
للحكمين والثاني للزوجين يعنى ان قصد الحكمان «١» إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة، أوقع الله بحسن سعيهما بين الزوجين الوفاق والالفة وجاز ان يكون المراد بالإصلاح ما هو اعمّ من الوفاق والفراق يعنى ان أراد اما هو الأصلح من ابقاء النكاح او إيقاع الطلاق يوفق الله بينهما ذلك الأصلح او الضمير ان للحكمين يعنى ان قصد الإصلاح ونصر المظلوم ولم يكن ارادة أحدهما اعانة قريبة على الباطل يوفق الله بينهما فيتفقان على الكلمة الواحدة حتى يتم المراد او الضميران للزوجين يعنى ان يريد الزوجان إصلاح ما بينهما او طلبا ما هو الأصلح القى الله بينهما الالفة او وفقهما الله بما هو الأصلح وفيه تنبيه على ان من أصلح نيته فيما يفعل أصلح الله عاقبة امره إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً بما فى الضمائر وبعواقب الأمور خَبِيراً (٣٥) بالظالم من الزوجين فيجازيه-.
وَاعْبُدُوا اللَّهَ فى الصحاح العبودية اظهار التذلل والعبادة ابلغ منها لانها غاية التذلل ولا يستحقها الا من له غاية العظمة ونهاية الإفضال قلت ولهذا نهى عن الإشراك به تعالى فى العبادة وقال وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً منصوب على المفعولية والتنوين للتحقير وفيه توبيخ اى لا تشركوا به حقيرا مع عدم تناهى كبريائه إذ كل ممكن بالنسبة الى الواجب حقير جدّا او على المصدرية يعنى لا تشركوا به شيئا من الإشراك خفيا ولا جليا والعبادة ضربان عبادة بالتسخير لا يمكن لشىء من الممكنات الاستنكاف عنها وعبادة بالاختيار وهو المأمور به فى الآية والمراد به امتثال أوامره والانتهاء عما نهى عنه قال الصوفية العلية العبادة عبارة عن جعل العبد نفسه عديم الارادة والاختيار كالميّت بين يدى الغسّال فى امتثال أوامره ونواهيه راضيا بما قضى فيه حتى يكون فى أوامره التكليفية والتكوينية على انهج واحد قال الله تعالى وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ، عن معاذ بن جبل قال كنت رديف النبي ﷺ فقال يا معاذ هل تدرى ما حق الله على العباد قال قلته ورسوله اعمل قال حقه عليهم ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا اتدرى يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك قال قلت الله ورسوله اعلم قال فانّ حق الناس على الله ان لا يعذبهم قال قلت يا رسول الله الا ابشر الناس قال دعهم يعملون رواه البغوي وفى الصحيحين نحوه قلت وعند الصوفية معنى لا يعذبهم ان لا يعذبهم بعذاب الهجر والفراق وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً يعنى أحسنوا بهما إحسانا،

عن معاذ قال أوصاني رسول الله ﷺ بعشر كلمات قال لا تشرك بالله وان قتلت او حرقت ولا تعقن والديك وان امراك ان تخرج من أهلك ومالك الحديث رواه احمد وَبِذِي الْقُرْبى مصدر بمعنى القرابة يعنى أحسنوا بذي القرابة عن سلمان بن عامر قال قال رسول الله ﷺ الصدقة على المسكين صدقة وهى على ذى الرحم صدقة وصلة رواه احمد والنسائي وابن حبان والحاكم والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن خزيمة وصححه ولفظه وعلى القريب صدقتان صدقة وصلة وبهذه الاية يظهر وجوب نفقة الوالدين والأقارب لكن يشترط ان يكون غنيا لقوله تعالى يسئلونك ماذا ينفقون قل العفو يعنى الفاضل عن حاجته وقال عليه السلام خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول رواه البخاري عن ابى هريرة وحكيم ومسلم عن حكيم ويشترط لوجوب نفقة الأقارب غير الوالدين كونه عاجزا عن الكسب بان يكون صغيرا او زمنا او امراة ولا يشترط ذلك فى الوالدين وجه الوجوب انه ليس من الإحسان ان يكون هو غنيا ويموت قريبه جوعا وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ والإحسان الواجب فى هؤلاء ان يؤتيهم زكوة ماله وما زاد على ذلك فمستحبّ عن سهل بن سعد قال قال رسول الله ﷺ انا وكافل اليتيم فى الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا رواه البخاري وعن ابى امامة عن النبي ﷺ قال من مسح رأس يتيم لم يمسحه الا لله كان له بكل شعر تمرّ عليها يده عشر حسنات ومن احسن الى يتيمة او يتيم عنده كنت انا وهو فى الجنة كهأتين وفرق بين إصبعيه رواه البغوي وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى يعنى الجار الذي قرب جواره او يكون جارا وذا قرابة فى النسب او فى الدين وَالْجارِ الْجُنُبِ يعنى الجار الذي بعد جواره او يكون جارا بلا قرابة وبلا اشتراك فى الدين عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ﷺ الجيران ثلاثة فجادله ثلاثة حقوق حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام وجارله حقان حق الجوار وحق الإسلام وجادله حق واحد حق الجوار وهو المشرك من اهل الكتاب رواه الحسن بن سفيان والبزار فى مسنديهما وابو الشيخ فى كتاب الثواب وابو نعيم فى الحلية وروى ابن عدى فى الكامل من حديث عبد الله بن عمر ونحوه والحديثان كلاهما ضعيفان وعن عائشة قالت يا رسول الله انّ لى جارين فالى أيهما اهدى قال الى أقربهما منك بابا رواه البخاري وعن ابى ذر قال قال النبي ﷺ إذا طبخت عرقة......
صفحة رقم 103
فاكثر مائها وتعاهد جيرانك رواه مسلم وعن ابن عمر قال قال رسول الله ﷺ ما زال جبرئيل يوصينى بالجار حتى ظننت انه سيورثه رواه البخاري وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة هو الرفيق فى السفر وقال ابن جريح وابن زيد الذي يصحبك رجاء نفعك فيشتمل التلميذ وتلميذ استاده وقال على وعبد الله وابراهيم النخعي هو المرأة تكون مع جنبه وَابْنِ السَّبِيلِ قيل هو المسافر والأكثرون على انه الضيف عن ابى شريح الخزاعي ان النبىّ ﷺ قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليحسن الى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت رواه البغوي وفى الصحيحين عن ابى شريح الكعبي ان رسول الله ﷺ قال من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة والضيافة ثلاثة ايام فما بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له ان يثوى عنده حتى يحرجه وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت متفق عليه وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ اى العبيد والإماء، قلت ويدخل فيه البهائم ايضا، عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته وان لا يكلف من العمل ما لا يطيق رواه مسلم وعن ابى ذر قال قال رسول الله ﷺ إخوانكم جعلهم الله تحت ايديكم فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه ممّا يلبس ولا يكلف من العمل ما يغلبه فان كلفه ما يغلبه فليعنه عليه متفق عليه وعن ابى هريرة قال قال رسول الله ﷺ إذا صنع لاحدكم خادمه طعامه وقد ولى حره ودخانه فليقعده معه وليأكل فان كان الطعام مشفوها قليلا فليضع به فى يده منه أكلة او اكلتين رواه مسلم وعن ابى مسعود الأنصاري قال كنت اضرب غلاما لى فسمعت من خلفى صوتا اعلم أبا مسعود لله اقدر عليك منك عليه فالتفت فاذا هو رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله هو حرّ لوجه الله تعالى فقال اما لو لم تفعل للفحتك النار او لمسّنتك النار رواه مسلم وعن أم سلمة عن النبي ﷺ انه كان يقول فى مرضه الصّلوة وما ملكت ايمانكم رواه البيهقي فى شعب الايمان وروى احمد وابو داؤد عن علي نحوه وعن جابر عن النبي ﷺ قال ثلاث من كن فيه يسر الله حقه وادخله الجنة......