
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (وَذلِكَ أنَّ أهْلَ مَكَّةَ قَالُواْ: يَا مُحَمَّدُ ألاَ يُخْبرُكَ رَبُّكَ بالسِّعْرِ الرَّخِيصِ قَبْلَ أنْ يَغْلُوا فَنَشْتَرِيهِ وَنَرْبَحُ فِيْهِ، وَبالأَرْضِ الَّتِي تُرِيدُ أنْ تُجْدِبَ فَنَرْتَحِلَ عَنْهَا إلَى مَا أخْصَبَ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ). ومعناها: قُلْ يا مُحَمَّدُ لا أقدرُ على نفعٍ أجُرُّهُ إلى نفسِي، ولا على ضُرٍّ أدفعهُ عن نفسِي إلا ما شاءَ اللهُ أنْ يُمَلِّكَني بالتمكينِ من ذلكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ ﴾؛ أي لو كنتُ أعلمُ جُدوبَةَ الأرضِ وقحطَ المطرِ لادَّخرتُ من السَّنة المخصبَةِ للسَّنة الْجَدِبَةِ.
﴿ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوۤءُ ﴾؛ الفقرُ. وَقِيْلَ: معناهُ: لو كنتُ أعلمُ متى أموتُ لبادرتُ بالأعمالِ الصالحة قبلَ اقتراب الأجَلِ، فلم أشتغِلْ بغيرِها ولا بي جنونٌ ولا آفةٌ كما يقولون. وَقِيْلَ: معناهُ: لو كنت أعلمُ متى السَّاعة لبادرتُ بالجواب عن سؤالِكم، فإنَّ المبادرةَ إلى جواب السائل تكون استكثاراً من الخيرِ وما مَسَّنِيَ التكذيبُ منكم. وقولهُ تعالى: ﴿ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ﴾؛ أي ما أنا إلا مُعَلِّمٌ بموضعِ الْمَخَافَةِ ليُتَّقى ولموضعِ الأمن ليُختَارَ.
﴿ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾؛ بالبعثِ.