آيات من القرآن الكريم

۞ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿واعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا﴾ روى عَن معَاذ أَنه قَالَ: " كنت رَدِيف رَسُول الله، فَقَالَ لي: يَا معَاذ. فَقلت: لبيْك وَسَعْديك. فَقَالَ: أَتَدْرِي مَا حق الله على الْعباد؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. فَقَالَ: حق الله على الْعباد: أَن يعبدوه، وَلَا يشركوا بِهِ شَيْئا، ثمَّ قَالَ: يَا معَاذ، قلت: لبيْك وَسَعْديك، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حق الْعباد على الله؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم. فَقَالَ: حق الْعباد على الله إِذا فعلوا ذَلِك أَن يدخلهم الْجنَّة، وَلَا يعذبهم ".
﴿وبالوالدين إحسانا﴾ أَي: وأحسنوا بالوالدين إحسانا، وَمن الْإِحْسَان بالوالدين: لين الْجَانِب، وَألا يرفع صَوته فَوق صوتهما، وَلَا يجبهُ بِالرَّدِّ، وَيكون لَهما كَالْعَبْدِ الذَّلِيل لسَيِّده ﴿وبذي الْقُرْبَى﴾ أَي: أَحْسنُوا بِذِي الْقُرْبَى {واليتامى وَالْمَسَاكِين

صفحة رقم 425

﴿أَيْمَانكُم إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالا فخورا (٣٦) الَّذين يَبْخلُونَ ويأمرون النَّاس بالبخل ويكتمون مَا آتَاهُم الله من فَضله واعتدنا للْكَافِرِينَ عذَابا مهينا (٣٧) وَالَّذين يُنْفقُونَ أَمْوَالهم﴾ ﴿وَالْجَار ذِي الْقُرْبَى﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: انه الْجَار الَّذِي لَهُ قرَابَة. وَالثَّانِي: أَنه الْجَار الَّذِي بِقرب دَاره، وَهُوَ الملاصق، ﴿وَالْجَار الْجنب﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه الْجَار الْغَرِيب الْأَجْنَبِيّ، وَالثَّانِي: أَنه الْجَار الَّذِي يبعد دَاره.
وَقد ورد فِي حق الْجَار أَخْبَار، مِنْهَا: مَا روى عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " مَا زَالَ جِبْرِيل يوصيني بالجار، حَتَّى ظَنَنْت أَنه سيورثه " وَقَالَ: " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَلَا يؤذ جَاره "، وَقَالَ لمناديه حَتَّى نَادَى: " أَلا إِن الْجِيرَان أَرْبَعُونَ دَارا، وَلم يُؤمن بِاللَّه من آذَى جَاره ".
وَقَالَت عَائِشَة لرَسُول الله: " إِن لي جارين، فَإلَى أَيهمَا أهدي؟ فَقَالَ: إِلَى أقربهما بَابا " فَحق الْجَار الْقَرِيب الْمُسلم ثَلَاثَة حُقُوق: حق الْقَرَابَة، وَحقّ الْإِسْلَام، وَحقّ الْجوَار، وللجار الْغَرِيب الْمُسلم حقان: حق الْإِسْلَام، وَحقّ الْجوَار، وللجار الذِّمِّيّ حق وَاحِد، وَهُوَ حق الْجوَار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿والصاحب بالجنب﴾ قَالَ عَليّ، وَابْن مَسْعُود: هِيَ الْمَرْأَة، وَقَالَ الْحسن، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَجَمَاعَة: هُوَ الرفيق فِي السّفر، ﴿وَابْن السَّبِيل﴾ فِيهِ

صفحة رقم 426

﴿رئاء النَّاس وَلَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَمن يكن الشَّيْطَان لَهُ قرينا فسَاء قرينا (٣٨) ﴾ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه الملازم للطريق، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَقَالَ غَيره: هُوَ الضَّيْف، وَقَالَ " من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فَليُكرم ضَيفه " وَقَالَ " الضِّيَافَة ثَلَاثَة أَيَّام، فَمَا زَاد فَهُوَ صَدَقَة ".
﴿وَمَا ملكت أَيْمَانكُم﴾ يَعْنِي: أَحْسنُوا إِلَى المماليك، وَآخر مَا حفظ عَن رَسُول الله أَنه قَالَ: " الصَّلَاة، وَمَا ملكت أَيْمَانكُم " أَي: الزموا الصَّلَاة، وَحقّ مَا ملكت أَيْمَانكُم.
﴿إِن الله لَا يحب من كَانَ مختالا فخورا﴾ المختال: المتكبر، والفخور: الَّذِي يفخر بِنَفسِهِ تكبرا، قَالَ الشَّاعِر:

(وَإِن كنت سيدنَا سدتنا وَإِن كنت للخال فَاذْهَبْ فَخَل)
يعْنى: إِن كنت للخيلاء فَاذْهَبْ فَخَل، فَإِن قيل: أَي معنى لهَذَا بعد هَذِه الْأَحْكَام؟ قيل: لِأَن الْآدَمِيّ قد يقصر فِي أَدَاء الْحُقُوق تكبرا؛ فَنهى عَنهُ، وَفِي الْخَبَر: " أَن رجلا كَانَ يتبختر فِي حلَّة لَهُ، فَخسفَ الله بِهِ الأَرْض، فَهُوَ يتجلجل فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".

صفحة رقم 427
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية