آيات من القرآن الكريم

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

(قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)
بعد أن بين الله - تعالى - أمر الساعة وأن علمها عند الله وحده، أمر النبي - ﷺ - أن يبين لهم أنه بشر رسول وأنه لَا يملك لهم أن يأتي بها قبل أن يقدِّر الله تعالى؛ لأنه لَا يملك في نفسه لنفسه شيئا، لَا يملك لنفسه نفعا يجلبه ولا ضرا يدفعه، بل إنه يجري عليه ما يجري على البشر، فلا يملك أن يغير في أمر الساعة شيئا، فليس لهم أن يسألوه عنها ويطلبوا منه ميقاتها، ولقد قال تعالى مثل ذلك في آية أخرى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٤٩).
(وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ).

صفحة رقم 3026

وإن هذا النص بما فيه من رد على أسئلتهم فيما يتعلق بالساعة فيه تأكيد لبشرية النبي - ﷺ - وأنه لَا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله تعالى، فأنا تحت سلطانه وظله، لَا أملك إلا ما يملكني، وما لَا يملكني ممنوع على لَا سلطان لي فيه " وإن علم الغب لله وحده، فعلم الساعة له وحده، وأنا لَا أعلم الغيب، وإنما علمه عند الله عالم الغيب لَا يُطلع أحدا عليه، ولذا قال النبي - ﷺ - بأمر من ربه: (وَلَوْ كنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) لطلبت الكثير من الخير ونلته، فكنت أستنصر في الحروب في غير مكيدة ولا تدبير، ولدفعت أمر الشرك، ولجعلت الأرض خصبة إن كانت جدبا، ولكني أفوض أمري إلى، إن أعطاني فبإحسانه، وإن منعني فبحكمته وهو العليم.
(وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)، ولو كنت أعلم الشيب ما مسني السوء فما يمسني ضر، ولا أنهزم في حرب، ولا أغلب في أمر، إنما أنا كسائر البشر أغالب أهل الشر وأنازعهم، وأنال منهم، وربما ينالون مني.
وإنما ما اختصصت به هو الرسالة وحدها، وأن الله يكلفني؛ ولذا قال: (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لقَوْمٍ يؤْمِنونَ)، أي أنه مقصور على الرسالة لَا يتجاوزها، ولا يعدوها، فهو نذير للكافرين، بشير للمؤمنين (إِنْ) في الآية نافية، فهي نافية إلا ما ثبت بعد الاستثناء، إلا وهو الرسالة من الله ينذر بها الكافر، ويبشر بها المؤمن.
وإنما ينتفع بالبلاغ المحمدي بالإنذار والتبشير - المؤمنون، فهم الذين يخافون عذابه إن أنذروا، ويجيبون نداءه ويستبشرون برحمته إن أطاعوا، والله سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل.
* * *

صفحة رقم 3027

النفس الإنسانية
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (١٩٢) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤)
* * *
بين الله تعالى أن الفطرة الإنسانية تتجه إلى الإيمان بالله تعالى، وأنها شهادة النفس الإنسانية، وأنها العهد الذي أخذه الله تعالى على الناس وهم في ظهور آبائهم، وقد بين كيف انحرفت، وتوالت هذه الانحرافات، وصارت الخلائف تتجه إليها في ذرياتهم، وكأنها حيلة وليست كذلك. يقول الله تعالى:

صفحة رقم 3028
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية