آيات من القرآن الكريم

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ ۖ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ۖ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ

وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ في الدنيا، وذلك حين شهدت عليهم جوارحهم.
ثم قال: قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ أي: قالت لهم خزنة النار: ادخلوا النار مع أمم قد مضت على مذهبكم مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ يعني: النار أُمَّةٌ جماعة لَعَنَتْ أُخْتَها أي: على الأمة التي دخلت قبلها في النار. قال مقاتل: يعني لعنوا أهل ملتهم يلعن المشركون المشركين والنصارى النصارى. وقال الكلبي: تدعو على الأمم التي قبلهم في النار يبدأ بالأمم الأولى فالأولى، ويبدأ أولاً بقابيل وولده. ويقال: يبدأ بالأكابر فالأكابر مثل فرعون كما قال في آية أخرى ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا [مريم: ٦٩].
حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً يعني: اجتمعوا في النار وأصله تداركوا فيها يعني:
اجتمع القادة والأتباع في النار وقرأ بعضهم حَتَّى إذَا أَدْرَكُوا فيه أي دخلوا في إدراكها، كما يقال أشتى الرجل إذا دخل في الشتاء وهي قراءة شاذة قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ أي: قال أواخر الأمم لأولّهم. ويقال: قالت الأتباع للقادة والرؤساء رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا عن الهدى فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ أي: أعظم زيادة من العذاب قالَ الله تعالى: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لاَّ تَعْلَمُونَ أي: على القادة زيادة من العذاب ولكن لا تعلمون ما عليهم. قرأ عاصم في رواية أبي بكر وَلكِنْ لاَّ يَعْلَمُونَ بالياء أي: لا يعلم فريق منهم عذاب فريق آخر وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ أي: أولهم دخولاً لآخرهم دخولاً. ويقال: القادة للأتباع فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ في شيء كفرتم كما كفرنا، فنحن وأنتم سواء في الكفر ضللتم كما ضللنا.
قال الله تعالى: فَذُوقُوا الْعَذابَ ويقال: يقول الخزنة فذوقوا العذاب. ويقال: هذا قول بعضهم لبعض فَذُوقُواْ العذاب بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ أي: تكفرون في الدنيا بترككم الإيمان.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢) وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)

صفحة رقم 514

قوله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي بمحمد ﷺ والقرآن وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها يعني: استكبروا عن قبولها. ويقال: عن النظر فيها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ لأعمال الكفار أي: ليس لهم عمل صالح يفتح لهم أبواب السماء ويقال: لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء إذا ماتوا. وقال بعضهم: أبواب السماء أي أبواب الجنة وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ أي لا يدخلون الجنة أبداً كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة.
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الجمل. فقال: زوج الناقة. وقال الضحاك:
الجمل الذي له أربع قوائم. وقال بعض الناس: الجمل هو أشتر بالفارسية وقال الحسن: هو ولد الناقة وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قرأ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ بضم الجيم وتشديد الميم وهو حبل السفينة الغليظ. وسئل عكرمة عن قوله: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ قيل:
وما الجمل؟ قال: الحبل الذي يصعد به النخل. قال سعيد بن جبير هو حبل السفينة الغليظ.
قرأ أبو عمرو لا تُفْتَحْ بالياء بلفظ التذكير بالتخفيف. وقرأ الباقون بالتاء المشددة. فمن قرأ بالتأنيث فلأنها من جماعة الأبواب. ومن قرأ بالتذكير فلأن الفعل مقدم. ومن قرأ بالتشديد أراد به تكثير الفتح. ومن قرأ بالتخفيف فتفتح مرة واحدة وقرأ بعضهم في سُمِّ بضم السين وهي قراءة شاذة وهما لغتان قال أبو عبيدة: كل ثقب فهو سم.
ثم قال عز وجل: وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ أي هكذا نعاقب المشركين. ثم ذكر ما أوعدهم في النار فقال عز وجل: لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ أي: فراش من النار وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ أي يغشاهم النار من فوق رؤوسهم ومعناه: أن من تحتهم ناراً ومن فوقهم ناراً.
كقوله: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ [الزمر: ١٦] ويقال: لهم من جهنم مهاد أي حظهم من جهنم كالمهاد، فأخبر عن ضيق مكانهم في النار وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ نعاقب الكافرين.
قوله عز وجل: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وذلك أن الله تعالى لما أخبر عن حال الذين كذبوا بآياته واستكبروا عن قبولها أخبر عن حال الذين آمنوا بآياته. فقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي: صدقوا وعملوا الصالحات أي الطاعات والأعمال الصالحة لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها أي: لا نكلف نفساً بعد الإيمان من العمل إلا بقدر طاقتها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ يعني: دائمون.
ثم قال عز وجل: وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ قال بعضهم: أي في الدنيا أخرج الله تعالى الغل والحسد من قلوبهم، وألف بين قلوبهم كما قال الله تعالى: وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ

صفحة رقم 515
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية