آيات من القرآن الكريم

يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ
ﮚﮛﮜﮝ

١١٢ - قوله تعالى: ﴿يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾، وقرئ (١) ﴿سَحَّار﴾؛ فمن قرأ ﴿سَاحِرٍ﴾ فحجته قوله: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ﴾ [طه: ٧٠] ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ﴾ [الشعراء: ٤٠]، والسحرة جمع ساحر مثل كاتب وكتبه، وفاجر وفجرة، ومن حجته أيضًا (٢) قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١١٦]، واسم الفاعل من سحروا ساحر، ومن قرأ ﴿سَحَّار﴾ فحجته أنه قد وصف بـ (عليم) ووصفه به يدل على تناهيه فيه وحذقه به؛ فحسن لذلك أن يذكر بالاسم (٣) الدال على المبالغة في السحر (٤).
١١٣ - قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ﴾ الآية. في الكلام محذوف يدل عليه باقي الكلام وهو: فأرسل وجاء السحرة، ولا يجوز أن يتأول على أنهم تسامعوا، وجاءوا من غير أن يرسل؛ لأنه خلاف ظاهر الكلام والقصة (٥).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا﴾ قال ابن عباس: (يريد: المال

(١) قرأ حمزة والكسائي: (سَحَّار) على وزن فعال بتشديد الحاء وألف بعدها، وقرأ الباقون: ﴿سَاحِرٍ﴾ على وزن فاعل بتخفيف الحاء وكسرها وألف قبلها. انظر: "السبعة" ص ٢٨٩، و"المبسوط" ص ١٨٣، و"التذكرة" ٢/ ٤٢٢، و"التيسير" ص ١١٢، و"النشر" ٢/ ٢٧٠.
(٢) لفظ: (أيضاً) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): (أن يذكر الاسم).
(٤) ما تقدم هو قول أبي علي في "الحجة" ٤/ ٦٤، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٤١٦، و"إعراب القراءات" ١/ ١٩٩، و"الحجة" لابن خالويه ص١٦٠، ولابن زنجلة ص ٢٩١، و"الكشف" ١/ ٤٧١.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" ٩/ ١٨.

صفحة رقم 274

والجوائز) (١)، ولم يقل: فقالوا (٢) لأن المعنى: لما جاءوا قالوا، فلم يصح دخول الفاء على هذا الوجه.
وقرأ ابن كثير ونافع (٣): ﴿إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا﴾ مكسورة الألف على الخبر، والاستفهام أحسن في هذا الموضع؛ لأنهم يستعملون (٤) عن الأجر وليس يقطعون على أن لهم الأجر. ويقوي ذلك إجماعهم في الشعراء (٥) على الهمز للاستفهام، وحجة ابن كثير ونافع أنهما أرادا همزة الاستفهام ولكنهما حذفا ذلك من اللفظ، وكثيراً ما تحذف همزة الاستفهام من اللفظ، وهي ثابتة في المعنى كقوله: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾ [الشعراء: ٢٢]، فذهب (٦) كثير من الناس إلى أن معناه: (أو تلك) الاستفهام (٧) وقد جاء

(١) في "تنوير المقباس" ٢/ ١١٧: (أي: هدية تعطينا) اهـ.
(٢) ذكره السمين في "الدر" ٥/ ٤١٣ - ٤١٤، عن الزمخشري ثم قال: (وهذا قد سبقه إليه الواحدي والأظهر أن الجملة لا محل لها من الإعراب؛ لأنها استئناف جواب لسؤال مقدر ولذلك لم تعطف بالفاء) اهـ، وانظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٣١، و"الكشاف" ٢/ ١٠٢.
(٣) قرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم ﴿إِنَّ لَنَا﴾ بهمزة واحدة مكسورة على لفظ الخبر، وقرأ أبو عمرو بهمزة ممدودة والباقون بهمزتين على الاستفهام. انظر: "السبعة" ص ٢٨٩، و"المبسوط" ص ١٨٣، و"التذكرة" ١/ ١٥٢ - ١٥٤، و"التيسير" ص ١١٢، و"النشر" ١/ ٣٧٢.
(٤) كذا في النسخ: (يستعملون)، ولعلها: (يستعلمون أو يسألون).
(٥) آية الشعراء هي قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء: ٤١].
(٦) في (ب): (يذهب).
(٧) انظر: "معاني الأخفش" ٢/ ٤٢٦، و"معاني الزجاج" ٤/ ٨٦ - ٨٧، و"تفسير الطبري" ١٩/ ٦٨ - ٦٩، و"إعراب النحاس" ٢/ ٤٨٤، ٤٨٥، قال الأخفش: =

صفحة رقم 275
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية