعدها صلة كقوله: «فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ «١» » يَقُولُ: فلا يكون فِي (ما) وهي «٢» صلة تشديد.
وقوله عز وجل: عَلَيْها حافِظٌ (٤) :
الحافظ من اللَّه عزَّ وجلَّ يحفظها، حتَّى يُسلمها إلى المقادير.
وقوله عزَّ وجلَّ: مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦).
أهل الحجاز أفعل لهذا من غيرهم، أن يجعلوا المفعول فاعلًا إِذَا كَانَ فِي مذهب نعت، كقول العرب: هَذَا سرٌّ كاتم، وهمٌّ ناصبٌ، وَلَيْلٌ نائمٌ، وعيشةٌ راضيةٌ. وأعان عَلَى ذَلِكَ أنها توافق رءوس الآيات التي هنّ «٣» معهن.
وقوله عزَّ وجلَّ: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧).
يريد: من الصلب [والترائب] «٤» وهو جائز أن تَقُولُ للشيئين: ليخرجن «٥» من بين هذين خير كثير ومن هذين. [والصلب] «٦» : صلب الرجل، والترائب: ما اكتنف لَبّاتِ المرأة مما يقع عَلَيْهِ القلائد.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨).
إنه عَلَى رد الْإِنْسَان بعد الموت لقادر.
[حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ:] «٧» حَدَّثَنَا الْفَرَّاءُ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مندل عنْ ليث عنْ مجاهد قَالَ: إنه عَلَى رد الماء إلى الإِحليل لقادر.
وقوله جل وعز: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١).
تبتدئ بالمطر، ثُمَّ ترجع بِهِ فِي كل عام.
وقوله عزَّ وجلَّ: وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢).
تتصدع بالنبات.
(١) سورة النساء الآية: ١٥٥ وسورة المائدة: ١٣.
(٢) فى ش: وهى فى صلة، تحريف.
(٣) فى ش: هى. [.....]
(٤، ٦) سقط فى ش.
(٥) تصحيح فى هامش ش.
(٧) زيادة من ش.
سورة الطارق
معلومات السورة
الكتب
الفتاوى
الأقوال
التفسيرات

سورة (الطَّارق) من السُّوَر المكية، نزلت بعد سورة (البلد)، وقد افتُتحت بالدلالة على عظمةِ الله، وتدبيره لهذا الكون، ودللت على بعثِ اللهِ الخلائقَ بعد موتهم، وإحصائه أعمالَهم، ومحاسبتِهم عليها؛ فليراجع الإنسانُ نفسَه قبل فوات الأوان! و(الطَّارق): هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

ترتيبها المصحفي
86
نوعها
مكية
ألفاظها
61
ترتيب نزولها
36
العد المدني الأول
16
العد المدني الأخير
17
العد البصري
17
العد الكوفي
17
العد الشامي
17

* سورة (الطَّارق):

سُمِّيت سورة (الطَّارق) بهذا الاسم؛ لافتتاحها بقَسَمِ اللهِ بـ{اْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، والطارق: هو النَّجْمُ الذي يطلُعُ ليلًا.

* كان صلى الله عليه وسلم يَقرأ في الظُّهر والعصر بسورة (الطارق):

عن جابرِ بن سَمُرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يَقرأُ في الظُّهْرِ والعصرِ بـ{وَاْلسَّمَآءِ وَاْلطَّارِقِ}، {وَاْلسَّمَآءِ ذَاتِ اْلْبُرُوجِ}، ونحوِهما مِن السُّوَرِ». أخرجه أبو داود (٨٠٥).

1. مظاهر قدرة الله في خَلْق الإنسان (١-١٠).

2. حقيقة القرآن الكريم (١١-١٤).

3. أحوال الكافرين المكذِّبين (١٥-١٧).

ينظر: "التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم" لمجموعة من العلماء (9 /101).

يقول ابنُ عاشور عن مقصودها: «إثباتُ إحصاءِ الأعمال، والجزاءِ على الأعمال.

وإثبات إمكان البعث بنقضِ ما أحاله المشركون؛ ببيانِ إمكان إعادة الأجسام.
وأُدمِج في ذلك التذكيرُ بدقيق صُنْعِ الله، وحِكْمته في خَلْق الإنسان.
والتنويه بشأن القرآن.
وصدق ما ذُكِر فيه من البعث؛ لأن إخبارَ القرآن به لمَّا استبعَدوه وموَّهوا على الناس بأن ما فيه غيرُ صدقٍ.

وتهديد المشركين الذين ناوَوُا المسلمين.
وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووعدُه بأن الله منتصرٌ له غيرَ بعيد». "التحرير والتنوير" لابن عاشور (30 /258).