
{وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم
صفحة رقم 50
لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون} قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: أي مقبوضة عن العطاء على جهة البخل، قاله ابن عباس وقتادة. والثاني: مقبوضة عن عذابهم، قاله الحسن. قال الكلبي ومقاتل: القائل لذلك فنحاس وأصحابه من يهود بني قينقاع. ﴿غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه قال ذلك إلزاماً لهم البخل على مطابقة الكلام، قاله الزجاج. والثاني: أن معناه غلت أيديهم في جهنم على وجه الحقيقة، قاله الحسن. ﴿وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ﴾ قال الكلبي: يعني يعذبهم بالجزية. ويحتمل أن يكون لَعْنُهم هو طردهم حين أجلوا من ديارهم. ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ فيه أربعة تأويلات: أحدها: أن اليدين ها هنا النعمة من قولهم لفلان عندي يد أي نعمة، ومعناه بل نعمتاه مبسوطتان، نعمة الدين، ونعمة الدنيا. والثاني: اليد ها هنا القوة كقوله تعالى: ﴿أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ﴾ [ص: ٤٥] ومعناه بل قوتان بالثواب والعقاب. والثالث: أن اليد ها هنا الملك من قولهم فى مملوك الرجل هو: ملك يمينه، ومعناه ملك الدنيا والآخرة. والرابع: أن التثنية للمبالغة فى صفة النعمة كما تقول العرب لبيك وسعديك، وكقول الأعشى:
صفحة رقم 51
(يداك يدا مجد فكف مفيدة | وكف إذا ما ضنَّ بالزاد تنفق) |

﴿مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ﴾ فيه تأويلان: أحدهما: مقتصدة على أمر الله تعالى، قاله قتادة. الثاني: عادلة، قاله الكلبي.
صفحة رقم 53