آيات من القرآن الكريم

وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
ﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ ﰿ

والنصب من جهتين كما وصفنا في عبد، ويجوز أن يكون النصبُ من جهتين: إِحداهما على وجعل منهم عَبْدَ الطاغوتِ ويجوز أن يكون منصوباً عاد الذم، على أعني عبدَ الطاغوت،. ويجوز في وعَبْد وعَبُد وعُبُد الجر على البَدَل من " من " ويكون المعنى: هل أُنَبِّئُكُمْ بمَنْ لعنه الله وعَبدِ الطاغوت.
ولا يجوز القراءَة بشيء من هذه الأوجه إِلا بالثلاثة التي رُوَيتْ وقرأ بها القراء وهي عَبَدَ الطَاغُوتَ. وهي أجودها، ثم وعَبُدَ الطاغُوتِ ثم وعُبُدَ الطاغوتِ.
وقوله: (أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ).
أي هُؤلاءِ الذين هذه صَفْتهم (شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ).
أي عن قصد السبيل، و " مكاناً " منصوب على التفسير.
* * *
وقوله: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)
وهم علَماؤهم ورؤساؤهم.
والحَبْر " العالِمُ، والحِبْرُ المِدَادُ بالكسرِ، فأعلم اللَّه أن رؤساءَهم وسِفْلتَهمْ
مُشْترِكون في الكفر.
ومعنى: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ): هلَّا ينهاهم، ثم أخبَرَ عَزَّ وجلَّ بعظيم
فِريتهم فقال:
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (٦٤)
أَي: قالوا يده مُمْسِكة عن الاتساع علينَا. كما قال الله جَلَّ وعزَّ
(وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) تَأويله لا تمسِكها عنِ الِإنفاق
قال بعضهم: معنى (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) نعْمَتُه مقبوضة عَنَّا، وهذا القول خطأ ينقضُه: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ).
فيكون المعنى: بلْ نِعْمَتَاهُ مبسُوطتانِ، نِعَمُ اللَّهِ أكثرُ مِن أن تُحصى.

صفحة رقم 189

وقال بعضهم: وقالوا يَدُ اللَّهِ مغْلُولة عَنْ أعدائنا، أي لا يُعذَبُنا.
وقال بعض اهل اللغة إنَّما أجِيبُوا على قَدْرِ كَلَامِهِمْ. كما قالُوا يدُ الله مغْلُولة، يريدون به تبخيل اللَّه.
فقيل: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ). أي هو جَوَاد (يُنْفِق كَيْفَ يشَاءُ) ومعنى (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) أي جُعِلُوا بُخَلَاءَ. فهُم أبخَلُ قَوْم
وَقيلَ (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) أي غُلتْ فِي نَارِ
جُهَنم.
وقوله: (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا).
أي كلما نزل عليك شيء من القرآن كفروا به فيزِيدُ كفرهم والطغيان
الغُلو والكفر هَهُنَاكَ.
وقوله: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) جعلهم اللَّه
مختلفين في دينهم متباغضين، كما قال: (تحسَبُهم جميعاً وقُلُوبُهُمْ شتَّى)
فألقى اللَّهُ بينهم العداوة، وهي أحدُ الأسباب التي أذهب الله بها جَدَّهم
وشَوْكَتَهُمْ.
وقوله: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ).
هذا مثل أي كلما جمعوا على النبي والمسلمين وأعدوا لحِربِهم فرق
اللَّه جمعهم وأفْسد ذات بينِهمْ.
وقوله: (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا).

صفحة رقم 190
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
الناشر
عالم الكتب - بيروت
سنة النشر
1408
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
ألفاظ القرآن
اللغة
العربية