آيات من القرآن الكريم

وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ

وَآخَرَ سَيِّئاً: تخلّفهم يوم تبوك عَسَى اللَّهُ عسى من الله واجب إن شاء الله. وَكَانَ هَؤُلاءِ قد أوثقوا أنفسهم بسَوَاري المسجد، وحلفوا ألا يفارقوا ذَلِكَ حَتَّى تنزل توبتهم، فلما نزلت قالوا: يا رسول الله خذ أموالنا شكرًا لتوبتنا، فقال: لا أفعلُ حَتَّى ينزل بذلك عليّ قرآن. فأنزل الله عَزَّ وجل:
قوله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً (١٠٣) فأخذ بعضًا.
ثُمَّ قَالَ: تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ: استغفر لَهُم فإن استغفارك لَهُم تسكن إِلَيْهِ قلوبهم، وتطمئنُ بأن قد تابَ الله عليهم. وقد «١» قرئت (صلواتك).
والصلاة أكثر.
وقوله: وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ (١٠٦) هم ثلاثة نَفَرٍ مسمَّون، تخلّفوا عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزوة تبوك، فلمّا رجع قَالَ: (ما عذركم) ؟ قالوا: لا عذر لنا إلا الخطيئة، فكانوا موقوفين حَتَّى نزلت توبتهم فِي قوله: لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ (١١٧) وقوله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا (١١٨) وهم كعب بن مالك، وهلال بن أُمَيَّة، ومرارة.

(١) وهى قراءة غير حفص وحمزة والكسائي وخلف.

صفحة رقم 451

وقوله: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً (١٠٧) هم بنو عَمْرو بن عوف من الأنصار، بنَوا مسجدهم ضرارًا لِمسجد قُبَاءَ.
ومسجد قباء أول مسجد بني عَلَى التقوى. فلمّا قدم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غزوة تبوك أمر بإحراق مسجد الشقاق وهدمه.
ثُمَّ قال: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً (١٠٨) يعني مسجد بني عَمْرو. ثُمَّ انقطعَ الكلام فقال: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ. ثم قال: فِيهِ رِجالٌ الأولى صلة لقوله:
(تقوم) والثانية رفعت الرجال.
وقوله: أَسَّسَ (١٠٤) وأَسَّسَ «١»، ويَجوز أساس، وآساس. ويخيَّل إليّ أني قد سمعتها فِي القراءة.
وقوله: لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ (١١٠) يعنى مسجد النفاق (ريبة) يقال: شكّا (إلا أن تقطّع) و (تقطّع) «٢» معناهُ: إلا أن يموتوا. وقرأ الْحَسَن (إلى أن تَقَطَّع) بمنزلة حَتَّى، أي حَتَّى تَقَطَّع. وهي فِي قراءة عبد الله ولو قُطِّعت قلوبُهم حجة لمن قال إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ بضم التاء.

(١) وهى قراءة نافع وابن عامر. والأولى بالبناء للفاعل قراءة الباقين.
(٢) الجمهور على قراءة (تقطع قلوبهم) وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص ويعقوب كذلك إلا أنهم فتحوا التاء (تقطع قلوبهم) وروى عن يعقوب وأبى عبد الرحمن (تقطع) مخفف القاف مبنيا لما لم يسم فاعله. وروى عن شبل وابن كثير (تقطع قلوبهم) أي أنت تفعل ذلك بهم (من تفسير القرطبي).

صفحة رقم 452
معاني القرآن للفراء
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء
تحقيق
أحمد يوسف نجاتي
الناشر
دار المصرية للتأليف والترجمة - مصر
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية