آيات من القرآن الكريم

فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ

كشت] مِنْهُ [از آن سنك] اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً [دوازده چشمه] بعدد الأسباط قال الحدادي الانبجاس خروج الماء قليلا والانفجار خروجه واسعا وانما قال فانجبست لان الماء كان يخرج من الحجر فى الابتداء قليلا ثم يتسع فاجتمع فيه صفة الانجباس والانفجار قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ كل سبط عبر عنهم بذلك إيذانا بكثرة كل واحد من الأسباط مَشْرَبَهُمْ اى عينهم الخاصة بهم وكان كل سبط يشربون من عين لا يخالطهم فيها غيرهم للعصبية التي كانت بينهم قال ابن الشيخ كان فى ذلك الحجر اثنتا عشرة حفرة فكانوا إذا نزلوا وضعوا الحجر وجاء كل سبط الى حفرته فحفروا الجداول الى أهلهم فذلك قوله تعالى قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ اى موضع شربهم وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ اى جعلناها بحيث تلقى عليهم ظلها تسير فى التيه بسيرهم وتسكن بإقامتهم لتقيهم حر الشمس فى النهار وكان ينزل بالليل عمود من نار يسيرون بضوئه وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ الترنجبين قال فى القاموس المن كل طل ينزل من السماء على شجر او حجر ويحلو وينعقد عسلا ويجف جفاف الصمغ كالشير خشت والترنجبين وَالسَّلْوى قال القزويني وابن البيطار انه السمانى وقال غيرهما طائر قريب من السمانى قال فى التفسير الفارسي [مرغى بر شكل سمانى وآن طائريست در طرف يمن از كنجشك بزركتر واز كبوتر خردتر] وانما سمى سلوى لان الإنسان يسلو به عن سائر الادام وفى الحديث (أطيب اللحم لحم الطير) وفى الحديث ايضا (سيد الادام فى الدنيا والآخرة اللحم وسيد الشراب فى الدنيا والآخرة الماء وسيد الرياحين فى الدنيا والآخرة الفاغية) ويدل على كون اللحم سيد الطعام ايضا قوله ﷺ (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) قيل كان ينزل عليهم المن مثل الثلج من الفجر الى الطلوع لكل انسان صاع وتبعث الجنوب عليهم السمانى فيذبح الرجل منه ما يكفيه كُلُوا اى قلنا لهم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى مستلذاته وما موصولة كانت او موصوفة عبارة عن المن والسلوى قال فى التفسير الفارسي [از پاكيزها آنچهـ بمحض عنايت روزى كرديم شما را يعنى هر چهـ روزى ميرسد بخوريد وبراى خود ذخيره منهيد پس ايشان خلاف كرده وذخيره مى نهادند همه متعفن ومتغير ميشد] وَما ظَلَمُونا عطف على جملة محذوفة للايجاز اى فظلموا بان كفروا بتلك النعم الجليلة وما ظلمونا بذلك وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ إذ لا يتخطاهم ضرره قال الحدادي اى يضرون أنفسهم باستيجابهم عذابى وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا كلفة ولا مشقة فى الدنيا ولا حساب ولا تبعة فى العقبى وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اى واذكر لهم يا محمد وقت قوله تعالى لاسلافهم اسْكُنُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ منصوبة على المفعولية يقال سكنت الدار وقيل على الظرفية اتساعا وهى بيت المقدس او اريحاء وهى قرية الجبارين بقرب بيت المقدس وكان فيها قوم من بقية عاد يقال لهم العمالقة رأسهم عوج بن عنق وَكُلُوا مِنْها اى من مطاعمها وثمارها حَيْثُ شِئْتُمْ اى من نواحيها من غير ان يزاحمكم فيها أحد وَقُولُوا حِطَّةٌ اى مسألتنا حطة ذنوبنا عنا فعلة من الحط كالردة

صفحة رقم 262

الدنيا قالوه مبالغة فى ان الوعظ لا ينجح فيهم لا إنكارا لوعظهم ورضى بالمعصية منهم قالُوا اى الوعاظ مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ مفعول له اى نعظم معذرة اليه تعالى. والمعذرة اسم مصدر بمعنى العذر وهو بضم فسكون فى الأصل تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه بان يقول لم افعل او فعلت لاجل كذا او فعلت ولا أعود وهذا الثالث التوبة فكل توبة عذر بلا عكس وقيل المعذرة بمعنى الاعتذار يقال اعتذرت الى فلان من جرمى ويعدى بمن والمعتذر قد يكون محقا وغير محق كذا فى تاج المصادر: قال السعدي قدس سره

كر بمحشر خطاب قهر كند انبيا را چهـ جاى معذرتست
پرده از لطف كو كه بردارد كاشقيا را اميد مغفرتست
وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ عطف على معذرة اى ورجاء لان يتقوا بعض التقاة ويتركوا المعصية لان قبول الحق الواضح يرجى من العاقل واليأس لا يحصل الا بالهلاك وهذا صريح فى ان القائلين لم تعظون إلخ ليسوا من الفرقة الهالكة والا لوجب الخطاب اى ولعلكم فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ اى تركوا ما ذكرهم به صلحاؤهم ترك الناسي للشىء واعرضوا عنه إعراضا كليا بحيث لم يخطر ببالهم شىء من تلك المواعظ أصلا فيكون من ذكر المسبب وارادة السبب أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ اى خلصنا الذين ينهون عن الاصطياد وهم الفريقان المذكوران قال ابن عباس رضى الله عنهما نزل والله بالمداهن ما نزل بالمستحل وقال الحسن نجت فرقتان وهلكت فرقة وأنكر القول الذي ذكر له عن ابن عباس وقال ما هلك الا فرقة لانه ليس شىء ابلغ فى الأمر بالمعروف والوعظ من ذكر الوعيد وقد ذكرت الفرقة الثالثة الوعيد فقالت لم تعظون قوما الله مهلكهم او معذبهم عذابا شديدا وقول الحسن اقرب الى ظاهر الآية كذا فى تفسير الحدادي وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بالاعتداء ومخالفة الأمر بِعَذابٍ بَئِيسٍ اى شديد وزنا ومعنى بِما كانُوا يَفْسُقُونَ متعلق باخذنا كالباء الاولى ولا ضير فيه لاختلافهما معنى اى أخذناهم بما ذكر من العذاب بسبب تماديهم فى الفسق الذي هو الخروج عن الطاعة وهو الظلم والعدوان ايضا ولعله تعالى قد عذبهم بعذاب شديد دون الاستئصال فلم يقلعوا عما كانوا عليه بل ازدادوا فى الغى فمسخهم بعد ذلك لقوله تعالى فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ اى تمردوا وتكبروا وأبوا عن ترك ما نهوا عنه قدر المضاف إذ التكبر والإباء من نفس المنهي عنه لا يذم فهو كقوله تعالى وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ اى عن امتثال امر ربهم والعاتي هو شديد الدخول فى الفساد المتمرد الذي لا يقبل الموعظة قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ صاغرين أذلاء بعداء عن الناس. فى القاموس خسأ الكلب كمنع طرده والكلب بعد. والقردة جمع قرد بالفارسي [پوزينه] والأنثى قردة وجمعها قرد مثل قربة وقرب والمراد هو الأمر التكويني لا القولى التكليفي لانهم لا يقدرون على قلب أنفسهم قردة وتكليف العاجز غير معقول فليس ثمة قول ولا امر ولا مأمور حقيقة وانما هو تعلق قدرة وارادة بمسخهم نعوذ بالله تعالى- روى- ان اليهود أمروا باليوم الذي أمرنا به وهو يوم الجمعة فتركوه واختاروا السبت وهو المعنى بقوله تعالى إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ فابتلوا

