آيات من القرآن الكريم

وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ
ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٨ الى ٥٩]

وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ (٥٨) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ (٥٩)
تفسير المفردات
اللمز: العيب والطعن فى الوجه، والهمز: الطعن فى الغيبة، ورغبه ورغب فيه:
أحبه، ورغب عنه: كرهه، ورغب إليه: طلبه وتوجه إليه.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه أن المنافقين لا يتحرجون عن كاذب الأيمان إذا وجدوا فى ذلك طريقا لخدعة المؤمنين فى تصديقهم بأنهم مؤمنون كما هم مؤمنون كى يأمنوا جانبهم، وأنهم يجدّون فى البعد عنهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا- أردف ذلك بذكر سوأة أخرى من سوءاتهم وهى أنهم يتمنّون الفرص للطعن على النبي ﷺ حتى يواقعوا الريب فى قلوب ضعفاء الإيمان من المسلك الذي يوافق أهواءهم، وقد وجدوا من ذلك قسمة الصدقات والمغانم، فولجوا هذا الباب وقالوا ما شاءوا أن يقولوا.
روى البخاري والنسائي عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال: «بينما النبي ﷺ يقسم قسما إذ جاءه ذو الخويصرة التميمي فقال اعدل يا رسول الله، فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل؟ فقال عمر بن الخطاب: ائذن لى أن أضرب عنقه، فقال رسول الله ﷺ دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة فنزلت فيهم (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) الآية».

صفحة رقم 140

وروى ابن جرير عن داود بن أبى عاصم قال: «أتى النبىّ ﷺ بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت ورأى ذلك رجل من الأنصار فقال ما هذا بالعدل فنزلت هذه الآية.
ومجموع الروايات يدل على أن أشخاصا من منافقى المدينة قالوا ذلك لحرمانهم من العطية، ولم يقله أحد من المهاجرين ولا من الأنصار الأولين الذين بايعوا النبي ﷺ فى منى.
الإيضاح
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) أي ومن المنافقين من يعيبك ويطعن عليك فى قسمة الصدقات وهى أموال الزكاة المفروضة، إذ يزعمون أنك تحابى فيها وتؤتى من تشاء من الأقارب وأهل المودة ولا تراعى العدل فى ذلك.
ثم بين سبحانه أسباب هذا اللمز وأن منشأه حرصهم على حطام الدنيا فقال:
(فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا) أي فإن أعطوا ولو بغير حق كأن أظهروا الفقر كذبا واحتيالا، أو أعطوا لتأليف قلوبهم- رضوا بهذه القسمة واستحسنوا فعلك.
(وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ) أي وإن لم يعطوا منها فاجئوك بالسخط وإن لم يكونوا مستحقين للعطاء، إذ لاهمّ لهم إلا المنفعة الدنيوية ونيل حطام الدنيا.
(وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ) أي ولو أنهم رضوا ما أعطاهم الله من الغنائم وغيرها وأعطاهم رسوله بقسمة الغنائم والصدقات كما أمره الله، وقالوا الله يكفينا فى كل حال، وسيعطينا من فضله بما يرد علينا من الغنائم والصدقات، لأن فضله لا ينقطع، ورسوله لا يبخص أحدا منا شيئا يستحقه فى شرع الله، وقالوا إنا إلى الله نرغب فى أن يوسع علينا من فضله فيغنينا عن الصدقة وغيرها من صلات الناس والحاجة إليهم- لو فعلوا ذلك لكان خيرا لهم من الطمع فى غير مطمع ومن همز الرسول ولمزه.

صفحة رقم 141
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية