بِقُوَّةٍ بجد وعزيمة وَأْمُرْ قَوْمَكَ اى على طريق الندب والحث على اختيار الأفضل يَأْخُذُوا اى ليأخذوا بِأَحْسَنِها الباء زائدة فى المفعول به. الأحسن العزائم والحسن الرخص يعنى ليعلموا ان ما هو عزيمة يكون ثوابه اكثر كالجمع بين الفرائض والنوافل والصبر بالاضافة الى الانتصار وغير ذلك قال قطرب اى بحسنها وكلها حسن كقوله تعالى وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ سَأُرِيكُمْ يا بنى إسرائيل دارَ الْفاسِقِينَ دار فرعون وقومه بمصر خاوية على عروشها ومنازل عاد وثمود واضرابهم لتعتبروا فلا تفسقوا بمخالفة ما أمرتم به من العمل باحكام التوراة او ارض مصر وارض الجبابرة والعمالقة بالشام. ومعنى الاراءة الإدخال بطريق الايراث فعلى الاول يكون وعيدا وترهيبا وعلى الثاني وعدا وترغيبا وفى الآية اشارة الى ان طلب الآخرة كان احسن من طلب الدنيا كذلك طلب الله احسن من طلب الآخرة فعلى العاشق ان يختار الأحسن وقوله سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ يعنى الخارجين من طلب الآخرة فدارهم الجنة ودار الخارجين من طلب الآخرة الى طلب الله فى مقعد صدق عند مليك مقتدر: قال الحافظ
سايه طوبى ودلجويىء حور ولب حوض
بهواي سر كوى تو برفت از يادم
نيست بر لوح دلم جز الف قامت دوست
چهـ كنم حرف دكر ياد نداد استادم
سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ المراد بالآيات ما كتب فى الواح التوراة من المواعظ والاحكام وغيرها من الآيات التكوينية التي من جملتها ما وعد إراءته من دار الفاسقين ومعنى صرفهم عنها الطبع على قلوبهم بحيث لا يكادون يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها لاصرارهم على ما هم عليه من التكبر والتجبر. والمعنى ساطبع على قلوب الذين يعدون أنفسهم كبراء ويرون لهم على الخلق مزية وفضلا فلا ينتفعون بآياتى التنزيلية والتكوينية المنصوبة فى الأنفس والآفاق ولا يغتنمون بمغانم آثارها فلا تسلكوا يا بنى إسرائيل مسلكهم فتكونوا أمثالهم بِغَيْرِ الْحَقِّ صلة للتكبر اى يتكبرون بما ليس بحق وهو دينهم الباطل وظلمهم المفرط قال ابن الشيخ لما كان التكبر مؤديا الى الحرمان من الانتفاع بالآيات المذكورة وتضييعها كان المقصود من الآية تحذير بنى إسرائيل عن التكبر المفضى الى ان يصرفهم الله عن التفكر فى الآيات والاهتداء بها حتى يأخذوا احكام التوراة بجد ورغبة انتهى فالآية متصلة بقصة بنى إسرائيل ويحتمل ان تكون كلاما معترضا خلال قصتهم اخبر به رسول الله انه حرم المتكبرين من أمته فهم معانى القرآن والتدبر فيها كما قيل ابى الله تعالى ان يكرم قلوب الظالمين بتمكينهم من فهم حكمة القرآن والاطلاع على عجائبه حيفست چنين كنج در ان ويرانه وَإِنْ يَرَوْا يشاهدوا كُلَّ آيَةٍ من الآيات كانت معجزة لا يُؤْمِنُوا بِها اى كفروا بكل واحدة منها لعدم اجتلائهم إياها كما هى وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا اى لا يتوجهون الى الحق ولا يسلكون سبيله أصلا لاستيلاء الشيطنة عليهم ومطبوعيتهم على الانحراف والزيغ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا اى يختارونه لانفسهم مسلكا مستمرا لا يكادون يعدلون عنه لموافقته لاهوائهم الباطلة وافضائه بهم الى
صفحة رقم 240
المسك فلما رأى بواقيها ذلك قلن من اين هذا لكن فقلن زرنا صفى الله آدم فدعالنا ومسح على ظهورنا فمضى البواقي اليه فدعا لهن ومسح على ظهورهن فلم يظهر لهن من ذلك شىء فقالوا قد فعلنا كما فعلتم فلم نرشيأ مما حصل لكن فقالوا أنتم كان عملكم لتنالوا كما نال إخوانكم وأولئك كان عملهم لله من غير شوب فظهر ذلك فى نسلهم وعقبهم الى يوم القيامة فظهر ان الخلق لا يجزون الا ما كانوا يعملون والجزاء لا بد وان يكون من جنس العمل نسأل الله تعالى دفع الكسل ورفع الزلل وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ اى من بعد ذهابه الى الطور ومن للابتداء الغاية مِنْ للتبعيض حُلِيِّهِمْ جمع حلى كثدى وثدى وهو ما تزين به من الذهب والفضة واضافة الحلي إليهم مع انها كانت للقبط لادنى الملابسة حيث كانوا استعاروها من أربابها حين هموا بالخروج من مصر عِجْلًا مفعول أول لقوله اتخذ لانه متعدالى اثنين بمعنى التصيير والمفعول ثانى محذوف اى صيروه آلها والعجل ولد البقر وابو العجل الثور والجمع العجاجيل والأنثى عجلة سمى عجلا لاستعجال بنى إسرائيل عبادته وكانت مدة عبادتهم له أربعين يوما فعوقبوا فى التيه أربعين سنة فجعل الله تعالى كل سنة فى مقابلة يوم جَسَداً بدل من عجلا اى جثة ذادم ولحم او جسدا من ذهب لا روح معه فان الجسد اسم لجسم له لحم ودم ويطلق على جثة لا روح لها لَهُ خُوارٌ اى صوت البقر وذلك ان موسى كان وعد قومه بالانطلاق الى الجبل ثلاثين يوما فلما تأخر رجوعه قال لهم السامري رجل من قرية يقال لها سامرة وكان رجلا مطاعا من قوم موسى انكم أخذتم الحلي من آل فرعون فعاقبكم الله بتلك الجناية ومنع موسى عنكم فاجمعوا الحلي حتى أحرقها لعل الله يرد علينا موسى او سألوه آلها يعبدونه وقد كان لهم ميل الى عبادة البقر منذ مروا على العمالقة التي كانوا يعبدون تماثيل البقر وذلك بعد عبور النهر وقد مرت قصته فجعل السامر الحلي بعد جمعها فى النار وصاغ لهم من ذلك عجلا لانه كان صاغا والقى فى فمه ترابا من اثر فرس جبريل عليه السلام وكان ذلك الفرس فرس الحياة ما وضع حافره فى موضع الا اخضر وكان قد أخذ ذلك التراب عند فلق البحر او عند توجهه الى الطور فانقلب ذلك الجسد لحما ودما وظهر فيه خوار وحركة ومشى فقال السامري هذا آلهكم واله موسى فعبدوه الا اثنى عشر الفا من ستمائة الف وقيل انه جعل ذلك العجل مجوفا وجعل فى جوفه أنابيب على شكل مخصوص وكان وضع ذلك التمثال على مهب الريح فكانت الريح تدخل فى تلك الأنابيب فظهر منه صوت مخصوص يشبه خوار العجل فاهوم بنى إسرائيل انه حى يخور فزفنوا حوله اى رقصوا نقل القرطبي عن الطرشوشى انه سئل عن قوم يجتمعون فى مكان يقرأون شيأ من القرآن ثم ينشد لهم منشد شيأ من الشعر يرقصون ويطربون ويضربون بالدف والشنانير هل الحضور معهم حلال أو لا قال مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة وما الإسلام الا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واما الرقص والتواجد فاول من أحدثه اصحاب السامري فلما اتخذوا عجلا جسدا له خوار قاموا يرقصون حوله ويتواجدون فهو دين الكفار وعباد العجل وانما كان يجلس النبي عليه السلام مع أصحابه كأنما على رؤسهم الطير من الوقار فينبغى للسلطان ونوابه ان يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها ولا يحل لاحد
صفحة رقم 242
يؤمن بالله واليوم الآخر ان يحضر معهم ولا يعينهم على باطلهم هذا مذهب مالك والشافعي وابى حنيفة واحمد وغيرهم من ائمة المسلمين كذا فى حياة الحيوان قال فى نصاب الاحتساب هل يجوز له الرقص فى السماع الجواب لا يجوز ذكر فى الذخيرة انه كبيرة ومن اباحه من المشايخ فذلك للذى صارت حركاته كحركات المرتعش وهل يجوز السماع الجواب ان كان السماع سماع القرآن او الموعظة يجوز وان كان السماع الغناء فهو حرام لان التغني واستماع الغناء حرام ومن اباحه من مشايخ الصوفية فلمن تخلى عن الهوى وتحلى بالتقوى واحتاج الى ذلك احتياج المريض الى الدواء وله شرائط. احداها ان لا يكون فيهم امرد. والثانية ان لا يكون جمعيتهم الا من جنسهم ليس فيهم
فاسق ولا اهل دنيا ولا امرأة. والثالثة ان يكون نية القوال الإخلاص لا أخذ الاجرة والطعام. والرابعة ان لا يجتمعوا لاجل طعام او نظر الى فتوح والخامسة لا يقومون الا مغلوبين. والسادسة لا يظهرون الوجد الا صادقين قال الشيخ عمر ابن الفارض فى القصيدة الموسومة بنظم الدر
إذ هام شوقا بالمناغى وهمّ ان
يطير الى أوطانه الاولية
يسكن بالتحريك وهو بمهده
إذا ناله أيدي المربى بهزة
قال الامام القاشاني فى شرحه إذا هام الولي واضطرب شوقا الى مركزه الأصلي ووطنه الاولى بسبب مناغاة المناغى وهم طائر روحه الى ان يطير الى عشه ووكره الاولى تهزه أيدي من يربيه فى المهد فيسكن بسبب التحريك من قلقه وهمه بالطيران والمقصود من إيراد هذا المعنى ان يشير الى فائدة الرقص والحركة فى السماع وذلك ان روح السامع يهم عند السماع ان يرجع الى وطنه المألوف ويفارق النفس والقالب فتحركه يدالحال وتسكنه عما يهم به بسبب التحريك الى حلول الاجل المعلوم وذلك تقدير العزيز العليم انتهى: قال السعدي قدس سره
مكن عيب درويش مدهوش ومست
كه غرقست از آن مى زند پاودست
نكويم سماع اى برادر كه چيست
مكر مستمع را بدانم كه كيست
كر از برج معنى پرد طير او
فرشته فرو ماند از سير او
اگر مرد بازي ولهوست ولاغ
قوى تر شود ديوش اندر دماغ
چهـ مرد سماعست شهوت پرست
بآواز خوش خفته خيزد نه مست
قال السروري [چون سماع آواز خوش سبب حركت شد حركت را سماع كفتند] بطريق تسمية المسبب باسم السبب [و چون كسى آوازى خوش شنود درو حالتى پيدا شود اين حالت را وجد كويند] : وفى المثنوى
پس غداى عاشقان آمد سماع
كه در او باشد خيال واجتماع
قوتى كيرد خيالات ضمير
بلكه صورت كردد از بانك صفير
واعلم ان الرقص والسماع حال المتلون لا حال المتمكن ولذا تاب سيد الطائفة الجنيد البغدادي قدس سره عن السماع فى زمانه فمن الناس من هو متواجد ومنهم من هو اهل وجد ومنهم من هو اهل وجود. فالاول المبتدى الذي له انجذاب ضعيف. والثاني المتوسط الذي له انجذاب قوى. والثالث
صفحة رقم 243