صفحة رقم 265

به وحرم عليهم الصيد وأمروا بتعظيمه فكانت الحيتان تأتيهم يوم السبت كأنها المخاض والكباش البيض السمان تنتطح لا يرى وجه الماء لكثرتها ولا تأتيهم فى سائر الأيام فكانوا على ذلك برهة من الدهر ثم جاءهم إبليس فقال لهم انما نهيتم عن أخذها يوم السبت فاتخذوا حياضا سهلة الورود صعبة الصدور ففعلوا فجعلوا يسوقون الحيتان إليها يوم السبت فلا تقدر على الخروج ويأخذونها يوم الأحد وأخذ رجل منهم حوتا وربط فى ذنبه حيطا الى خشبة فى الساحل ثم شواه يوم الأحد فوجد جاره ريح السمك فتطلع على تنوره فقال له انى ارى الله سيعذبك فلما لم يره عذاب أخذ فى السبت القابل حوتين فلما رأوا ان العذاب لا يعاجلهم استمروا على ذلك فصادوا وأكلوا وملحوا وباعوا وكانوا نحوا من سبعين الفا فكان اهل القرية أثلاثا. ثلث استمروا على النهى. وثلث ملوا التذكير وشموه وقالوا للواعظين لم تعظون إلخ.
وثلث باشروا الخطيئة فلما لم ينتهوا قال المسلمون نحن لا نساكنكم فباعوا الدور والمساكن وخرجوا من القرية فضربوا الخيام خارجا منها او اقتسموا القرية بجدار للمسلمين باب وللمعتدين باب ولعنهم داود عليه السلام فاصبح الناهون ذات يوم فخرجوا من أبوابهم وانتشروا لمصالحهم ولم يخرج من المعتدين أحد فقالوا لعل الخمر غلبتهم أو إن لهم لشأنا من خسف او مسخ او رمى بالحجارة فعلوا الجدر فنظروا فاذا هم قردة او صار الشبان قردة والشيوخ خنازير ففتحوا الباب ودخلوا عليهم فعرفت القردة أنسابهم من الانس وهم لا يعرفونها فجعل القرد يأتى نسيبه فيشم ثيابه فيبكى ويقول له نسيبه ألم ننهكم فيقول القرد برأسه بلى ودموعهم تسيل على خدودهم ثم ماتوا عن مكث ثلاثة ايام كما قال ابن عباس رضى الله عنهما لم يعش ممسوخ قط اكثر من ثلاثة ايام وعليه الجمهور. واما قوله عليه السلام (فقدت امة من بنى إسرائيل لا يدرى ما فعلت ولا أراها الا الفأر ألا ترونها إذا وضع لها البان الإبل لم تشربها وإذا وضع لها البان غيرها شربتها) وما روى ان النبي عليه السلام اتى بضب فابى ان يأكله وقال (لا أدرى لعله من القرون التي مسخت) فالجواب عنهما ان ذلك كان قبل ان يوحى اليه ان الله لم يجعل لممسوخ نسلا فلما اوحى اليه زال عنه ذلك المتخوف وعلم ان الضب والفأر ليسا مما مسخ فعند ذلك أخبرنا بقوله ﷺ لمن سأله عن القردة والخنازير أهي مما مسخ فقال (ان الله لم يهلك قوما او يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وان القردة والخنازير كانوا قبل ذلك وثبت النصوص بأكل الضب بحضرته وعلى مائدته ولم ينكره) كذا فى حياة الحيوان وعن مجاهد وانما مسخت قلوبهم فقط وردت افهامهم كافهام القردة وهذا قول تفرد به عن جميع المسلمين يقول الفقير مسخ القلب مشترك بين عصاة جميع الأمم وعادة الله تعالى فى النبوة الاولى تعجيل عقوبة الدنيا على أقبح وجه وأفظعه ولا عقوبة أدهى من تبديل الصورة الحسنة الانسانية الى صورة اخس الحيوانات وهى صورة القردة والخنازير القبيحة نعم مسخ القلب والمعنى سبب لمسخ القالب والصورة نعوذ بالله وعن الحسن وايم الله ما حوت اخذه قوم فاكلوه أعظم عند الله من قتل رجل مسلم ولكن الله جعل ذلك موعدا والساعة أدهى وامر قال انس بن مالك عن رسول الله ﷺ انه سئل هل فى أمتك خسف (قال

صفحة رقم 266
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية