آيات من القرآن الكريم

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

وتصديق ذلك في كتاب الله: ﴿هُوَ يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصدقات﴾ و ﴿يَمْحَقُ الله الرباوا وَيُرْبِي الصدقات﴾ ".
وقال ابن مسعود: ما تصدق رجل بصدقة إلاّ وقعت في يد الله قبل أن تقع بيد السائل وهو يضعها في يد السائل، ثم تلا: ﴿أَلَمْ يعلموا أَنَّ الله هُوَ يَقْبَلُ التوبة﴾.
وقوله: ﴿وَقُلِ اعملوا فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ والمؤمنون﴾، إلى قوله: ﴿والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
والمعنى: ﴿وَقُلِ﴾ يا محمد، لهؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم: ﴿اعملوا﴾، أي: اعملوا بما يرضي الله، ﴿فَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ﴾، وسيراه رسوله والمؤمنون، في الدنيا، ﴿وَسَتُرَدُّونَ إلى عَالِمِ الغيب والشهادة﴾، أي: تردون يوم القيامة، إلى الله الذي يعلم السر والعلانية، ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾، أي يخبركم بعملكم، ويجازيكم عليه جزاء المسحنين أو جزاء المسيء.

صفحة رقم 3147

وقال مجاهد: الآية وعيد من الله.
و ﴿فَسَيَرَى الله﴾، من رؤية العين.
ثم قال تعالى: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله﴾.
هذه معطوف على ما قبله. والمعنى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ الأعراب منافقون وَمِنْ أَهْلِ المدينة﴾ قوم ﴿مَرَدُواْ عَلَى النفاق﴾، ومنهم ﴿وَآخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ﴾، ومنهم ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله﴾. فالتقدير: من هؤلاء المتخلفين عنكم، ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله﴾، وقضائه فيهم.
﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾.
وهم قوم تخلفوا ولم يعتذروا إلى النبي ﷺ، وندموا على ما صنعوا، فتاب الله عليهم، إذ علم صحة توبتهم وندمهم، فقال: ﴿لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين والأنصار﴾، إلى قوله: ﴿هُوَ التواب الرحيم﴾ [التوبة: ١١٧ - ١١٨].
قال ابن عباس: لما نزل: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً﴾، يعني: أبا لُبابة وصاحبيه، يعني: الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم، ولم يظهروا التوبة، فلم يذكروا بشيءٍ، فضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فأنزل الله، تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ الله﴾، الآية، فيهم فجعل الناس

صفحة رقم 3148

يقولون: هلكوا، إذ لم ينزل فيهم عُذْرٌ. وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يتوب عليهم، فصاروا مرجئين، لا يقطع لهم بشيء، حتى نزل: ﴿لَقَدْ تَابَ الله على النبي والمهاجرين﴾، إلى قوله: ﴿إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، ثم قال تعالى: ﴿وَعَلَى الثلاثة الذين خُلِّفُواْ﴾ يعني: الثلاثة الذين أُرْجُوْا، إلى قوله: ﴿هُوَ التواب الرحيم﴾.
وقال عكرمة: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾: هم الثلاثة الذين خُلَّفُوْا.
والثلاثة في قول مجاهد: هلال بن أمية، ومُرارةَ بن الربيع، وكعب بن مالك، الثلاثة من الأوس.
وقال الضحاك: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾، هم الثلاثة الذين خُلِّفُوا عن التوبة، يعني: توبة أبي لُبابة وصاحبيه، فضاقت عليهم الأرض، وكان أصحاب محمد ﷺ، فيهم فئتين، فئة تقول: هلكوا، وفئة تقول: عسى الله أن يعفوا عنهم، فأنزل الله/ تعالى: ﴿ وَعَلَى الثلاثة الذين خُلِّفُواْ﴾، وأرجأ رسول الله ﷺ، أمرهم

صفحة رقم 3149
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية