آيات من القرآن الكريم

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊ ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ

وَالْإِثْمَ يعني الذنب والمعصية. وقال الحسن: الإثم الخمر. وقال الشاعر:
شربت الإثم ظل عقلي كذلك... الإثم يذهب بالعقول
وقال الآخر:
نشرب الإثم بالصواع جهارا... ونرى السكر بيننا مستعارا
وَالْبَغْيَ وهو الظلم بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً حجة وبرهانا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ تحريم الملابس والمأكل وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ مدّة وأجل، وقيل: وقت حلول العقاب وأوّل العذاب. فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ وإذا انقطع أجلهم، وقرأ ابن سيرين آجالهم لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً لا يتأخّرون وَلا يَسْتَقْدِمُونَ لا يتقدّمون يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ شرط معناه: إن أتاكم [عجزا به] فمن بقي، وقيل فأطيعوه وقال: مقاتل:
أراد بقوله يا بَنِي آدَمَ لا تشركوا بالرب، وبالرسل محمد ﷺ وحده. يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى الله وَأَصْلَحَ عمله فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها عن الإيمان بمحمد والقرآن أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ.
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ حظّهم بما كتبوا لهم في اللوح المحفوظ. وقال الحسن والسدي وأبو صلاح: ما كسب لهم من العذاب.
وقال سعيد بن جبير ومجاهد وعطيّة: ما سبق لهم من الشقاوة والسعادة. وروى بكر الطويل عن مجاهد في هذه الآية قال: قوم يعملون أعمالا لا بد من أن يعملوها ولم يعملوها

صفحة رقم 231

بعد. قال ابن عباس وقتادة والضحاك: يعني أعمالهم وما كتب عليهم من خير أو شر، فمن عمل خيرا أجزي به ومن عمل شرا أجزي به. مجاهد عن ابن عباس قال: هو ما وعد من خير وشر.
عطيّة عن ابن عباس أنّه قال: ينالهم ما كتب لهم وقد كتب لمن يفتري على الله أن وجهه مسود «١»، يدل عليه [قوله تعالى]، وُجُوهُهُمْ يومئذ مُسْوَدَّةٌ.
قال الربيع والقرظي وابن زيد: يعني ما كتب لهم من الأرزاق والأعمال والأعمار فإذا فنيت و [تم خرابها] حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ يقبضون أرواحهم يعني ملك الموت وأعوانه قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ تعبدون مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا انشغلوا بأنفسهم وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أقروا أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ قالوا: [شهدنا] على أنفسنا [بتبليغ الرسل] وغرّتهم الحياة الدنيا وشهدوا وأقروا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين قالَ ادْخُلُوا يقول الله عزّ وجلّ لهم يوم القيامة ادخلوا فِي أُمَمٍ يعني مع جماعات قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ يعني كفار الأمم الماضية كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها في الدين والملة ولم يقل أخاها لأنّه عنى بها الأمّة فيلعن المشركون المشركين واليهود اليهود، وكذلك النصارى النصارى والمجوس المجوس ويلعن الأتباع القادة يقولون: لعنكم الله أنتم غررتمونا يقول الله عزّ وجلّ حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها أي تلاحقوا جَمِيعاً قرأ الأعمش: حتّى إذا تداركوا، على الأصل، وقرأ النخعي: حتّى إذا أدّركوا، مثقلة الدال من غير ألف أراد فنقلوا من الدرك.
قالَتْ أُخْراهُمْ قال مقاتل: يعني أخراهم دخولا للنار وهم الأتباع، لِأُولاهُمْ دخولا وهم القادة.
قال ابن عباس: (أُخْراهُمْ) يعني آخر الأمم، (لِأُولاهُمْ) يعني أوّل الأمم، وقال السدي:
أُخْراهُمْ يعني الذين كانوا في آخر الزمان. (لِأُولاهُمْ) يعني الذين شرعوا لهم ذلك الدين رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا عن الهدى. يعني الفساد فَآتِهِمْ أي فأعطاهم عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ أي مضعفا من النار قالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ من العذاب وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ حتّى يحل بكم وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ لأنّكم كفرتم كما كفر به ونحن وأنتم في الكفر شرع سواء وفي العذاب أيضا فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ قرئ بالياء والياء والتشديد والتخفيف جميعا لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ يعني لا أرواحهم وأعمالهم لأنّها خبيثة فلا يصعد بل تهوى بها إلى [سجن] تحت الصخرة التي تحت الأرضين.
روى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ قال: إن الميت ليحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة، وأبشري

(١) تفسير الطبري: ٨/ ٢٢٥ [.....]
.

صفحة رقم 232

بروح من الله وريحان ورب غير غضبان فيقولون ذلك حتّى تخرج ثمّ تعرج بها إلى السماء فينفتح لها فيقال: من هذا [فيقال: فلان] فيقولون: مرحبا بالنفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان، فيقال: ذلك لها حتّى يعرج بها إلى السماء السابعة.
وإذ كان الرجل السوء قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة من الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ، فيقولون ذلك حتّى يخرج، ثمّ يعرج بها إلى السماء فتفتح لها فيقال: من هذا فيقولون فلان، فيقولون: لا مرحبا بالنفس الخبيثة التي كانت في الجسد الخبيث أرجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء فيرسل من السماء والأرض فيصير إلى القبر «١».
وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ يعني يدخل البعير في ثقب الإبرة [وهذا مثل والسمّ] وهو الإبرة.
وقرأ عكرمة وسعيد بن جبير: الجُمَّل بضم الجيم وبتشديد الميم. وهو حبل السفينة ويقال لها الفلس قال عكرمة: هو الحبل الذي يصعد به إلى النخل وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ فراش من نار وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وهي جمع غاشية وذلك ما غشاهم وغطاهم وقال القرظي ومجاهد: هي اللحف وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ
قال البراء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يكسي الكافر لوحين من نار في قبره»
[١٨٢] «٢»، فذلك قوله لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ.
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي طاقتها وما يسعها ويحلّ لها فلا تخرج منه ولا تضيق عليه أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَنَزَعْنا وأخرجنا وأذهبنا ما فِي صُدُورِهِمْ قلوبهم مِنْ غِلٍّ وحقد وعداوة كان من بعضهم على بعض في الدنيا فجعلناهم إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ لا [يحسد] بعضهم بعض على شيء خص الله به بعضهم وفضلهم به،
روى الحسن بن عليّ (رضي الله عنه) قال: فينا والله أهل البيت نزلت وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ «٣».
وقال عليّ- كرّم الله وجهه- أيضا: «إنّي لا أرجوا أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ الآية «٤».

(١) مسند أحمد: ٢/ ٣٦٤
. (٢) الدر المنثور: ٣/ ٨٥
. (٣) كنز العمال: ٢/ ٤٥٠ ح ٤٤٧٢، وفضائل الصحابة لأحمد: ٢/ ٥٩٧ ح ١٠١٨
. (٤) تفسير القرآن لعبد الرزاق: ٢/ ٢٢٨
.

صفحة رقم 233
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية