
وهو يزعم أنه يعدل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أبالك أما كان موسى راعياً أما كان داود راعياً» فلما ذهب قال عليه الصلاة والسلام «احذروا هذا وأصحابه فإنهم منافقون» »
وقرئ: يلمزك بالضم، ويلمزك ويلامزك. التثقيل والبناء على المفاعلة مبالغة في اللمز.
ثم وصفهم بأن رضاهم وسخطهم لأنفسهم، لا للدين وما فيه صلاح أهله، لأن رسول الله ﷺ استعطف قلوب أهل مكة يومئذ بتوفير الغنائم عليهم فضجر المنافقون منه. وإذا للمفاجأة: أى وإن لم يعطوا منها فاجئوا للسخط.
[سورة التوبة (٩) : آية ٥٩]
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ (٥٩)
جواب «لو» محذوف تقديره: ولو أنهم رضوا لكان خيراً لهم. والمعنى: ولو أنهم رضوا ما أصابهم به الرسول من الغنيمة وطابت به نفوسهم وإن قلّ نصيبهم وقالوا كفانا فضل الله وصنعه، وحسبنا ما قسم لنا سيرزقنا الله غنيمة أخرى فيؤتينا رسول الله ﷺ أكثر مما آتانا اليوم إِنَّا إِلَى اللَّهِ في أن يغنمنا ويخولنا فضله لراغبون.
[سورة التوبة (٩) : آية ٦٠]
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)
إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ قصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة وأنها مختصة بها «٢» لا يتجاوزها إلى غيرها، كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم. ونحوه قولك. إنما الخلافة لقريش. تريد لا تتعداهم ولا تكون لغيرهم فيحتمل أن تصرف إلى الأصناف كلها وأن تصرف إلى بعضها، وعليه مذهب أبى حنيفة رضى الله عنه. وعن حذيفة وابن عباس وغيرهما من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم أنهم قالوا: في أى صنف منها وضعتها أجزأك. وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه: لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فأبرتهم بها
(٢). قال محمود: «هذا قصر لجنس الصدقات على الأصناف المعدودة وأنها مختصة بها الخ» قال أحمد: وهو مذهب مالك رضى الله عنه، والقول بوجوب صرفها إلى جميع الأصناف حتى لا يجوز ترك صنف واحد منها أخذا من إشعار اللام بالتمليك كما ذهب إليه الشافعي لا يساعده السياق فان الآية مصدرة بكلمة الحصر الدالة على أن غيرهم لا يستحق فيها نصيباً فهذا هو الغرض الذي سبقت له فلا اقتضاء فيها لما سواء والله أعلم.

كان أحب إلىّ. وعند الشافعىّ رضى الله عنه، لا بدّ من صرفها إلى الأصناف الثمانية. وعن عكرمة رضى الله عنه. أنها تفرّق في الأصناف الثمانية. وعن الزهري أنه كتب لعمر ابن عبد العزيز تفريق الصدقات على الأصناف الثمانية وَالْعامِلِينَ عَلَيْها السعاة الذين يقبضونها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ أشراف من العرب كان رسول الله ﷺ يستألفهم على أن يسلموا فيرضخ لهم شيئاً منها حين كان في المسلمين قلة. والرقاب: المكاتبون يعانون منها. وقيل:
الأسارى. وقيل: تبتاع الرقاب فتعتق وَالْغارِمِينَ الذين ركبتهم الديون ولا يملكون بعدها ما يبلغ النصاب. وقيل الذين تحملوا الحمالات فتداينوا فيها وغرموا وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ فقراء الغزاة والحجيج المنقطع بهم وَابْنِ السَّبِيلِ المسافر المنقطع عن ماله فهو فقير حيث هو غنىّ حيث ماله فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ في معنى المصدر المؤكد، لأنّ قوله إنما الصدقات للفقراء معناه فرض الله الصدقات لهم. وقرئ فريضة بالرفع على: تلك فريضة. فإن قلت: لم عدل عن اللام إلى «في» في الأربعة الأخيرة «١» ؟ قلت: للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره، لأنّ «في» للوعاء، فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصباً، وذلك لما في فك الرقاب من الكتابة أو الرق أو الأسر، وفي فك الغارمين من الغرم من التخليص والإنقاذ، ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة، وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال، وتكرير «في» في قوله وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين. فإن قلت: فكيف وقعت هذه الآية في تضاعف ذكر المنافقين ومكايدهم؟ قلت: دل بكون هذه الأصناف مصارف