المنتهى الذي له انجذاب قوى وهو مستغن عن الدوران الصوري بالدوران المعنوي بخلاف الأولين ولا بد من العشق فى القلب والصدق فى الحركة حتى يصح الدوران والعلماء وان اختلفوا فى ذلك فمن مثبت ومن ناف لكن الناس متفاوتون والجواز للاهل المستجمع لشرائطه لا لغيره قال حضرة الشيخ افتاده افندى قدس سره ليس فى طريقتنا رقص ولا فى طريق الشيخ الحاج بيرام ولى ايضا لان الرقص والأصوات كلها انما وضع لدفع الخواطر ولا شىء فى دفعها أشد تأثير أمن التوحيد ونبينا عليه الصلاة والسلام لم يلقن الا التوحيد- ذكر- ان عليا قال يوما لا أجد لذة العبادة يا رسول الله فلقنه التوحيد ووصاه ان لا يكلم أحدا بما ظهر له من آثار التوحيد فلما امتلأ باطنه من أنوار التوحيد واضطر الى التكلم جاء الى بئر فتكلم فيها فنبت منها قصب فأخذه راع وعمل منه المزمار وكان ذلك مبدأ لعلم الموسيقى وقال وقد يقال ان رجلا يقال له عبد المؤمن سمع صوت الافلاك فى دورها فأخذ منه العلم الموسيقى ولذلك كان أصله اثنى عشر على عدد البروج ولكن صداها على طرز واحد فالانسان لقابليته الحق به زيادات كذا فى الواقعات المحمودية فقد عرفت من هذا البيان انه ليس فى الطريقة الجلوتية بالجيم دور ورقص بل توحيد وذكر قياما وقعودا بشرائط وآداب وانما يفعله الخلوتية بالخاء المعجمة ما يتوارثون من أكابر اهل الله تعالى لكن انما يقبل منهم ويمدح إذا قارن شرائطه وآدابه كما سبق والا يرد ويذم وقد وجدنا فى زماننا اكثر المجالس الدورية على خلاف موضوعها فالعاقل يختار الطريق الأسلم ويجتنب عن القيل والقال وينظر الى قولهم لكل زمان رجال ولكل رجال مقام وحال قال الشيخ ابو العباس من كان من فقراء هذا الزمان آكلا لاموال الظلمة مؤثرا للسماع ففيه نزغة يهودية قال الله تعالى سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ وقال الحاتمي السماع فى هذا الزمان لا يقول به مسلم ولا يفتدى بشيخ يعمل السماع وقد عرفت وشاهدت فى هذا الزمان ان المجالس الدورية يحضرها المرادان الملاح والنساء وحضورهم آفة عظيمة فانهم والاختلاط بهم والصحبة معهم كالسم القاتل ولا شىء اسرع إهلاكا للمرء فى دينه من صحبتهم فانهم حبائل الشيطان ونعوذ بالله من المكر بعد الكرم ومن الحور بعد الكور انه هو الهادي الى طريق وصاله وكاشف القناء عن ذاته وجماله والمواصل الى كماله بعد جماله وجلاله وهو الصاحب والرفيق فى كل طريق أَلَمْ يَرَوْا [آيا نديدند ونداستند أَنَّهُ اى العجل لا يُكَلِّمُهُمْ اى ليس فيه شىء من احكام الالوهية حيث لا يقدر على كلام ولا امر ولا نهى وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اى ولا يرشدهم طريقا الى خير ليأتوه ولا الى شر لينتهوا عنه اتَّخَذُوهُ آلها ولو كان آلها لكلمهم وهداهم لان الإله لا يهمل عباده قوله اتخذوه تكرير للذم اى اتخذوه آلها وحسبوا انه خالق الأجسام والقوى والقدر وَكانُوا ظالِمِينَ اى واضعين الأشياء فى غير موضعها فلم يكن اتخاذ العجل بدعا منهم وفى التفسير الفارسي [در لطائف قشيرى مذكورست كه چهـ دورست ميان أمتي كه مصنوع خود را پرستند وأمتي كه عبادت صانع خود كنند]