آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

ما يريدونه ويطلبونه ﴿إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ﴾؛ أي: فاجئوك بالسخط، وبادروك بالغضب واللمز، وإن لم يكونوا مستحقين للعطاء، إذ لا هَمَّ لهم، إلا المنفعة الدنيوية، ونيل حطام الدنيا. وفائدة إذا الفجائية إفادة أنَّ الشرط مفاجىء للجزاء، وهاجمٌ عليه، وقد ثابت إذا الفجائية مناب فاء الجزاء على حد قوله:
وَتَخْلُفُ الْفَاءَ إِذَا المُفَاجَأَهْ
والأصل فهم يسخطون.
٥٩ - ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ﴾؛ أي: ما أعطاهم الله تعالى من الغنائم وغيرها، وذكر (١) الله للتعظيم والتنبيه على أنَّ ما فعله الرسول، كان بأمره تعالى، والأصل ما أتاهم الله ﴿و﴾ أعطاهم ﴿رسوله﴾ - ﷺ -، بقسمة الغنائم والصدقات، كما أره الله تعالى ﴿وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ﴾؛ أي: كافينا الله في كل حال ﴿سَيُؤْتِينَا اللَّهُ﴾؛ أي: وسيعطينا الله سبحانه ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ ورزقه بما يرد علينا من الغنائم والصدقات ﴿و﴾ يقسم لنا ﴿رسوله﴾ على وفق ما أمره الله تعالى به، لا يبخس أحدًا منَّا شيئًا يستحقه في شرع الله، وقالوا: ﴿إِنَّا إِلَى﴾ فضل ﴿اللَّهِ رَاغِبُونَ﴾ وفي رزقه طامعون، أي: وقالوا: إنا إلى الله نرغب في أن يوسع علينا من فضله، فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم، والآية بأسرها في حيز الشرط، والجواب محذوف، تقديره: لكان خيرًا لهم، أي: لو فعلوا ذلك المذكور.. لكان خيرًا لهم من الطمع في غير مطمع، ومن همز الرسول ولمزه.
والخلاصة (٢): أنهم لو رضوا من الله نعمته، ومن الرسول قسمته، وعلقوا أملهم بفضل الله وكفايته، وبما سينعم به عليهم في مستأنف الأيام، وبأن الرسول يعدل في القسمة.. لكان في ذلك الخير كل الخير لهم.
وفي ذلك إيماءٌ إلى أن المؤمن يجب أن يكون قانعًا بكسبه، وما يناله بحق من صدقة ونحوها، مع توجيه قلبه إلى ربه، ولا يرغب إلا إليه في الحصول على

(١) أبو السعود.
(٢) المراغي.

صفحة رقم 298
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
الناشر
دار طوق النجاة، بيروت - لبنان
سنة النشر
1421
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية