
﴿تُرْجِى مَن تَشَاء مِنْهُنَّ﴾ أيْ تُؤخِّرها وتتركُ مضاجعتَها ﴿وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَن تَشَاء﴾ وتضمُّ إليكَ مَن تشاءُ منهنَّ وتُضاجعها أو تطلِّق مَن تشاءُ منهنّ وتُمسك من تشاء وقرئ ترجئ بالهمزةِ والمعنى واحدٌ ﴿وَمَنِ ابتغيت﴾ أي طلبتَ ﴿مِمَّنْ عزلت﴾ طلقت بالرجعية ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ﴾ في شئ مَّما ذُكر وهذه قسمةٌ جامعةٌ لما هو الغرضُ لأنَّه إمَّا أنْ يطلِّقَ أو يمسكَ فإذا أمسكَ ضاجعَ أو تركَ وقسمَ أو لم يقسم وإذا طلِّق فإمَّا أنْ يخلِّيَ المعزولةَ أو يبتغيَها ورُوي أنَّه أَرْجى منهنَّ سَوْدةَ وجُويريةَ وصفيَّةَ وميمُونةَ وأمَّ حبيبةٍ فكانَ يقسمُ لهنَّ ما شاءَ كما شاءَ وكانتْ ممَّا آوى إليهِ عائشةُ وحفصةُ وأمُّ سلمةٍ وزينبُ وأرجَى خمْساً وآوى أربعاً ورُوي أنَّه كان يُسوِّي بينهنَّ مع ما أُطلق له وخُيِّر إلا سودَة فإنَّها وهبتْ ليلتَها لعائشة رضى الله عنهن وقالتْ لا تُطلِّقْني حَتَّى أُحشرَ في زُمرةِ نسائكِ ﴿ذلك﴾ أي ما ذكر من تفويضِ الأمرِ إلى مشيئتِك ﴿أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بما آتيتهن كُلُّهُنَّ﴾ أي أقربُ إلى قُرَّةِ عُيونهنَّ ورضاهنَّ جميعاً لأنَّه حكمٌ كلُّهنَّ فيهِ سواءٌ ثمَّ إنْ سَوَّيتَ بينهنَّ وجدنَ ذلكَ تفضُّلاً منكَ وإنْ رجَّحت بعضهنَّ علمن
صفحة رقم 110
الاحزاب ٥٢ أنَّه بحكمِ الله فتطمئنَّ به نفوسهن وقرئ تُقِرَّ بضمِّ التَّاءِ ونصب أعينهنَّ وتُقَرُّ على البناءِ للمفعول وكلهنَّ تأكيدٌ لنونِ يرضينَ وقرى بالنَّصبِ على أنَّه تأكيدٌ لهنَّ ﴿والله يَعْلَمُ مَا فِى قُلُوبِكُمْ﴾ من الضَّمائرِ والخواطرِ فاجتهدُوا في إحسانِها ﴿وَكَانَ الله عَلِيماً﴾ مُبالغاً في العلمِ فيعلمُ كلَّ ما تُبدونَهُ وتُخفونَهُ ﴿حَلِيماً﴾ لا يُعاجلُ بالعقوبةِ فلا تغترُّوا بتأخيرِها فإنَّه إمهالٌ لا إهمالٌ
صفحة رقم 111