آيات من القرآن الكريم

وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ
ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ

هذا مصدر لقوله وأورثناها بني إسرائيل
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ الآيات: يحتمل هنا أن يراد بها القرآن وغيره من الكتب أو العلامات والبراهين، والصرف يراد به حدّهم عن فهمها وعن الإيمان بها عقوبة لهم على تكبرهم، وقيل: الصرف منعهم من إبطالها وَلِقاءِ الْآخِرَةِ يجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول به أي:
ولقاؤهم الآخرة، أو من إضافة المصدر إلى الظرف وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى هم بنو إسرائيل مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد غيبته في الطور مِنْ حُلِيِّهِمْ بضم الحاء والتشديد جمع حلى نحو ثدي وثدي، وقرئ «١» بكسر الحاء للإتباع، وقرئ بفتح الحاء وإسكان اللام، والحلي هو اسم ما يتزين به من الذهب والفضة جَسَداً أي جسما دون روح، وانتصابه على البدل لَهُ خُوارٌ الخوار هو: صوت البقر، وكان السامري قد قبض قبضة من تراب أثر فرس جبريل يوم قطع البحر، فقذفه في العجل فصار له خوار، وقيل: كان إبليس يدخل في جوف العجل فيصيح فيه فيسمع له خوار أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ ردّ عليهم، وإبطال لمذهبهم الفاسد في عبادته اتَّخَذُوهُ أي اتخذوه إلها، فحذف المفعول الثاني للعلم به، وكذلك حذف من قوله: واتخذ قوم موسى سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ أي ندموا يقال: سقط في يد فلان إذا عجز عما يريد أو وقع فيما يكره
أَسِفاً شديد الحزن على ما فعلوه، وقيل:
شديد الغضب كقوله: فَلَمَّا آسَفُونا [الزخرف: ٥٥] بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي أي قمتم مقامي، وفاعل بئس مضمر يفسره ما واسم المذموم محذوف، والمخاطب بذلك إما القوم الذين عبدوا العجل مع السامري حيث عبدوا غير الله في غيبة موسى عنهم، أو رؤساء بني إسرائيل كهارون عليه السلام، حيث لم يكفوا الذين عبدوا العجل أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ معناه: أعجلتم عن أمر ربكم، وهو انتظار موسى حتى يرجع من الطور، فإنهم لما رأوا أنّ الأمر قد تم ظنوا أن موسى عليه السلام قد مات فعبدوا العجل وَأَلْقَى الْأَلْواحَ طرحها لما لحقه من الدهش والضجر غضبا لله من عبادة العجل وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ أي شعر رأسه يَجُرُّهُ إِلَيْهِ لأنه ظن أنه فرّط في كف الذين عبدوا العجل ابْنَ أُمَّ كان هارون شقيق

(١). وهي قراءة حمزة والكسائي. وقرأ الباقون بالضم.

صفحة رقم 302

موسى، وإنما دعاه بأمّه، لأنه أدعى إلى العطف والحنوّ، وقرئ ابن أم بالكسر «١» على الإضافة إلى ياء المتكلم، وحذفت الياء بالفتح تشبيها بخمسة عشر جعل الاسمان اسما واحدا فبنى وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي: لا تظن أني منهم أو لا تجد عليّ في نفسك ما تجد عليهم يعني أصحاب العجل غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ أي: غضب في الآخرة وذلة في الدنيا وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أي سكن، وكذلك قرأ بعضهم، وقال الزمخشري: قوله سكت مثل كأنّ الغضب كان يقول له ألق الألواح وجرّ برأس أخيك، ثم سكت عن ذلك وَفِي نُسْخَتِها أي فيما ينسخ منها، والنسخة فعلة بمعنى مفعول لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ أي يخافون، ودخلت اللام لتقدّم المفعول كقوله: لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ [يوسف:
٤٣]، وقال المبرّد: تتعلق بمصدر تقديره رهبتهم لربهم وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ أي من قومه سَبْعِينَ رَجُلًا حملهم معه إلى الطور يسمعون كلام الله لموسى فقالوا: أرنا الله جهرة فأخذتهم الرجفة عقابا لهم على قولهم، وقيل: إنما أخذتهم الرجفة لعبادتهم العجل أو لسكوتهم على عبادته، والأوّل أرجح لقوله فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم، ويحتمل أن تكون رجفة موت أو إغماء، والأول أظهر لقوله: ثم بعثناكم من بعد موتكم لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ يحتمل أن تكون لو هنا للتمني أي تمنوا أن يكون هو وهم قد ماتوا قبل ذلك، لأنه خاف من تشغيب بني إسرائيل عليه إن رجع إليهم دون هؤلاء السبعين، ويحتمل أن يكون قال ذلك على وجه التضرع والاستسلام لأمر الله كأنه قال: لو شئت أن تهلكنا قبل ذلك لفعلت فإنا عبيدك وتحت قهرك، وأنت تفعل ما تشاء، ويحتمل أن يكون قالها على وجه التضرع والرغبة كأنه قال: لو شئت أن تهلكنا قبل اليوم لفعلت، ولكنك عافيتنا وأبقيتنا فافعل معنا الآن ما وعدتنا، وأحي هؤلاء القوم الذين أخذتهم الرجفة أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا أي أتهلكنا وتهلك سائر بني إسرائيل بما فعل السفهاء الذين طلبوا الرؤية، والذين عبدوا العجل، فمعنى هذا إدلاء بحجته، وتبرؤ من فعل السفهاء، ورغبة إلى الله أن لا يعم الجميع بالعقوبة إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أي الأمور كلها بيدك

(١). هي قراءة أهل الشام والكوفة وقرأ بالفتح: نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص.

صفحة رقم 303
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية