آيات من القرآن الكريم

قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ

١ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (١٨٧) قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)
شرح الكلمات:
الساعة: أي الساعة بمعنى الوقت الذي تنتهي فيه الحياة الدنيا بالفناء التام.
أيان مرساها ٢: أي متى وقت قيامها.
لا يجلها لوقتها: أي لا يظهرها في وقتها المحدد لها إلا هو سبحانه وتعالى.
بغتة: أي فجأة بدون توقع أو انتظار.
حفي عنها: أي ملحف مبالغ في السؤال عنها حتى أصبحت تعرف وقت مجيئها.
الغيب: الغيب ما غاب عن حواسنا وعن عقولنا فلم يدرك بحاسة ولا بعقل. والمراد به هنا ما سيحدث في المستقبل القريب أو البعيد.
السوء: كل ما يسوء العبد في روحه أو بدنه.
إن أنا إلا نذير: أي ما أنا إلا نذير وبشير فلست بإله يدبر الأمر ويعلم الغيب.

١ السائلون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الساعة كثيرون بعضهم مشركون يسألون للتعجيز وبعضهم يهود يسألون اختباراً وامتحاناً.
٢ اسم يسأل به عن الزمان لا غير، قال الراجز:
أيّان تقضي حاجتي أيّان...
أما ترى لنُجْحِها أرانا

صفحة رقم 270

معنى الآيات:
لا شك أن أفراداً من قريش أو من غيرهم سألوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الساعة متى قيامها فأخبره تعالى بسؤالهم وعلمه الجواب فقال عز وجل وهو يخاطب رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿يسألونك عن الساعة أيان مرساها١﴾ أي متى وقت وقعوها وقيامها؟ قل لهم ﴿إنما علمها عند ربى﴾ أي علم وقت قيامها عند ربي خاصة ﴿لا يجليها لوقتها﴾ أي لا يظهرها لأول وقتها إلا هو ﴿ثقلت في السموات والأرض﴾ أي ثقل أمر علمها عند أهل السموات والأرض ﴿لا تأتيكم إلا بغتة﴾ أي فجأة، ثم قال له يسألونك هؤلاء الجهال عن الساعة ﴿كأنك حفي عنها﴾ أي كأنك ملحف في السؤال مبالغ في طلب معرفتها حتى عرفتها، قل لهم ﴿إنما علمها٢ عند الله﴾ خاصة، ﴿ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾، ولذا هم يسألونه، إذ إخفاؤه لحكم عالية لو عرفها الناس ما سألوا ولن يسألوا ولكن الجهل هو الذي ورطهم في مثل هذه الأسئلة وهذا ما دلت عليه الآية الأولى (١٨٧) أما الآية الثانية (١٨٨) فقد أمر تعالى رسوله أن يقول لأولئك السائلين عن الساعة متى وقت مجيئها ﴿لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً﴾ خيراً ولا شراً ﴿إلا ما شاء الله﴾ شيئاً من ذلك فإنه يُعينني على جلبه أو على دفعه فكيف إذاً أعلم وقت مجيء الساعة حتى تسألوني عنها ﴿ولو كنت أعلم الغيب٣﴾ كما تظنون لاستكثرت من الخيرات وما مسني السوء. وذلك أني إذا عرفت متى الخصب ومتى الجدب، ومتى الغلاء ومتى الرخاء يمكنني بسهولة أن استكثر من الخير عند وجوده، وأتوقى الشر وأدفعه قبل حصوله، يا قوم إنما أنا نذير بعواقب الشرك والمعاصي بشير بنتائج الإيمان والتوحيد والعمل الصالح فلست بإله أعلم الغيب، ووظيفتي هذه صراحة هي البشارة والنذارة ينتفع بها المؤمنون خاصة وهو معنى قوله تعالى ﴿إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون﴾.

١ ﴿أيان مرساها﴾ : مرساها مبتدأ، والخبر أيّان، وقدّم لأنه اسم استفهام له الصدارة ومعنى مرساها: مثبتها، من قولهم أرسى كذا إذا أثبته، أي: متى وقوعها.
٢ أي علم الساعة إذ إخفاء علم الساعة كان لحكم عالية لو عرفها السائلون عن الساعة ما سألوا ولكنهم لجهلهم يسألون.
٣ الغيب: قسمان، حقيقي: وهو ما استأثر الله تعالى به ومن علّمه تعالى منه شيئاً علمه. وإضافي: يعلمه بعض ويخفي عن بعض، ومن ادعى علم الغيب فقد كذّب الله ونازعه فيما استأثر به فهو بذلك كافر.

صفحة رقم 271

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مرد علم الساعة إلى الله وحده فكل مسؤول عنها غير الله ليس أعلم من السائل١.
٢- للساعة أشراط بعضها في الكتاب وبعضها في السنة وليس معنى ذلك أنه تحديد لوقتها وإنما هي مقدمات تدل على قربها فقط.
٣- استأثر الله بعلم الغيب فلا يعلم الغيب إلا الله، ومَنْ علَّمه الله شيئاً منه علم كما علم نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعض المغيبات، والمعلم بالشيء لا يقال فيه يعلم الغيب وإنما يقال علَّمه ربه غيب كذا وكذا فعلمه:
٤- إذا كان الرسول لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فكيف يطلب منه ذلك وإذ كان الرسول لا يملك فهل من دونه من العباد يملك؟ إذا عرفت هذا ظهر لك ضلال أقوام يدعون الموتى سائلين ضارعين عند قبورهم ويقولون أنهم لا يدعونهم ولكن يتوسلون بهم فقط.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (١٩٢) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣)

١ لحديث مسلم: فقد سأله جبريل عن الإسلام والإيمان والإحسان فبيّن له ذلك فصدقه جبريل وسأله عن الساعة فقال له: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل.

صفحة رقم 272
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية